يشرفنا اليوم أن نجري مقابلة صحفية مع السيد/ والبرتو إنريكي آيندي، الرئيس الحالي لـ “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP“، والنائب عن محافظة “سان خوان” بمجلس الأمة في الأرجنتين.
بدأ والبرتو إنريكي آيندي حياته العملية في عام 1981م حيث عمل إداريا داخل بلدية (9 يوليو)، وشغل منصب نائب أمين قسم الطوارئ الاجتماعية بوزارة التنمية البشرية والدعم الاجتماعي بمحافظة “سان خوان”، وهو القسم الحكومي المسؤول عن تقديم المساعدة والوقاية والدعم الاجتماعي للأفراد والعائلات والمجتمع المدني، والمعني بتخصيص ومراقبة المساعدات الموجهة لتلبية احتياجات الأشخاص والعائلات الأكثر احتياجا، وهؤلاء الذين لا تشملهم الأنظمة السائدة في الدولة.
يعمل انريكي آيندي نائبا بالبرلمان الأرجنتيني منذ عام 2017م، ويشغل منصب رئيس التكتل الحزبي “جميعا من أجل سان خوان”. وللنائب البرلماني حضور مميز داخل العديد من اللجان البرلمانية بمجلس الأمة في الأرجنتين التي نذكر منها منصبه كنائب لرئيس لجنة الدفاع عن المستهلك والمستخدم والمنافسة، ولجنة الموارد الطبيعية وحماية البيئة البشرية، ومنصب أمين لجنة التعدين، وعضو اللجان البرلمانية للمالية ولجنة الوقاية والتأمينات الاجتماعية، ولجنة الأسرة والمرأة والطفولة والمراهقة، ولجنة الوقاية من الإدمان ومراقبة الاتجار في المخدرات.
انضم في عام 2018م إلى “البرلمان الدولي للتسامح والسلام (IPTP)” كممثل عن جمهورية الأرجنتين، قبل أن يتم تعيينه في عام 2019م رئيسا لهذا البرلمان.
تأتي من أبرز أنشطته ومهامه وضع وتنفيذ سياسات الرعاية الاجتماعية والتنمية البشرية، خاصة رعاية القطاعات السكانية الأكثر ضعفاً، ويشارك في مختلف ورش العمل المعنية بالتنفيذ المتكامل للسياسات الاجتماعية ودعم وتعزيز الاندماج المجتمعي والاقتصادي والسياسي للشباب.
صباح الخير!، إنه لمن دواعي سرورنا أن نستمع اليوم لمداخلتكم في هذه المقابلة الصحفية، آملين بأن تكونوا في أتم الصحة في ظل هذه الظروف التي نمر بها في وقتنا الراهن.
شكرا جزيلا! نهاركم سعيد! تقع محافظة “سان خوان” في وسط غرب الأرجنتين، عند الحدود مع تشيلي، وهي محافظة ملاصقة لسلسة جبال الأنديز، ونعيش هذه الأيام في فصل الشتاء، وكون هذه المحافظة شبه صحراوية، فإن الشتاء هنا طويل وقارس إلى حد كبير، فدرجة الحرارة الآن هي صفر. ويعد النشاط الرئيسي لمحافظتي هو زراعة العنب والتعدين، وهو نشاط سكان يصل عددهم إلى ما يقرب من 800 ألف نسمة داخل هذه المحافظة. أكرر شكري لك، وسعيد بالتواصل معكم.
قبل أن نبدأ هذه المقابلة، نود في البداية أن تقوموا بتسليط الضوء – وبشكل موجز- على مسيرتكم المهنية.
لقد بدأت نشاطي في العمل السياسي وأنا في ريعان شبابي، حيث كنت في البداية قيادي نقابي أعمل داخل البلدية التابعة للمحافظة التي انتمي إليها، وهي بلدية (9 يوليو)، التي تقع على بعد 24 كيلو متر من العاصمة “سان خوان”. فالبداية كانت في العمل النقابي ثم أصبحت مستشارا داخل مجلس البلدية المذكورة خلال الفترة ما بين عامي 1995- 1999م، قبل أن أنضم في عام 2003م – مثلما ذكرتكم سابقا- للالتحاق بالعمل ضمن الفريق الحكومي لمحافظة “سان خوان”. وفي عام 2007م، تم انتخابي في منصب عمدة (مجلس بلدية “9 يوليو”) بنسبة (67%) من الأصوات المؤيدة، ثم أعيد انتخابي في نفس المنصب بنسبة أصوات (63%)، لأستمر لمدة 8 أعوام كعمدة لتلك البلدية، قبل أن يتم انتخابي في وقت لاحق كنائب بمجلس النواب المحلي لمحافظة “سان خوان” وممثلا عن هذه المحافظة داخل هذا المجلس، إلا أنني اضطررت للتخلي عن مقعدي بناء على طلب من رئيس الحكومة المحلية للمحافظة كي يتم تعييني وزيرا للعمل الاجتماعي والتنمية البشرية، وهو المنصب الذي كنت أشغله لمدة عامين. وفي وقت لاحق، طالبني حاكم المحافظة بأن أكون على رأس قائمة المرشحين لرئاسة المفوضية الوطنية، قبل أن يتم انتخابي بنسبة (54%) من إجمالي الأصوات. وأنا الآن في المرحلة الأخيرة من عملي كنائب داخل مجلس الأمة (البرلمان الأرجنتيني).
ما هي من وجهة نظركم أهمية “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP“، وما الدور الذي يقوم به هذا المجلس على المستوى العالمي؟
اعتقد بأن قرار انشاء هذه الهيئة الدولية المعنية بنشر قيم التسامح والسلام كان قرارا مناسبا في وقت يعيش فيه العالم أوضاعا استثنائية، وذلك دون أن يكون لهذا المجلس أي تدخل أو تعارض مع عمل منظمات أخرى دولية مثل منظمة الأمم المتحدة. كما أنني أرى بأنه كان مهما ذلك التشكيل المتعدد الشخصيات الذي يتكون منه “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP”، لاسيما وأنها شخصيات قادمة من مجالات عمل مختلفة سواء كانوا جامعيون أو قيادات سياسية تتبنى أيدولوجيات متباينة ومعتقدات دينية مختلفة. ومن هنا فإنني اعتقد بأن التعددية التي يتميز بها “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP” هي أمر ضروري تزامن بطبيعة الحال مع تعيين الصديق أحمد الجروان ليقود هذا المجلس الذي نجح – وفي وقت وجيز وخلال سنوات قليلة- في حصد الاعتراف العالمي به، وأتصور بأنه من بين التقديرات الهامة لهذا المجلس كان ذلك التقدير الذي أعلنت عنه منذ أيام قليلة الصحيفة المرموقة في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى المستوى العالمي وهي جريدة (The Wall Street Journal). فتقدير عمل أحمد الجروان هو بمثابة تقدير كذلك لنشاط ودور “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP”.
تشغلون في الوقت الراهن منصب رئيس “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP“، ما هي التحديات التي يواجهها هذا البرلمان؟
تقصد بالتأكيد التحديات التي يواجهها هذا البرلمان في عالم متغير، أليس كذلك؟ فهو ليس ذلك العالم الذي كنا نعيش فيه منذ عامين ماضيين، ولن يكون بكل تأكيد هو نفس العالم خلال عامين قادمين سنواصل خلالهما مراحل تجاوز الجائحة. أعتقد بأن الأزمة الاقتصادية قد تفاقمت مع وصول أزمة جائحة كورونا، وارتفعت معدلات الفقر ارتفاعا كبيرا وباتت مثيرة للقلق. فقد تسببت هذه الجائحة في فقر الملايين من السكان في جميع أنحاء العالم، إلا أن ضربات هذه الجائحة كانت أكثر قوة داخل الدول الأقل تقدما. ومن هنا فإنني أتصور بأن التحدي الأكبر الذي يواجه “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP” سيرتكز على رؤية كيف يمكننا أن نعمل داخل المجالس النيابية لكل واحد منا في بلاده، ثم الانتقال للنظر إلى العمل على المستوى العالمي. فقد تزايدت فجوات عدم المساواة داخل الدول القادرة التي تقف مدينة للعديد من الهيئات الدولية والتي لم تضع في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية، فنحن نعيش أوضاعا مؤلمة، خاصة عندما نرى بأن هناك حاجة للحصول على اللقاحات. اعتقد بأننا أمام تحد هائل.
هل هناك قضية أو مبادرة إنسانية يمكن أن يتبناها “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” ويعمد على تفعيلها داخل بلادكم من أجل تعزيز ونشر التسامح والتعايش السلمي في الأرجنتين؟، وما هي الآليات المناسبة لتنفيذ مثل هذه المبادرة؟
لدي شخصيا مفهوم عن السلام يتسم بالإيجابية والقدرة في الوقت ذاته، فعندما يتم التطرق في الحديث عن السلام، نفكر في تلك السلبية وفي تشابك الأيادي، إلا أنني أرى بأنه يتوجب علينا إعادة توظيف لفظ السلام وتحويله إلى مفهوم قوي ومتاح أمام الصغار من الشباب. ومن هنا فإنني اقترح أن يتم البدء بتوجيه سؤال للصغار والشباب عن كيفية أن يتحولوا هم أنفسهم ليكونوا بناة للسلام في الوقت الحاضر. فنحن أحيانا ودون أن ندري نرى بأن الأمور تميل للتعقيد إذا ما قصرنا تفكيرنا على البرامج والمناهج، إلا أننا ما نريده في الأخير هو أن يفكر الصغار كيف يمكنهم أن يتحولوا ليكونوا صناع للسلام. فنحن نهدف لتحقيق أمرين وهما/ رؤية كيف تتراجع معدلات العنف وكيف يتزايد في المقابل البناء المجتمعي والفاعلية الاجتماعية. فعندما يتقاسم المعلمون والطلاب دور البطولة نجد بأن العنف يتراجع بشكل كبير، ليقل بذلك الشجار وتتضاءل تلك الاضرار التي تلحق بالمنشآت العامة. كما أننا نرى بأن الصغار يصبحون قادرون على حل المشكلات دون تشاجر وعلى دعوة الآخرين للمشاركة في مختلف الأنشطة دون أن يكونوا بالضرورة أصدقائهم، ليتعلم الشباب بهذه الطريقة درسا وهو كيف يكون لهم تأثير إيجابي داخل مجتمعهم.
نحن نعيش تجربة شيقة للغاية واقترحنا تفعيلها في آخر لقاء لنا على المستوى العالمي، حيث أننا نعمل مع مختلف المعتقدات الدينية ونجحنا خلال عامين متتاليين وبالتعاون مع جمعية (العمل الكاثوليكي الأرجنتيني ACA) ومن خلال مسابقة قام بتنظيمها “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” – وشارك فيها ما يقرب من 14 ألف مدرسة ونحو مليون و800 ألف طالب من مختلف المراحل الدراسية- في تحقيق مشاركة شديدة الأهمية لها علاقة تحديدا بمجال التسامح والسلام.
أما في محافظة “سان خوان” – وهي المبادرة التي نسعى لنشرها في باقي المحافظات- فقد نجحنا في ابتكار ما يعرف بـ “راية السلام”، ففي كل مدرسة داخل هذه المحافظة (يصل عددها إلى نحو 2100 مدرسة) يوجد حامل للراية يظهر بارزا إلى جانب تلك الرايات والشعارات التعليمية، فهذه المرة نحن نتحدث عن راية لها علاقة بالتكوين الإنساني تذهب لتمثل المركز التعليمي في كل محفل، حيث يتم وضع علم الارجنتين وفي نفس الوقت “راية السلام”. فأنا أعتقد بأنه يجب تكثيف العمل مع الجامعات والمدارس الثانوية، فمن المهم والأساسي أن يتم الحديث عن السلام والتسامح داخل المجتمعات التعليمية.
ما هي أهم التجارب والممارسات التي تقوم بها بلادكم لدعم قيم التسامح والسلام حتى يتم تسليط الضوء عليها والاستفادة منها؟.
لقد شهدت المناسبة التي أقيمت فيها الجلسة الثالثة لـ “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP” بالعاصمة الأرجنتينية بوينوس أيريس على رؤية تلك الاسهامات المباشرة التي قدمتها القيادات الدينية الممثلة لمختلف الأديان في دول أخرى. لقد تمكنا من رؤية كيف يجلس سويا اليهود والمسلمون والمسيحيون، لتبرهن تلك اللقاءات وخلال عامين على أن الحوار والتعايش السلمي والاحترام هي ركائز أساسية في بناء السلام. وهناك في الأرجنتين وفي محافظة “سان خوان” ما تعرف بـ “مائدة أتباع مختلف الأديان” الممثلة فيها مختلف المعتقدات الدينية، على الرغم من أن الأرجنتين لا تعاني من تلك الصعوبات القائمة على مشكلات دينية، إلا أن ذلك هو الطريق الذي يجب أن يدفعنا للعمل جميعا من خلال مشروع مشترك لاحترام ذلك الهدف الذي نتشارك فيه وهو العمل من أجل حقوق الانسان.
كما أنه تقام في الأرجنتين مسابقة وطنية تعرف باسم “الوجوه المتعددة للسلام Poliedro por la Paz” الذي تشرف على تنظيمه “اللجنة القومية للعدالة والسلام” و”المؤتمر الأسقفي بالأرجنتين”، وهي المبادرة التي تقام تحت رعاية البابا فرانثيسكو ومكونة من لجنة تحكيم تضم الحائز على جائزة نوبل للسلام “أدولفو بيريث اسكيبيل”، وأتواجد أنا بين أعضائها كرئيس لـ “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP”، وهي المسابقة المكونة من ممثلين من مختلف الأديان وتبرز فيها شخصيات من الأرجنتين تعمل سويا من أجل نشر التسامح والسلام في جميع أرجاء البلاد.
لقد قام “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP” بتوقيع مجموعة من اتفاقيات التعاون مع مختلف الدول والبرلمانات والمنظمات الدولية والجامعات المرموقة المختصة جميعها في مجال التسامح والتعايش السلمي بمختلف دول العالم. ما هي أهمية هذه الاتفاقيات من وجهة نظركم؟
لقد نجح “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” في ضم عدد كبير من الأعضاء، وكان ملفتا للنظر قدرة هذا المجلس على الوصول خلال سنوات قليلة إلى ما يقرب من 80 دولة ممثلة داخل هيئته الحالية. لقد تمكنت من توقيع مذكرات تفاهم حتى مع دول ليست أعضاء داخل المنظمات الدولية – فيما عدا في منظمة الأمم المتحدة-. ومن هنا فإنني أعتقد بأنه من المهم أن يكون هناك متسع وقناة تسمح لتلك الدول بالعمل داخل المجلس دون أن تكون منتمية لهيئات إقليمية. أعتقد بأنه أمر أساسي أن تجد هذه الدول منصة لطرح خلافاتها المتباينة على المستوى الإقليمي، مثلما حدث مع كل من بيرو والإكوادور، فقد وضعت تلك الخلافات البلدين خلال السنوات الماضية في صراع وعلى حافة حرب بينهما، ليتدخل “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” لإيجاد حلول لهذا الصراع، وأتصور بأن يكون هناك قريبا مستجدات هامة في هذا الشأن. فبفضل مشاركة “المجلس العالمي للتسامح والسلام” يمكن أن تجد الصراعات الإقليمية والخلافات بين دول الجوار طريقا للحل بالسبل الدبلوماسية.
هل يمكن لك أن تحدثنا عن خبراتكم من خلال عملكم مع “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” منذ أن أصبحت عضوا في هذا المجلس؟
إنني حديث العهد بالعمل داخل هذه المجلس، كما أنني لست خبيرا في السياسية الخارجية، إلا أن انضمامي للمجلس سمح لي بالتشاور وإجراء حوار مستمر مع شخصيات مثل أحمد الجروان والبروفيسور زوران اللذان يملكان خبرات واسعة في العلاقات الدبلوماسية والدولية. إن العمل داخل هذه المجلس جعلنا نكتسب المزيد من المعارف عن الأوضاع العالمية. إنها تجربة مميزة، لاسيما وأنه داخل هذا المجلس نجد برلمانات متعددة ومختلفة -مثلما هو الحال عند دول مثل السلفادور أو هندوراس، التي تعيش أزمات الهجرة منذ سنوات طويلة-، ومشكلات لها علاقة بدول إفريقية وأخرى بمنطقة الشرق الأوسط وحتى في أوروبا. أتصور بأن هذه التجربة مفيدة للغاية خاصة لمثلنا من الذين يتحملون المسؤوليات في العمل السياسي. كما أنها تجربة هامة خاصة وأنه لا يمكن أن نركز فحسب على الأوضاع الاقتصادية الإقليمية، إنها تجربة تفتح أذهاننا بأن هناك عالم آخر لديه مشكلات مختلفة.
يحرص “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” على وجود تنوع بين جميع أعضاء هذا المجلس، حيث يضم أعضاء من أكثر من 80 دولة.. كيف يخدم هذا التنوع نشر قيم التسامح والسلام في العالم؟
لقد كان لهذا التنوع دورا رئيسيا في مختلف الاجتماعات واللقاءات العالمية التي قمنا بها بمختلف القارات. والتعددية هي بالفعل الصفة التي تميز هذا المجلس، حيث تسمح للنظر إلى القضايا دون تعصب وبعيدا عن الايدولوجيات السياسية، كما أنها تسمح برؤية العالم بشكل مختلف، ورؤية كذلك وبشكل مختلف تلك الحلول التي يتم وضعها للصراعات المختلفة. وأعتقد بأنه يجب الاستمرار في الحفاظ على هذا التنوع والتعددية، فبدون ذلك سندخل في خلافات بين المناطق وخلافات سياسية، وفي الكثير من الأحيان في المشكلات الداخلية للدول، وهذا ليس هو الهدف أو الغاية، فالتعددية جعلت “المجلس العالمي للتسامح والسلام CGTP” يتمدد وفي وقت قصير مدافعا بشكل دائم عن هدف واحد يجب أن يكون هو طريقنا جميعا، تاركا كل دولة تحل خلافاتها السياسية على المستوى الداخلي.
يعد “البرلمان الدولي للتسامح والسلام IPTP” والجمعية العامة من المكونات الأساسية للمجلس العالمي للتسامح والسلام.. كيف ترى دورهما في تطبيق أفكار المجلس العامة على أرض الواقع؟
على الرغم من أن السياقات معقدة إلا أنني أرى وجوب الاستمرار في الحفاظ على نفس الأهداف. وأتصور بأن الواقع الذي يعيشه العالم لا يجب أن يجعلنا نحيد عن هذه الأهداف. فمن الطبيعي أن تُصعب المشكلات من مواجهة سيناريوهات مختلفة أو الحديث عن قضايا محددة مثل التسامح والسلام لاسيما في ذلك الوقت الذي نجد فيه مثلا بلاد بمنطقة أمريكا اللاتينية تزيد فيها مؤشرات الفقر عن 46%، فعندما نجد بأنه لا تحترم أدنى الحقوق مثل المساواة وتتفاقم فجوة عدم المساواة بمرور الوقت، فهذا هو التحدي الكبير الذي يقف كي تتحول الظروف والأوضاع التي يعيشها العالم لتنتهي بجعلنا أكثر قوة سواء كان “المجلس العالمي للتسامح والسلام” أو “البرلمان الدولي”.
لقد واجه العالم خلال العام الماضي تحديات كبيرة تسببت فيها بشكل أساسي الأزمة الصحية لجائحة فيروس كورونا، وقام “المجلس العالمي للتسامح والسلام بإرسال مساعدات طبية وصحية لبعض الدول الأكثر تضررا من هذه الأزمة. كيف تقيم هذه الخطوة التضامنية؟
أرى بأنها خطوة تضامنية هامة، فبعيدا عن مجرد الكلام نجد بأن هناك أفعال. فقد كان “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” قريبا جدا ليس فقط أثناء الجائحة وإنما كذلك أثناء تلك الكوارث المناخية التي ألحقت أضرارا جسيمة في بعض دول أمريكا اللاتينية مثل السلفادور وهندوراس. لقد كان “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” حاضرا خلال العام الماضي في ظل الأزمة الصحية لجائحة كورونا التي فاجئت منطقة أمريكا اللاتينية على وجه التحديد. أعتقد بأن التواجد والحضور في الأوقات العصيبة من جانب “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” إلى جانب ممثلون عن الدول المذكورة قد كشف عن ذلك التضامن الذي يجب أن نتحلى به جميعا في اللحظات الحرجة. ولقد سمح لنا هذا التضامن وعلى الرغم من عدم مقدرتنا بأن نكون قريبون بشكل أكبر أن نستمر في مواصلة عملنا خلال هذه الفترة ليس فقط داخل المجالس النيابية المحلية وإنما كذلك سمح لنا بأن نكون مشاركون في كافة القرارات الهامة التي يتخذها “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” على المستوى العالمي.
وفي الختام.. نود التعرف على تلك الرسالة التي ترغب في نقلها من خلال عملكم داخل “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP“.
اعتقد بأن الأوضاع الحالية تلزمنا بإعادة التفكير في أدوار البرلمانات، وفي تلك المشكلات العاجلة التي لها علاقة بالهجرة القسرية بسبب المجاعات أو الفقر أو بسبب الاضطهاد الأيديولوجي والعرقي، أو تلك التي لها علاقة بالتغير الكبير للمناخ في بعض مناطق العالم، وندرة المياه بسبب الاستخدام غير المناسب للبيئة. وأعتقد بأنه يجب أن يدفعنا التاريخ والمستقبل لتفعيل ذلك – كل واحد منا داخل بلاده، ثم على مستوى العالم-، فلا يمكن إقامة السلام دون تأسيس قاعدة قوية تجعل من دولنا أكثر عدالة تجفف فيها كل منابع الصراعات التي تجد أسبابها في غياب العدالة وانعدام المساواة والتهميش والظلم وسوء المعاملة. ومن هنا فإنني أضع أملي في الله وفي العمل المخلص لأعضاء كل من “المجلس العالمي للتسامح والسلام GCTP” و”البرلمان الدولي IPTP” من أجل تغيير دور البشرية وجعل الهدف الذي نتقاسمه ممكنا، وهو احترام حقوق الانسان على وجه الأرض. أتصور بأنه هدف وغاية كل واحد منا.
أحمد حسين الشاذلي
دكتور فقه اللغة الإسبانية بجامعة أوتونوما في مدريد – مملكة إسبانيا
المحلل السياسي بعدد من البعثات الدبلوماسية العربية واللاتينية في إسبانيا ومصر.