منذو فترة تزايدت الاحتجاجات على جملة جوانب من الواقع المعيش،تركزت أخيرا فى دائرة غلاء أسعار بعض المواد الغذائية، و يصر بعض “المدونين” على وصف نظام ولد غزوانى، بمختلف النعوت الافتة المعترضة،مما ولد لدى البعض سؤالا مشروعا،هل فشل نظام ولد غزوانى،رغم ما يدعى أنصاره من ورشات عمل و تنمية،و رغم صندوق مواجهة “كورونا” و توزيعات “تآزر” و مشاريع “أولوياتى”، و “تعهداتى” عموما، و مشروع “الإقلاع”،بأكثر من 200 مليار أوقية قديمة،و رغم التوجه للحد من غلاء أسعار بعض المواد الأساسية و محاولات الحكومة لتفعيل الرقابة و الاستعداد للموسم الرمضاني المبارك، المرتقب،بإذن الله.
و لا بأس فى مستهل هذا المقال التنبيه،حسب رأيى الخاص،إلى خصوصية المشهد الموريتاني،فالدعاية المستمرة، بأن أي بلد يحكمه العسكر، لن يتقدم مطلقا،قد لا تنطبق على بلدنا تماما،و لو بطريقة غير مباشرة،و رغم أنه لكل قاعدة استثناء.
و إن كان الدستور مدني الطابع،و للمؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية،أدوارا أمنية جمهورية معروفة،و إن كان أيضا الجيش لا يخدم فى الوظائف السياسية،إلا بعد التقاعد،إلا أن تاريخ بلادنا السياسي و وجود تيارات عرقية، و انفصالية الخطاب و خارجية الصلات و التنسيقات أحيانا،مع طبيعة الثروات الراهنة و المرتقبة الاستخراج.
كل هذا يفرض، و لو مؤقتا،ربطا للعملية السياسية،و لو بصورة غير مباشرة و سليمة قانونيا،بالمؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية،حرصا على الاستقرار و تماسك اللحمة الوطنية و الحوزة الترابية،وانتظارا للمزيد من عمق و نضج طبقتنا السياسية.
فبصراحة طبقتنا السياسية المدنية،غير مؤتمنة تماما على مصير الوطن،لتنوع الخلفيات و التجاذبات و الخلافات و التشظى و الأطماع و عمق التوجهات الضيقة،عرقيا و شرائحيا و جهويا و مناطقيا و قبليا!،و مهما تكن نواقص القيادات العسكرية،على رأي البعض،فى مجال التعددية و استساغة التنوع الفكري و السياسي،بحكم التكوين العسكري،الضيق غالبا،أحادي التوجه و الأمر الأصم،و رغم أن الطابع الديمقراطي بدأ يتوسع كثيرا،لدى مؤسساتنا العسكرية و أجهزتنا الأمنية،إلا أن الجيش و أصحاب الأمن،أكثر احتمالا و رجحانا فى كسب استقرار الوطن،و هو الرهان الأول عندنا،حتى قبل الديمقراطية و التنمية،بحكم خصوصياتنا و إقليمنا و مشاكل الجوار و أفق الاستثمار المعدني و الغازي المرتقب الحساس،الشديد الحاجة، للأمن أولا!.
إن طبقتنا السياسية المدنية، بحاجة للمزيد من الوقت،لإثبات جدارتها الفعلية،بقيادة البلاد على نحو آمن.
و فى انتظار ذلك لابد من تقديم تنازلات مؤقتة، لبعض من تقاعدوا من مستويات قيادية فى السلك العسكري، و لتكن شراكة إيجابية متوازنة،صوب مشروع دولة جمهورية إسلامية بحق،مهما كانت مصاعب الطريق.
و فى الوقت الراهن أو فى المستقبل،ليس عيبا أن يحكمنا زيد أو عمرو،إنما المهم عبر صندوق الاقتراع و جو الاستقرار،و احترام المأموريات و القوانين المعمول بها،و قد لا ينافى هذا، ضرورة و أهمية النقد الموضوعي،و لكن بعيدا عن الفتن و العنف و الاستهداف المغرض،و كذلك بعيدا عن القمع و التنكيل بالمحتجين، سلميا.
و مما يستحق التذكير،فى سياق الحديث عن دولتنا فى الحقبة الراهنة،أنها دولة ضعيفة،رغم تمتعها بثروات تسيل لعاب المستثمرين،منعنا من الاستفادة منها سوء التسيير المزمن،و فى الوقت الراهن كذلك تحاصر بلدنا الديون الخارجية و مستحقاتها الدورية،و بسبب كورونا و مضاعفاته فى مجال تأثير تأجير الحاويات، تتصاعد أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية،كما يساهم فى ذلك الغلاء، انتهازية بعض التجار و ضعف الرقابة على الأسواق.
و ما بين الحرص على الاستقرار و النقد الموضوعي و الابتعاد عن الاستهداف المغرض،ينبغى أن نوسع الصدور، لهذه العهدة الرئاسية،تحت قيادة صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ الغزوانى،متفهمين لعلاتنا و معوقاتنا،آملين بصرامة و حكمة و روية فى تجوازها قريبا،بإذن الله.