أثارت التسريبات الأخيرة وما تردد حول غضب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى من بعض أعضاء الحكومة خلال اجتماعها الأخير ردود فعل سياسية وإعلامية متباينة داخل الساحة المحلية.
وقد أعطت التسريبات للمتشبثين بالأمل معه - وهم كثر- دفعة قوية ولو لساعات قبل تحفظ وزير العدل أو نفيه، بفعل ماعانوا منه خلال الأشهر الماضية من ارتباك نتيجة الضعف الملاحظ فى الأداء الحكومى، والذى عبر عنه الوزير الأول الحالى محمد ولد بلال أكثر من مرة فى خرجات إعلامية كانت مفاجئة للبعض داخل الأغلبية، ومحل ارتياح لدي البعض الآخر (أغلبية ومعارضين) .
لا يختلف اثنان ممن عرفوا الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، أو التقوا به قبل وصوله للرئاسة أو بعدها على حسن خلقه وتعاطيه الإيجابي مع محاوريه، وغياب أي عقدة لديه من نقاش مجمل القضايا الإشكالية مهما كانت طبيعة الزائر، أو مكانته السياسية، أو موقفه فى كثير من الأحيان من إجراءات الرئيس وبعض خططه، أو اختلاف الزائر معه فى أولويات المرحلة والقناعة بآليات التسيير المعمول بها منذ انتخابه رئيسا للجمهورية 2019.
لكن لدي البعض تحفظ أو هكذا يبدو من خلال التردد الملاحظ.بفعل النظرة للخليط الذى يدير به الرجل أمور البلد منذ انتخابه رئيسا للجمهورية ، فلا هو الماضى الذى عرفه الناس، من حيث أسلوب التسيير وآليات الشراكة والتعامل مع المخالف، ولا هو قفز على ماكان ومفاصلة مع الجو الذى عاشه الناس ابان حكم سلفه محمد ولد عبد العزيز ، بحكم شخوص النظام السابق ورموزه وبعض المسلكيات التى لم تسمح لمعارضي تلك الحقبة بالانفتاح على الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى وبرنامجه والإنحياز إليه فى صراعه من أجل التمكين لحكمه والتحضير لمرحلة جديدة من التعايش مع الطيف السياسى الذى ظل خلال العشرية ينشد التغيير ويكافح من أجل مرحلة جديدة ، قوامها العدل والمساواة واحترام المخالف وإشراك الجميع فى بناء بلد يحتاج إلى كل أبنائه، ويتطلع فيه كل مواطن إلى العيش دون إقصاء أو تمييز أو استهداف.
لقد مهدت تصريحات الرئيس المنسوبة إليه خلال اجتماع الحكومة الأخير لمرحلة قد تكون فاصلة فى مسار الرجل ومشروعه، ومنحت معاونيه رسالة مفادها أن التفويض لايعنى الفوضى ولا الضعف، والتعامل وفق القانون محكوم بضوابط أبرزها الإيجابية والإنجاز، وأن آهات الشعب تسمع رغم التضليل الممارس من بعض القطاعات الوزارية أو القائمين عليها على أقل تقدير، وأن عهد المحاسبة على الفساد قد بدأ - كما هو حال المقالين دفعة واحدة قبل أيام - وعلى الضعف وغياب المنجز قد أقترب كما تشير إلى ذلك تصريحات الأربعاء الأخير.
لقد أظهرت تلك التسريبات كم هو الشعب متعطش للتغيير، وكم النخبة السياسية والإعلامية والنقابية مستعدة لمرافقة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى فى مشروعه إذا تخلص من رموز التوتير و عناوين الضعف، وأعاد الاختبار على أساس الكفاءة وحسن السلوك ، والمشهور من أفعال وسلوك الموظفين المتسمين بالصرامة والنزاهة والبعد عن الفساد والتبذير أو الترشيد مع الضعف وسوء الحكامة والتيسير.
(*) مدير زهرة شنقيط