ما أن لمست سطح المريخ الخميس الماضي، حتى بثت المركبة Perseverance البالغ وزنها 1050 كلغ، وتكاليفها مليارين و700 مليون دولار، أول صورة لمساحة من فوهة Jesero حيث هبطت لتدرس وضعها الجيولوجي، ولتبحث طوال 687 يوما عن أي أثر لحياة تبرعمت ببيئتها في ماضي الكوكب البعيد، لأن "جيزيرو" كانت قبل 3 مليارات و500 مليون عام، أشبه ببحيرة قطرها 49 كيلومترا، غنية بماء يتدفق إليها من قناتين تظهران في الصور كما دلتا من نهر انقسم إلى فرعين.
من بعدها واصلت المركبة التقاط صور للمنطقة المحيطة بها وإرسالها إلى فريق التحكم في NASA على الأرض، وهي صور تنشرها "العربية.نت" مع شرح وارد في موقع وكالة الفضاء الأميركية الإلكتروني نفسه. أما المثير بينها، فهي المنشورة أدناه، والتقطها مسبار أطلقته "ناسا" باسم Mars Reconnaissance Orbiter الدائر منذ 2006 حول المريخ، وظهرت فيها المركبة بعد أن دخلت مجاله الجوي ومضت بها مظلة مخففة للسرعة إلى موقع هبوطها المعد سلفا، وقادها إليه رادار مثبت فيها.
والثانية إثارة، هي التي تبدو فيها المركبة وقد هبطت على أديم الكوكب، بعد أن انفصلت عما يسمونه "الدرع الحراي" أو Heat shield المصمم ليحميها من حرارة عالية يسببها احتكاكها بالمجال الجوي للكوكب عند ولوجها فيه، ثم تكفلت بها المظلة البالغ قطرها 21 مترا، وعند وصولها بها إلى دائرة مساحتها 31 مترا مربعا من الفوهة، معدة سلفا لهبوطها فيها، انفصلت عنها وسلمتها لآلية هبوط آخر.
آلية الهبوط الآخر، هي "منصة سماوية" معروفة إنجليزيا باسم skycrane المخففة سرعة الهبوط عبر النفث العكسي، والتي نزلت المركبة متدلية منها بحبال وأسلاك خاصة، وفقا لما قرأت "العربية.نت" في موقع NASA المضيف أن الصورة التقطتها كاميرا مثبتة في "المنصة السماوية" وبثتها إلى المركبة حين استوت على الأديم المريخي، وبدورها أرسلتها المركبة الى الأرض، ثم انفصلت عنها "المنصة" لتتحطم في مكان آخر.
أما الصورة لثالثة، فالتقطتها كاميرا في المركبة لواحد من 6 عجلات ستبدأ الأسبوع المقبل في التجول بها عبر الفوهة الواعدة، فيما الصورة الرابعة هي لغرافيك من "ناسا" عن تقنية الملاحة الجديدة المتعلقة بالتضاريس "لتفادي المخاطر وإيجاد مكان آمن للهبوط في فوهة جيزيرو على المريخ" حيث يوضح الغرافيك، المنشور مع صورة العجلة أدناه، مناطق باللون الأزرق آمنة في الفوهة للهبوط، ومناطق حمراء غير صالحة، لأنها وعرة وشائكة بحفر وصخور قد تعترض تجول "برسفيرنس" على المريخ الذي وصلت إليه بعد قطعها 471 مليونا من الكيلومترات في رحلة استغرقت 203 أيام، بسرعة 96.000 كيلومتر بالساعة.
وانبهر المهندسون في "ناسا" بالصور
ونجد في صورة الغرافيك أن منطقة الهبوط ملونة بالأخضر، وفقًا لما ميزها به تقرير من "مختبر الدفع النفاث" القيّم على الأكثر تطورا وتعقيدا بين ما قامت به "ناسا" من مهمات مريخية حتى الآن، باعتبار أن Perseverance مزودة بكوكتيل تكنولوجي معزز بذكاء اصطناعي لم يكن من حظ أي مركبة فضائية أخرى.
وملخص المهمة المتضمنة تحليق هليكوبتر صغيرة في أجواء المريخ حملتها المركبة معها لهذا الغرض، هو البحث عن حياة قد لا يزال أثر منها باق في الكوكب الأحمر، فيما لو كان لها وجود سابق أو حاضر فيه، ولو من نوع مكروبي بدائي، إضافة إلى دراسة جيولوجيا الكوكب ومناخه، ثم جمع عينات من الصخور والتربة والأحجار، لتقوم بعثة مشتركة بين "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية، بنقلها عام 2031 من المريخ إلى الأرض لتحليلها ودراستها بالعمق الذي تستحقه.
علماء ومهندسون في "ناسا" انبهروا بالصور على قلتها، وأحدهم هو Steve Collins خبير التحكم بالتوجيه في "مختبر الدفع النفاس" بولاية كاليفورنيا، ذكر أمس في خبر نقلته "العربية.نت" أيضا، أنها "تترك العقول في حالة ذهول وانبهار" مضيفا أن وكالة الفضاء الأميركية "حصلت على بعض الأشياء الرائعة حقا" كما قال.