ليست هذه الأيقونات الثلاثة، الا رأسا وجسدا وروحا، والعبث بمقاديرها ، كاللعب بمساحة إقليم الساحل الإفريقي التي تبلغ أكثرمن عشرة ملايين كيلومتر مربع،أربع وستون بالمائة منها صحراء جرداء، وكإشعال الحرائق بكتلة ديمغرافي غرافية تبلغ حوالي مائة مليون إفريقي، متوزعين على قبائل وأعراق متعددة، تتداخل في سهول ووديان الرعي والانتجاع، وتتمازج في التقاليد والعادات ، وتتناغم بلغات مختلفة أهمها العربية، والأمازيغية، والحسانية، والولارية، والفرنسية ، تؤازرها لهجات إفريقية تتشابه لكنة وتتمايز نطقا وفهما.
.كل بهذا الفضاء يهوى ليلاه، وكل يترنم بنايه، ويسقى على بئره، ويحمي حماه، ويتنوع في فسيفساء مضارب خيمه، ومأوي أخصاصه.،وكمرور سنين الجفاف التي تأكل الأخضر واليابس، وتتسبب في تنازع البقاء بين من المزارع والمنمي، وبين الرحل
وغير الرحل.
لايدرك كثير من “خلف الشناقطة” أن أربعين مليونا ، من حضارة الرحل هذه، هم من البيظان الذين يشكلون القوة الصلبة للمائة ألف أويزيد من عمار الساحل والصحراء، وأنه بسبب العلاقة التاريخية بين المئذنة و المحظرة وجدت حضارة عالمة : لها ألق في علم البيان، وحسن تلاوة في أوقات السحر، وفقه مؤصل اذا تلاقت صفوة القوم، وترنم بمطهرة القلوب، وببردة كعب بن مالك، وتشابه في نمط اللثام، وحبكات الدراعة، وألوان الملحفة، وجس وقع سنابك الخيل، وحدو سائسي سفن الصحراء ، و همهمة المتبتلين اللاهجين مساء وصباحا بالأذكار…ألا يستحق كل ذلك الألق المتمعدد كالغزال : نظاما عادلا، وأرضا مباركا، وجمهورية ساحلها آمن من الخوف، وأكنافها تطعم فاكهة وأبا، جمهورية أسودها لا تعبث بهم الضباع الاستعمارية، ولا يسمع بربوعها عواء الذئاب الإرهابية ، وهمز كلاب الكراهية، وحسيس التكفيريين، ونفث المستهزئين ؟
مر من هنا كورو، وعرس كبلاني، وتمندل الكوميات والأملازة، وتدخل الغزاة أكثر من أربعين مرة ، منذ مائة سنة عبر الساحل وفي تسع دول إفريقية تمتد من المحيط الأطلسي غربًا إلى الحدود مع السودان شرقا.
رأيتم الصراع المحتدم على اليورانيوم في النيجر، وعلى الغاز والمعادن الأولية في ساحل العاج ووسط إفريقيا ودول المنشأ.
وتشاهدون الصراع على النفوذ بين الشركات الأجنبية والقواعد العسكرية التي تحمي مصالحها شرقا وغربا.
وتلحظون الآن العراك المتزايد على المنافذ البحرية في الصومال والقرن الإفريقي ، وعبر ممرات البحر الأحمر وضفاف المتوسط.
و شاهدتم دخان النفط الليبي المشتعل، الذي لا يزال يغري أمراء خارطة تهريب المهاجرين والمتاجرة بهم، ويسيل لعاب أمراء الحرب والأجنبي الذي يجني وحده ثمار تجارة الحروب بالوكالة، التي يؤججها نفاثات عقده.
ولمستم كيف قرر دعاة حقوق الإنسان في الغرب ، محاصرة الهاربين عبر قوارب الموت ، بقانون بحار استعماري جديد، يبيح قصف السفن، وبناء سجون الملاذات والتطهير العرقي، بلا رأفة بالفقراء، وبلا رحمة بالمهجرين من بؤر الصراعات.
.و لا يخفى عليكم حصار الصحراويين عشرية خامسة في جيوب الفقر والظلم والنسيان.
هؤلاء الفلان ، وهذا الساحل، وتلك أمة البيظان، قدركم، وألقكم..
وأنتم الآن تشاهدون بلا بواكي إبادة الفلان في مالي.
ويزمجر بحملاتكم الانتخابية من رضي أن يشرع ترشيح من تبنى جهارا ، تشويه حضارة أخوة بلا رشوة، ومحبة بلا كراهية، أسسها البيظان الشناقطة عبر فضاء الساحل طولا، ووسطا وعرضا.
ويتواجد جنودكم لمنع المحارق ضد المسلمين في وسط إفريقيا،مقدمين الشهداء ، ويقفون بثغوركم مقدمين أنبل العطاء.
من النقاط المضيئة اليوم أن يتوجه الموريتانيون والسنغاليون جنوبا إلى إنجاح انتخاباتهم المرحلية، و أن تتشكل قوة للساحل برئاسة بلدنا الذي ملك الرؤية والجاهزية ، وأن تتحمل كل الأطراف واجباتها والتزاماتها الندية.
كما كان مؤتمر نواكشوط يدا ممدودة لتغيير قواعد اللعبة،،فقد آن للمغاربة والصحراويين طي صفحة جدار الوهم الزائل، وجبل الأحقاد الآفل.
لقد كان الاتفاق التاريخي بين أثيوبيا وأريتيريا، وحول مصب السد بين المصريين والاثيوبيين، وبين السودانيين في لجنوب برعاية الخرطوم ،أغصان زيتون خفاقة، بينت أن هناك عقولا ليست متصحرة، وعيونا ترى الأخطار، وترفض الانحدار في الهاوية…
يجب أن يتوقف فورا قتل الأزواديين والفلان في مالي.
ويجب أن تزول كوابح القطار وتنمحي حواجز الجدار بين البيظان في عدوتي اسمارا وتيندوف، وباتفاق بين المسارين بالرباط ونواكشوط، اعترافا بأن عمق موريتانيا في حل نزاعات المنطقة، ومؤخاة الاخوة زنوجا متعربين، وعربا مسلمين.
لقد أزفت ساعة المصافحة والمصالحة ،يجب أن يملك الموريتانيون زمام المبادرة ، فلا تنمية في ساحل ولا في مغرب مع حرب، ولا أحزاب حكامة مع الصراع، ولا مستقبل لأمة عربية افريقية سواحلية تأكل ما لا تزرع، ولا برلمان قادرا على رفع التحديات ولا وطن يحمي الانجازات إذا قبلنا أن يتقدم الصفوف رؤساء عصابات ينشرون الفئوية والطائفية ، وخطباء يمينيون يمجدون العنصرية والكراهية ، وتجار أفك يلغون في عرض
من لا يخاف حبالهم وعصيهم.
يقولون ان مؤسس الولايات المتحدة الآمريكية حذر من برلمان أساسه: كثيرون حول التفرقة، وقليلون مع الوطن.
وقد حذر القرءان الكريم من ذهاب ريح القوة، إن جاءكم100 حزب ناعق اختلف مع من جاء وصدق بالنبأ؟
ساحل آمن، وبيظان وفلان يقرئون الأمة60 حزبا طاهرا ، خير لكم رؤوسا وأجسادا وأرواحا ، من مليون شنشنة قديمة أو جديدة ، وخير لكم من حمر النعم.