الأقطاب الاقتصادية... دعما للإقلاع / الولي سيدي هيبه

ثلاثاء, 04/06/2021 - 05:02

 

ما لا يخفى أن مساحة موريتانيا الكبيرة أبانت منذ دخول الاستعمار عن تعدد الأقطاب الاقتصادية فيها وإن كانت تقليدية، الأمر الذي سهل على الفرنسيين وضع خارطة مفصلة ودقيقة لمناطق الاهتمام في كل جزء من البلاد. وقد سارع مبكرا إلى رسم حدودها بشكل عملي لفصلها عن البلدان المجاورة الأخرى قبل أن يشرع في رسم الحدود لاحقا بين الولايات على أساس التسميات المحلية التي أدرك أنها كانت تنبني على الملاحظات الدقيقة للسكان وتقسيماتها التقليدية المتعارف عليها بحسب المميزات الاختصاصات. من هنا اكتشف الفرنسيون أن الحوضين عبارة عن منحدرين كبيرين أشبه بفوهتي براكين نائمين وأنهما حاضنتين لثروة حيوانية كبيرة ومتنوعة بخصائص رعوية واضحة، وأن "تكانت" و"آدراد" و "إينشيري" مناطق نمو أشجار النخيل وأن "شمامة" على طول "ضفة" النهر زراعية، و"ازويرات" و"افديرك" في "تيرس زمزر" لاستغلال المناجم التي تربض في جبالها، فجاءت التسميات تعبيرا عن خصوصيات اقتصادية للساكنة. أسس الاستعمار على هذا رؤاه حول استغلال خيرات البلد فأنعش بالوسائل الحديثة والإدارية التنظيمية هذه الأقطاب حتى خلق بينها تعاونا أكثر جدوائية وأكثر سرعة وأمانا. أما وقد أصبحت :

-         وسائل النقل أكثر تطورا وتنوعا برا وجوا وبحرا،

-         والقدرات التنموية والتبادلية أبلغ،

-         و الاتصال أكثر تطورا،

-         والحاجات أكثر إلحاحا إلى تسريع وتيرة التنمية والتطوير والتبادل والتكامل،

فقد كان لزاما أن تتجدد وتتحسن "السياسات" بشكل أدق لتصاحب هذه الحركة المتسارعة في النمو وتضمن التوازن الضروري.

من هنا جاء حتما هذا التفكير الجاد في دعم القطب الرعوي في إحدى مناطقه الكبرى بولاية الحوض الشرقي والمعرض الذي أقيم في مقاطعة "تنبدغه" بإشراف سامي من رئيس الجمهورية وحضور كثيف لرجال الأعمال الذي شاركوا والتنزموا بالاستثمار الفعلي فيه على كل المستويات التي منها:

-         تحسين السلالات،

-         إدخال تقنيات مضاعفة كميات الألبان وأحجام الحيوانات لتوفير اللحوم بكميات كبيرة وجودة عالية،

-         استغلال المشتقات في وحدات صناعية يتم إدخالها كصناعة الجلود و غيرها مما أصبحت تتيحها التطورات الهائلة.

وفي هذا الحضور المزدوج للقطاعين العام والخاص إشارة بارزة لتوجه موريتانيا أسوة بدول العالم ومنها بالسعودية التي دشنت مؤخرا توجهها ـ بإشراك القطاع الخاص في عملية التنمية من خلال الحضور في مجال الاقتصاد في كل جوانبه ـ إلي الدخول في عصر الاقتصاد المندمج المفتوح على كل الأقطاب الاقتصادية الأخرى كالصيد البحري والزراعة والمعادن والسياحة لتنتشر الصناعة التحويلة للمواد الأولية حتى يتسنى  للبلد تغطية الحاجات المحلية وتشغيل المواطنين ومن بعد تصدير الفائض.

نعم هو الآن توجه العالم في "المقاربات" الاقتصادية "الجديدة" كلها إلى تضافر جهود القطاعين "العام" و"الخاص" ضمن عملية مشتركة لتنمية البلدان وتحقيق النمو السريع والاستفادة من التطور الهائل الذي يشهده العالم في كافة مجالات التكنولوجيا والبيئة والطاقة والصناعة لرفاه شعوبها وبناء بلدانها.