محمدُّو أحمدُّو با.. مؤرخ الضفة الذي كتب عن تاريخ آدرار / سيدي أحمد ولد الأمير

ثلاثاء, 01/26/2021 - 06:14

 

سألت مرة أستاذي الدبلوماسي والباحث محمد سعيد ولد همدي رحمه الله: من أينَ لمحمدُّو بَا، وهو ابن الضفة، كل هذه المعلومات الدقيقة والنادرة عن تاريخ منطقة آدرار وإمارتها العريقة؟ فقال لي بالحسانية: "ذاك التكروري أبَيْظَنْ مني أنا وأبَيْظَنْ منكَ أنتِ"، أي أن هذا التكولوري أدرى بالثقافة الحسانية مني أنا وأدرى بها منك أنت. فعلا كان محمدُّو بَا عارفا باللغة الحسانية ضليعا في ثقافتها خبيرا بتاريخ ناطقيها، وكانت له علاقات واسعة، خلال عمره الذي لم يتجاوز 65 سنة، بالعديد من أعيان البلد ممن عاصرهم في النصف الأول من القرن العشرين.

ترك محمدُّو بَا تراثا تاريخيا مفيدا حول منطقة آدرار وحول منطقة الساحل وهو تراث لا يمكن الاستغناء عنه بالنسبة للمهتمين بتراث هذا البلد، فقد كان ترجمانا بأطار عشرين سنة دون انقطاع (من 1916 إلى 1936)، فعرف ساكنة آدرار وعايشهم وأحبهم وأحبوه، وبحث عن تاريخ المنطقة وأخذ معلوماته عن كبار السن وضبط رواياتهم، وتقصى في البحث وتعمق في التقصي، فجمع لنا رحمه الله في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين بحوثا نادرة ومفيدة عن إمارة آدرار وعن غيرها الكثير من الأخبار والوقائع والحوادث.

أسرة محمدُّو أحمدُّو با ودراسته:

ولد محمدُّو أحمدُّ با سنة 1893 في نيورو بمالي؛ حيث كانت أسرته المنحدرة من منطقة بوصيابه بفوتا تورو قد هاجرت من كيهيدي إلى هنالك مناصَرةً للحاج عمر الفوتي وتأييدًا لحركته الجهادية في منطقة الساحل الإفريقي. وبعد أفول دولة الحاج عمر الفوتي نهاية القرن التاسع عشر عادت الأسرة إلى فوتا تورو(1).

ينتمي والده الشيخ أحمدُّو با إلى الأرستقراطية التكلورية البوصيابية، فجده ألفا عمر سيدي ييرو بوسو كان من كبار شخصيات فوتا تورو، وكان إلى جانب سليمان بال وعبد القادر كان (المامي عبد القادر) لما أطاحا بدولة الديانكة (أولاد تنݣله) وأقاما دولة الأئمة نهاية القرن الثامن عشر في منطقة فوتا بالضفتين اليمنى واليسرى لنهر السنغال. أما أمه وهي رقية بيلا فكانت حفيدة المامي يوسف سيري لي زعيم ديابا بمنطقة هبيا، والذي تولى الإمامة تسع مرات بفوتا تورو.

ولكون محمدُّو بَا منحدرا من هاتين العائلتين العريقتين، وهو ابن إحدى الأرستقراطيات البوصيابية النافذة بالضفة، فقد جعله ذلك مؤهلا لأن يكون على درجة عالية من المعرفة، وعلى درجة عالية من الحضور الاجتماعي والسياسي لا في منطقة فوتا فقط بل في موريتانيا كلها.

كانت بداية دراسة محمدُّو بَا في مالي حيث ولد وترعرع، فقد قرأ القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية هنالك، ثم انتقل إلى تيشيت في منطقة تكانت حيث درس على شيخ تيشيتي يسمى سيدي محمد أو سيدي عبد الله، ولم تسعفنا مصادرنا باسم الرجل الحقيقي ولا نسبه ولا قبيلته. لم يمكث محمدُّو بَا طويلا بتيشيت فقد عاد إلى مدينته كيهيدي حيث دخل مدرستها النظامية التي كانت قد فتحت أبوابها كأول مدرسة في موريتانيا سنة 1898، فكان محمدُّو بَا من أوائل دفعات الطلاب الذي ولجوا هذه المؤسسة العريقة(2).

ومع أن أعيان الأرستقراطية البوصيابة لم يكونوا يرغبون في إدخال أبنائهم في مدارس الفرنسيين؛ إذ يعتقدون كغيرهم من الموريتانيين في تلك الفترة أن في ذلك فسادا للدين وإضرارا بالأخلاق، إلا أن أسرة محمدُّو بَا التي كانت مناصرة للحاج عمر الفوتي وهو عدو الفرنسيين في القرن التاسع عشر، ربما أرادت بإدخال أبنائها في مدرسة كيهيدي مهادنة الفرنسيين لضمان استعادة الأسرة للعب أدوارها السياسية والاجتماعية في المنطقة دون مضايقة من الفرنسيين الذي كان لهم نفوذ قوي بالضفة مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

كانت مدرسة كيهيدي المرحلةَ التعلمية النظامية الأولى التي مر بها محمدُّو بَا وبعدها التحق بمدرسة أبناء الشيوخ في سان لويس "اندر" بالسنغال، وكانت هذه المدرسة مخصصةً لأبناء الشيوخ أو للطلاب النابهين من غير أبناء الشيوخ. وهذه المدرسة السينلويسية امتداد لمشروع الجنرال فيديرب ومواصلة لمدرسة الرهائن التي أسسها فيديرب نفسه قبل ذلك، وقد تأسست مدرسة أبناء الشيوخ بسان لويس سنة 1892. وكان الهدف منها استكتابَ أبناء الأعيان في ضفة النهر وفي أفريقيا الغربية وفي موريتانيا بطبيعة الحال، وأخذهم عن طريق الإكراه غالبا أو عن طيب خاطر في النادر، ومراقبتهم وتكوينهم ليصيروا وكلاء وموظفين في الجهاز الإداري الفرنسي. وقد انضم إلى مدرسة أبناء الشيوخ والمترجمين العديد من الموريتانيين فكان من طلابها الموريتانيين أحمد ولد الكوري الشهير بـ"أحمد فال سيني"، والمولود سنة 1836 في بوتلميت، وبعد تخرجه منها أصبح ترجمانا ماهرا ثم ترقى في سلم الترجمة في سان لويس. وبعد ثلاث سنوات من إنشائها كان أي في مايو 1895 انضم إلى هذه المدرسة انجاي كان وهو نجل زعيم قرية انتيكان: علي كان. كما انضم إليها مع بداية القرن محمدُّو أحمدُّ با وأخوه ببكر أحمدُّ با(3).

تخرج محمدُّو بَا سنة 1909 من مدرسة سان لويس وتقدم عند تخرجه للدراسة في قسم المترجمين في نفس المدرسة، ولأنه كان غاية في الذكاء والحفظ والفطنة فقد كان الأول من دفعة المترجمين سنة 1910؛ لذلك حصل متوفقا على شهادة تأهيل في الترجمة.

لم تكن سن محمدُّو بَا في ذلك الوقت تسمح له بولوج الوظيفة العمومية والانخراط في سلك المترجمين، لأن سنه سنةَ تخرجه لا تتجاوز تسعة عشرة سنة، وهو عمر لا يسمح لبالغه بالتوظيف حينذاك في الإدارة الاستعمارية الفرنسية؛ لذلك تابع تلك السنة 1911 دراسته في مدرسة الجزائر العريقة والمتأسسة منذ منتصف القرن التاسع عشر، فكان بذلك أولَ موريتاني يدرس في هذا الصرح العلمي الشهير في شمال إفريقيا والذي تخرجت منه طبقة من كبار المثقفين ممن حصلوا على تعليم عميق ومزدوج (عربي وفرنسي).

تتحدث جريدة "الأخبار" التي تصدر بالجزائر (Les Nouvelles "Algérie") في عددها الصادر بتاريخ 13 فبراير 1911 عن محمدُّو أحمدُّو با الذي حضر حفلا علميا وثقافيا نظمته "الراشدية"، وهي هيئة ثقافية أسسها قدماء خريجي مدرسة الجزائر. وكانت تلك المناسبة فرصة لمدير مدرسة الجزائر الفرنسي ديستان، وهو مدير سابق لمدرسة سان لويس بالسنغال، أن يقدم محاضرة تناولت المجتمع التكروري جنسه ودينه ولغته. ويبدو أن محمدُّو بَا ساهم في إنعاش تلك المحاضرة. وكان، حسب الجريدة، يبلس في ذلك الملأ دراعته الفضفاضة، وقد نال إعجاب الحاضرين بثقافته الواسعة(4).

في سلك الوظيفة.. عشرون سنة بأطار

في بداية سنة 1912 عاد محمدُّو بَا من الجزائر إلى موريتانيا ترجمانا ماهرا ضليعا في اللغتين العربية والفرنسية، وقد تم تعيينه في سلك المترجمين في مستوى مترجم من الدرجة الخامسة، كما أسندت إليه مهمة التدريس في مدرسة أبناء الشيوخ في سان لويس.

وفي سنة 1914 تم تحويله إلى بوتلميت بدائرة الترارزة ترجمانا، ونظرا لمهاراته في اللغتين العربية والفرنسية، فقد جمع بين وظيفة الترجمان ووظيفة المعلم في مدرسة بوتلميت التي تأسست سنة 1912، وفتحت أبوابها للتلاميذ مع مطلع 1913. وكان في بوتلميت يدرس إلى جانب معلم اللغة أحمد ولد المختار فَالْ ومدير المدرسة أدريان لاروك وأخيه ببكر با. وقد تحدثنا باستفاضة عن مدرسة بوتلميت في مقال لنا سابق ومنشور على الشبكة(5).

في يناير 1916 سيحل محمدُّو بَا في دائرة آدرار ترجمانا وهنالك سيبقى عشرين سنة دون انقطاع في تلك الدائرة. كانت لمحمدُّو بَا منذ وصوله لآدرار علاقة حميمية مع العديد من المجموعات، ومع قبيلة الرݣيبات بشكل خاص، وهو أمر كانت الإدارة الفرنسية ترعاه وتنظر ليه باهتمام خاص.

بيد أن علاقة الترجمان محمدُّو بَا بأمير آدرار سيدي أحمد ولد أحمد ولد عيدة كانت في أغلب الأحيان غير منسجمة وشابها الكثير من التوتر والتدافع، وقد وصل الأمر إلى أن اشتكى الأمير من الترجمان وكتب رسائل للإدارة الفرنسية في ذلك الشأن. وفي المقابل كتب محمدُّو بَا في الأمير رسائل، واشتكاه لدى الإدارة الفرنسية. ويفهم من رسائل الأمير وشكواه من محمدُّو بَا أن الأخير كان مقربا من بعض الجهات الاجتماعية الآدرارية غير المنسجمة مع الأمير، ويذهب الأمير إلى وصف الترجمان بالعديد من الأوصاف السلبية، ويتهمه بأنه لم يكن أمينا في ترجمة أحاديثه مع حاكم دائرة آدرار لما يجتمع به، وأنه يحرف كلامه عن مواضعه. بل إن الأمير يُحَمِّل المترجم سوءَ العلاقة بينه وبين بعض أتباعه وبينه وبين بعض عناصر قبيلته وبينه وبين الفرنسيين في تلك الفترة(6).

أما محمدُّو بَا فيقول في رسائله للفرنسيين إن الأمير مستاء لأنه لم يستطع ترويضه وجعله من أتباعه، ويفتخر محمدُّو بَا في إحدى رسائله بأن الأمير سيدي أحمد حاول رشوته فامتنع من ذلك. ويقول محمدُّو با إن العلاقة الخاصة والحميمية بينه كمترجم وبين قبيلة الرݣيبات قد أزعجت الأمير. ويرى أن الأمير كان يريد أن يظل هو نفسه صلةَ الوصل بين الرݣيبات وبين الإدارة الفرنسية وهو أمر لم يقع بسبب علاقتهم الخاصة مع الترجمان، وهذا سبب انزعاج الأمير سيدي أحمد من محمدُّو بَا(7).

وكان موقف الإدارة الفرنسية من الخلاف بين الأمير سيدي أحمد وبين الترجمان محمدُّو بَا واضحا: فيرى حاكم دائرة آدرار في أحد تقاريره أن الأمير سيدي أحمد هو وحده من يشكو من الترجمان، أما غيره من أعيان وشيوخ القبائل الآدرارية فإنهم لا يشتكون منه، بل إن بعض مقربي الأمير صديق للترجمان. وترى الإدارة الفرنسية أن تسلم الترجمان ملف قبيلة الرݣيبات، ونجاحه في أن يكون محل ثقتهم في آدرار أمر لا يسمحه الأمير للترجمان محمدُّو بَا. ومن الطبيعي أن تكون الإدارة إلى جانب أحد موظفيها خصوصا إذا كان ذكيا وعارفا بالعلاقة المعقدة بين الأمير سيدي أحمد وبين الفرنسيين والتي لم تسلم من التوتر حتى هجرته الأخيرة ووفاته شهيدا في مواجهة مع الفرنسيين(8).

وعلى العموم سمحت هذه الفترة التي قضاها محمدُّو بَا في آدرار بالاطلاع على المجتمع الآدراري اطلاعا عميقا، وكان حسه البحثي واهتمامه التأليفي حاضريْن، فقد كتب عدة مقالات عن منطقة آدرار لا تزال اليوم رائدة في مجال البحث التاريخي لمن يريد معرفة تطور إمارة آدرار في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

من الترجمة بآدرار إلى المشيخة التقليدية بفوتا

تتحدث جريدة الحوليات الاستعمارية (Les Annales Coloniale) في عددها الصادر بتاريخ 21 أبريل 1936 عن ترك محمدُّو بَا لآدرار بإرادته واستقراره نهائيا في منطقة فوتا بوصفه شيخ إيالة اليتامى (Chef de Canton du Littama) منذ يناير 1936(9)، وقد ظل في تلك الوظيفة حتى وفاته سنة 1958. ومن المعلوم أن إيالة اليتامى تمتد من شرق كيهيدي إلى حدود كيديماغا، وكانت تضم سنة 1937 اثنتين وثلاثين قرية وأزيد من أحد عشر ألف نسمة، وتعتبر أراضي إيالة اليتامى من أكثر أراضي فوتا تورو خصوبة. وكانت إدارة إيالة اليتامى وزعامتها التقليدية من الصعوبة بمكان، فسكانها المتنوعون من البولار والبيضان والسونينكي والبمباره تصعب قيادتهم وتدبير شؤونهم(10).

تأديته فريضة الحج:

وأثناء تولى محمدُّو بَا زعامة إيالة اليتامى أدى فريضة الحج؛ حيث تذكر جريدة صدى الجزائر (l'Echo d'Alger) في عددها الصادر بتاريخ 14 نوفمبر 1944، مرور وفد الحجاج بمدينة تونس واستقبالهم في قصر باردو من طرف المقيم الفرنسي، وكان صاحبنا من أبرز وفد الحجاج في ذلك الموسم، وكان معه: الزعيم الجليل عبد الله بن الشيخ سيديا؛ حيث شكلا الوفد الموريتاني ومعهما منصور سي شيخ الطريقة الصوفية التجانية بتواون بالسنغال. ومعهم في نفس الوفد القادم من المستعمرات الفرنسية: القاضي الجزائري الشريف بن حبيلس، وشخصيات مغربية ستلعب أدوارا سياسية هامة من بينهم: الفاطمي بنسليمان وأحمد باحنيني وأحمد بوستة. واللافت أن الوفد، وهو في طريقه البحري نحو البقاع الطاهرة، أثناء المرور بتونس ولما جرى استقباله من طرف الإدارة الفرنسية المحلية، تم اختيار محمدُّو بَا لإلقاء خطاب باسم الجميع، وقد أوردت الجريدة الجزائرية نص خطاب محمدو با كاملا(11).

وقد تولى محمدُّو بَا زعامة إيالة اليتامي بكفاءة حتى وفاته رحمه الله بمقامة في 26 فبراير 1958

الاهتمام بتاريخ آدرار:

كتب محمدُّو بَا أربع مقالات مطولة عن تاريخ آدرار وهي:

أولا: مقالة بعنوان: وجه عظيم من آدرار.. الأمير أحمد ولد امحمد (1871-1891)، وقد حرره بأطار وأنهى تحريره يوم 26 مارس 1929، وتم نشره في العدد العاشر من معلومات ووثائق استعمارية الصادر عن لجنة إفريقيا الفرنسية ولجنة المغرب بأكتوبر 1929.

وقد صدرها بقول الشاعر:

وما مات مَنْ أبقى ثناَء مخلّدًا * وما عاش مَن قدْ عاش عَيْشًا مُذَّمما

وقد تعرض في هذا المقال باستفاضة لأبرز الفاعلين الاجتماعيين في إمارة آدرار في عِقديْ سبعينيات وثمانينيات القرن التاسع عشر خصوصا شخصيات أولاد الجعفرية وشخصيات غيلان تَكَّلْ وغيرهم كشخصيات أهل مانت الله وأولاد سلمون الذين ضموا إليهم في حلفهم العويسيات والحياينة (من نغموشه) في بعض الأحيان. مع وقفة خاصة مع الأمير البارز أحمد ولد عيدة وأبنائه السبعة وخؤولاتهم وأدوارهم في عهد أبيهم وبعد موته سنة 1861. وقد تطرق لتأثير الأميرة خديجة ابِّي بنت اسويد أحمد الإيدوعيشية (اخت الأمير بكار) على ابنها الأمير أحمد ولد امحمد.

وقد قدم محمدُّو بَا صفات الأمير أحمد ولد امحمد الجسمية والذهنية واهتمامته وشواغله، فالأمير -حسب محمدُّو بَا_ كان طويلا ذا بنية قوية يظهر ذلك في عضلاته المفتولة، وكان مهيب المنظر خصوصا وأن نظراته الحادة تزداد شدتها عند تحديقه بسبب لونها المتميز، كما كان قليل شعر اللحية. وكان مع ذلك حسن المعشر يلاطف جلساءه بأحسن الحديث، ولا يُمنع أحدٌ من الدخول عليه. وكان التدخين ممنوعا في حضرته. كما كان عابدا كثير الخشوع شديدا على الظلمة رفيقا بالضعفاء، يحب قراءة التاريخ الإسلامي والسماع إلى أحاديثه وخصوصا تاريخ الدولة العباسية وأخبار الخليفة هارون الرشيد. وكان حاملا لكتاب الله ضليعا في الفقه المالكي. وقد تعرض المقال باستفاضة لعلاقات إمارة آدرار بإمارتي تكانت والترارزة وما شاب تلك العتاقة من توتر أحيانا وتصالح أحيانا، كما تحدث عن علاقة إمارة آدرار بقبائل الساحل. واستعرض الأزمة التي عصفت بآدرار سنة 1891 والتي كان من نتائجها مقتل الشيخ ولد النويصري الذي أدى في النهاية إلى غدرة الأمير أحمد ولد امحمد وانتهاء حكمه رحمه الله(12).

ثانيا: مقالة بعنوان: أمير الحرب بآدرار.. أحمد ولد سيدي أحمد (1891-1899)، وقد حرره بأطار وأنهى تحريره يوم 9 مايو 1930، وتم نشره في العدد العاشر من معلومات ووثائق استعمارية الصادر عن لجنة إفريقيا الفرنسية ولجنة المغرب بأكتوبر 1930 أي سنة بعد المقال السابق. وفي هذا المقالات فضلا عن التحليلات والمعلومات التاريخية الغزيرة وصفٌ للأمير أحمد ولد سيدي أحمد الذي كان -كما يقول محمدُّو بَا- من أشجع الأمراء، وكان جميل المنظر كث الشعر أنيقا في ملبسه يحب من اللباس أجوده. وكان ممدحا ويغدق الهدايا للمطربين محبا لمجالس الطرب والفن عكس سلفه الأمير أحمد ولد امحمد الذي لم يكن يحضر مجالس الطرب وإن كان يعطي للفنانين عطاء جزلا على عادة أسلافه. ومع هذا كان الأمير أحمد ولد سيدي أحمد من أقوى الناس بنية مفتول العضلات وكان إذا غضب لا يقاوم. وكان محبا لقصص الفروسية عند العرب القدماء، ويقرأ كثيرا عن الفتوحات الإسلامية وعن حياة الصحابة. ومن أبرز الحروب التي قادها أحمد ولد سيدي أحمد حربه ضد إمارة تݣانت وكانت حربا سجالا لم ينتصف فيها طرف من الآخر. ومن أبرز أيامها يوم واد سݣليل ويوم فرع الكتان وغيرها مما فصل فيه محمدُّو بَا تفصيلا مفيدا. وقد توفي الأمير أحمد ولد سيدي أحمد تحت أنقاض داره التي تهدمت عليه، في خضم صراع بينه وبين أولاد غيلان، توفي رحمه الله قبل حسمه، وقد فصل محمدُّو بَا في تلك العلاقة المتوترة تفصيلا واستعرضها استعراضا نكتفي بالإشارة إليه هنا(13).

ثالثا: مقالة بعنوان: آدرار ودخول الفوضى، وقد تم نشره في العدد الثاني من معلومات ووثائق استعمارية الصادر عن لجنة إفريقيا الفرنسية ولجنة المغرب بفبراير 1933. ويغطي هذا المقال تاريخ عقد من الزمن من وفاة أحمد ولد سيدي أحمد 1899 إلى السنة التي سبقت دخول الفرنسيين لأطار أي 1908م. وفي بداية هذا المقال تعرض الكاتب لآدرار بعد الأمير أحمد ولد سيدي أحمد وكيف كانت تلك الفترة عصيبة بالنسبة، فقد صعب على الأمير الجديد المختار ولد أحمد ولد عيده (الداه) ضبط إيقاع الإمارة وكثرة الفاعلين الطامحين لتحقيق أدوارهم. كما عرفت هذه الفترة مجيء بعثة بلانشيه، وهو مستكشف فرنسي، كانت بعثته مكونة من ثلاثة فرنسيين معهم الترجمان محمدن ولد أبنو المقداد وثلاثون مسلحا سنغاليا لحماية البعثة فضلا عن آخرين، وقد تم اعتقالهم ولم يخرجوا من الأسر إلا بشق الأنفس وبتدخل مباشر من الشيخ سعد بوه الذي حقن دماءهم حرصا على مصلحة الجميع. وقد تعرض المؤلف للعديد من الحروب التي عرفتها هذه الفترة في آدرار والتي عصفت بالإمارة وبالمنطقة عصفا. وفي هذه الفترة دخل الفرنسيون موريتانيا، وتم مصرع أول إداري فرنسي بموريتانيا وهو كبولاني بتجكجه سنة 1905، وقد تم التخطيط لقتله بآدرار ونفذته مجموعة آدرارية مشهورة كما وضح المؤلف(14).

رابعا: مقالة بعنوان: حوادث آدرار، وهو منشور مع المقال السابق في نفس العدد من وثائق استعمارية الصادر عن لجنة إفريقيا الفرنسية ولجنة المغرب بأكتوبر 1930م. وهذا المقال المركز والمكتوب على شكل الحوليات التاريخية يلخص الحوادث المذكورة في المقالات الثالثة المشكورة فوق.

ونظرا لتركيزه وتلخيصه وندرته فقد ترجمناه وجعلناه خاتمة هذا المقال الذي يعرف بمؤرخ الضفة وترجمانها محمدُّو با. ولم أشرح النص بل ترجمته دون وضع هوامش عليه؛ لأن أغلب ما فيه مشروح في تحقيقي بكتاب حوادث السنين للمختار ولد حامدٌ، وربما أخصص له شرحا خاصا؛ حيث توجد فيه بعض الأمور المستغلقة، وفيه كذلك بعض التفاصيل التي تحتاج لتحقيق وتدقيق وتمحيص. وهذا نص حوادث آدرار كما كتبها محمدُّو بَا(15):

حوادث آدرار

معلومات جمعها الترجمان أحمدو محمدُّو بَا

1850م (1267 هجرية)

عام إحراق نخيل آمْدَيْرْ: حرقه الترارزة يقودهم أميرهم محمد الحبيب. وكان آدرار حينها تحت إمارة أحمد ولد عيدة.

1861م (1278 هجرية)

عام موت أحمد بن عثمان: وهو الأمير أحمد ولد عيدة، وقد مات مريضا، ثم قتل ابنه الأسن امحمد من طرف أخويه عثمان ومحمد غيرة منهما من مكانته في نفوس الناس.

من 1861م إلى 1871م

فترة تضعضع إمارة أهل عثمان: حيث دخل آدرار في اضطرابات داخلية. وأبرز حوادث هذه الفترة هي:

1862م (1278 هجرية)

عام الذريره: فقد فرقت قبائل يحيى بن عثمان معززة بالعديد من فرسان قبائل أخرى في تنْوَاكَه قبائلَ الساحل مجتمعة.

1865م (1281 هجرية)

عام موت سيدي امْحمد الكنتي: بعد هزيمته لقبائل آدرار، أراد زعيم كنتة سيدي امحمد الكنتي، الذي تسمى مهديا، إخضاع أولاد بالسباع فلجأوا للرݣيبات. فعندها قاد سيدي امحمد عملية عسكرية ضد الرݣيبات عند ݣور اݣنيفيده، فقُتِل وهُزِم جيشه.

1866م (1283 هجرية)

عام علب ارْݣادْ: وهو جنوب تنواكه وبه هُزم جيش آدرار من طرف قبائل الساحل المتحالفين. وتعرف هذه السنة أيضا باسم عام الذريره الثانية.

1871م (1288 هجرية)

العام الذي قبل إمارة أحمد ولد امحمد: وهو أمير آدرار.

1872م (1289 هجرية)

عام إمارة أحمد ولد امحمد.

1873م (1290 هجرية)

عام امجيحيده: حيث تربعت الناس بها لخصوبة المراعي. ويعرف أيضا بعام عيون البقر لأن جيش الأمير هزموا عنده أنصار ولد امحيمد ولد عثمان المطالب بالإمارة.

1874م (1291 هجرية)

عام الرݣ: أغار الحزام بن المعيوف زعيم أولاد الجعفرية على نغموشه الحياينة عند الرݣ قرب شنقيط. ويسمى هذا العام أيضا بعام الفريعية حيث أغار الرݣيبات على أولاد اللب فقتلوا منهم ثلاثين وسبوا جميع ما معهم.

1875م (1292 هجرية)

عام السفيرات: أغار أولاد دليم على أولاد غيلان (الذهيرات والسمامنة) فدمروهم غدرا عند السفيرات قرب جريفية الحفر.

1876م (1293 هجرية)

عام تݣانت: انتجع الأمير أحمد ولد امحمد منطقة تݣانت مع خاله الأمير بكار ولد اسويد أحمد، وقد تزوج أحمد بإحدى بنات بكار.

1877م (1294 هجرية)

عام مجيء الخيل: كان إبراهيم اخليل زعيم أولاد باعمر ممسكا فرسين من خيل إمارة آدرار في حيه. وقد طالب الأمير أحمد ولد امحمد بإرجاعها دون جدوى، فاندلعت الحرب بين أهل آدرار وأولاد دليم، فهجم سيدي أحمد بوريشه زعيم الحياينة على أولاد باعمر عند النويمسيات فاسترد الخيل وجاء بها إلى آدرار.

1878م (1295 هجرية)

عام الدخن: أو عام آمدݣن وهو مكان بتيرس أقامت به أحياء آدرار طويلا وهي تنتجع المراعي.

1879م (1296 هجرية)

عام أم الظفيرات أو الظايه الخضراء: وهما مكانان بتيرس، وقد تربع بهما الساكنة فوجدوا مرعى كثيرا.

1880م (1297 هجرية)

عام التخابيط: حدث شجار بين غزو من أولاد غيلان كانوا قد ساروا إلى درعة لمعاقبة أولاد سالم بعدما نهبوا أحياء بشمال آدرار، فتبادل الطرفان النار ومات شخص واحد من كل طرف، ثم عاد الغزو أدراجه.

وهي السنة التي أسِرَ فيها سُلَيْمَة (بول سولييه) من طرف محمد ولد اعبيد الله ابن أخي إبراهيم اخليل.

1881م (1298 هجرية)

عام شلوادَه: وتعني شلوادَه الذهاب في جميع الاتجاهات على غير هدى. وهي سنة جدب جالت فيها الأحياء في كل اتجاه بحثا عن المرعى.

1882م (1299 هجرية)

عام أݣمون: أݣمون على الحد بين تݣانت وبين الرݣيبه كانت به وقعة مشهورة بين إدوعيش وكنتة وأولاد الناصر لجهة وإدوالحاج لجهة، فانتصر الأخيرون فالتجأ عدد كبير من كنتة لآدرار.

1883م (1300-1301 هجرية)

عام النجم: وهو أيضا عام مقتل سيدي أحمد بن تݣدي قتله أهل مانتْ الله.

1884م (1302 هجرية)

عام الحصرة: حيث التقى أحمد ولد امحمد أمير آدرار واعلي ولد محمد الحبيب أمير الترارزة عند الفُجْ في تيرس. وهو عام رجوع أعل مانت الله من تݣانت، وكانوا قد انشقوا على الأمير وعادوا بعد سنة.

1885م (1303 هجرية)

عام آروادين: وتعني آروادين الأمطار الغزيرة المستمرة، وهي سنة خصب في آدرار.

1886م (1304 هجرية)

عام الݣرطوفة: الݣرطوفة نبتة قليلة النفع للمواشي، وقد كثرت هذه السنة في تيرس. وتسمى هذه السنة أيضا عام العطش حيث نقصت مياه الآبار فمات الكثير من الناس والكثير من الأنعام عطشا. وهو عام طرد الخليفة ولد عابدين الكنتي لممارساته الابتداعية.

1887م (1305 هجرية)

عام العلفيات: تربعت الكثير من الأحياء هذه السنة عند العلفيات وهي كثبان إلى الشمال الشرقي من مقطير.

1888م (1306 هجرية)

عام آنشال ويعرف بعام دمان وكذلك عام الغرذوف: آنشال نبات مفيد للحيوان. أما دمان والغرذوف فأضاتان نزلهما الناس وأقاموا بهما مدة طويلة.

1889م (1307 هجرية)

عام زمور ويقال أيضا عام الغِرانْ: انتجعت أحياء أهل آدرار الزمور حيث المراعي الخصبة، وبعضهم قضى الشتاء كله عند الغِرَانْ وهو مكان قرب جريفة الحفر، مشهور باتساعه على شكل حوض بحيث يمكن للكثير من الأحياء ان تنتجعه بارتياح.

1890م (1308 هجرية)

عام سحاب البوتة: عرف آدرار مطرا مع بداية الشتاء وقد استمر طويلا. وهو عام وفاة الشيخ ولد النويصري من زعماء إديشلي وكان يحظى بتقدير الجميع. وقد قتله بعض قومه بتحريض من إبراهيم ولد مݣيَّه وزير الأمير.

1891م (1309 هجرية)

عام غدرة أحمد ولد امحمد: قتله إديشلي، ويقال عام امجي أحمد ولد امحمد.

1892م (1310 هجرية)

عام واد سݣليل: حيث انتصر أمير آدرار على أمير إدوعيش عند حمدون بواد سݣليل.

1893م (1311 هجرية)

عام فرع الكتان: حيث انتصرت كتائب إدوعيش (تݣانت) على كتائب أولاد يحيى بن عثمان، وشكلت تلك الهزيمة بداية نهاية حكم أحمد ولد سيدي أحمد.

1894م (1312 هجرية)

عام الجراد: عمت أسراب الجراد آدرار وما إن فقس بيضه حتى غطى جميع المناطق. وهو عام وفاة أحمد ولد سيدي بابه رئيس السماسيد السيد الشهم الذي تجاوزت شهرته حدود آدرار.

1895م (1313 هجرية)

عام آفتاسَه: آفتاسه سلسلة كثبان رملية قرب تورين، أصابتها أمطار كثيرة فأنبتت مرعى غضا، فنزلتها أحياء آدرار جميعا. وفي تلك الأثناء وقع سوء تفاهم بين الأمير وقبيلة كنتة عندما وبخوا مطربته جراء موقف لها مستفز. فكان ذلك سببا في مطالبة الأمير لهم بإعطائه مائة ناقة مع فصلانها تدفع دون تأخير.

1896م (1314 هجرية)

عام الشوطة: وتعني الشوطة "الشيء اللاذع" وهي ريح باردة مكثت عواصفها أشهرا بآدرار، وقد أفسدت نتاج النخل، كما أضاعت قطعان بكاملها من الإبل والغنم، وكان ضياعها خسارة للكثير من الأسر.

1897م (1315 هجرية)

عام فتنة السماسيد، ويسمى أيضا عام هجرة أولاد سلمون، كما يسمى كذلك عام نهب قوافل آدرار بإيمركلي من طرف أولاد دليم وذلك بعد مقتل اعلي سالم ولد إبراهيم اخليل، وقد قتله أولاد سلة، وقد سبب ذلك اضطرابا كبيرا بالمنطقة.

1898م (1316 هجرية)

عام هجرة أولاد غيلان: وكانوا في صراع مع الأمير، وقد حاصروا أطار مدة عشرة أيام قبل هجرتهم إلى آدرار. وفي انسحابهم صدوا سرية يقودها الحزام ولد المعيوف نحو آزويݣه، ومات الحزام في تلك المواجهة.

1899م (1317 هجرية)

عام الجدري، ويقال له عام موت الأمير أحمد ولد سيدي أحمد ويقال به أيضا عام اختيار الأمير المختار ولد أحمد ولد عيدة.

1900م (1318 هجرية)

عام تورين: حيث هُزم كنته هزمتهم أولاد بالسباع.

ويقال له عام موت التهالات حيث قتلهم أولاد غيلان.

ويقال له عام مجيء الفرانسة لآدرار (بعثة بلانشيه).

1901م (1319 هجرية)

عام لمَّوْنَكْ: حيث هُزم أولاد بالسباع هزمهم أولاد عمني.

1902م (1320 هجرية)

عام بوخزامَه: وفيه هَزم أولاد بالسباع أولاد عمني.

ويسمى عام الغدرة حيث قَتَل اعلي الأبات ولد تݣدي بشنقيط مجموعة من الرݣيبات كانوا قد لجأوا إلى القصر واحتموا بالأغلال.

1903م (1321 هجرية)

عام الجريفيه: هزم أولاد عمني تماما بجريفة الحفر هزمهم أولاد بالسباع، وقتل أحمد ولد الأمير المختار، وغنم أولاد بالسباع جميع خيل الإمارة، وهو نهاية أولاد عمني.

1904م (1322 هجرية)

عام تمنياقه: وتعني قلب جذع النخلة. وقد وقعت مجاعة شاملة بآدرار أدت بالساكنة إلى قطع النخيل واقتلاع قلبها وأكله. وأكل الناس جيف الحيوان وغيرها.

ويقال له عام المعلݣ وهي مواجهة استمرت ثلاثة انهزم على إثرها أولاد موسى هزمهم أولاد غيلان (والمعلݣ بين الساقية الحمراء ووادي درعة).

ويقال له عام رجوع سيدي أحمد ولد أحمد ولد عيدة وقد اختارته أولاد غيلان بعد أن جاؤوا به من الشمال بعد وقعة المعلݣ (وكان عمره خمس عشرة سنة).

1905م (1323 هجرية)

عام صلاح الحراثة بتݣوݣ: وهي قرارة (ݣرارة) بآدرار.

ويقال له عام موت كبولاني المقتول بتجكجه.

1906م (1324 هجرية)

عام السيل: وقد فاض واد سݣليل وغمرت مياهه مجرى الوادي وتجاوزت منبعَه بخمسمائة متر، فغرق جل قصر أطار.

ويقال له أيضا عام مجيء الشريف إدريس وهو مبعوث السلطان المغربي إلى موريتانيا لمواجهة الفرنسيين.

1907م (1325 هجرية)

عام السيل الصغير، دون السيل في السنة السابقة.

ويقال له أيضا عام فشت حيث انهزم أولاد بالسباع هزمهم الرݣيبات وهم أكبر قبائل الصحراء الغربية، وقد غنموا جميع أموالهم، وصاروا من أغنى القبائل.

ويقال له عام غزي الأركاب حيث ذهبوا إلى سلطان المغرب يسترفدونه لمحاربة الفرنسيين.

ويسمى أيضا عام أخذ أكجوجت.

 

1908م (1326 هجرية)

عام مقتل إبراهيم ولد الشيخ: قتله الطرش.

1909م (1327 هجرية)

عام امجي افرانسة: أي احتلال العقيد غورو لآدرار.

خاتمة:

كان اهتمام المؤرخ والمترجم محمدُّ با بآدرار اهتماما مفيدا، وكانت بحوثه عن إمارة آدرار بحوث لا غنى عنها للمهتم بالمجتمع الموريتاني. وينبغي أن نذكر أن اهتمامات هذا المؤرخ لم تقتصر على آدرار بل كتب مقالا مطولا عن قبيلة الرݣيبات(16) وهو منشور وربما أكتب عنه مقالا خاصا، كما كتب مقالا عن مدينة السمارة(17). وهو منشور أيضا. وقد كتب مقالا مفيدا عن إيالة اليتامى التي كان شيخها مدة اثنتين وعشرين سنة. وعندما تم تدشين سفينة "ابن المقداد" في أكتوبر 1950، والتي كانت تربط بين سان لويس بالسنغال وبين مختلف المدن الموريتانية على ضفة نهر السنغال، فقد أوردت في جريدة "حياة موريتانيا" نصف الشهرية أن محمدُّو با كتب نصا عَرَّف فيه بالترجمان محمدن ولد أبنو المقداد الشهير بلقبه دودو سك، ولم نجد ذلك النص بعد(18). وتبقى بحوث محمدُّ با، المكتوبة كلها باللغة الفرنسية، مفيدة وغنية وينبغي للمهتم بالتراث الموريتاني وبهذا المجتمع أن يطلع عليها، ففيها تفاصيل لا توجد في غيرها. ولا يسعني وأنا أختم هذا المقال إلا أن أشكر لأخي الدكتور نيوكان آدمَا الأستاذ بجامعة نواكشوط على الوثائق الثمينة التي أمدني بها، وعلى أحاديثه المفيدة التي جمعتني به وأفادتني كثيرا في كتابة هذا النص.