حزب مودي عمل على تعزيز مشاعر الهندوس ضد المسلمين
حذر كاتب هندي مخضرم من أن ما يواجهه المسلمون اليوم في ولاية "آسام" الهندية -من قتل وتشريد وطرد من حقولهم واستبدال الهندوس بهم ووسمهم بأنهم هم أصل كل بلاء في الهند- ليس سوى بداية لإبادة جميع مسلمي الهند، وقد جُعلت "آسام" مختبرا أوليا لتلك الإبادة.
وقال ديباسيش روي شودري -وهو مؤلف مشارك لكتاب "الفتك بالديمقراطية.. تحول الهند نحو الاستبداد"- إن ما يروج له حزب "بهاراتيا جاناتا" الحاكم من أساطير لاإنسانية ضد المسلمين يشبه ما فعلته ألمانيا النازية باليهود الذين كانت تطلق عليهم "الجرذان"، وما فعله الهوتو خلال إبادتهم للتوتسي في رواندا بتسعينيات القرن الـ20 الماضي؛ إذ كانوا يسمونهم "الصراصير"، أما مسلمو الهند فهم بالنسبة لأعضاء حزب بهاراتيا جناتا "نمل أبيض" يلتهم موارد الهند ويحرم الهندوس من خيرات أرضهم.
وندد شودري -في مقاله بمجلة "تايم" (Time) الأميركية- بما ظهر في مقطع فيديو تم تداوله في سبتمبر/أيلول الماضي ويظهر عناصر شرطة هندية تقتل شابا مسلما في آسام ومصورا تلفزيونيا يدوس فوق جثة الشاب الهامدة قبل أن يعود لعناصر الشرطة الذين احتضنوه كتعبير عن رضاهم العميق بفعلته رغم بشاعتها، وفقا للكاتب.
وهنا أبرز شودري أن صعود رئيس الوزراء الحالي المتطرف ناريندرا مودي جعل الاستياء التاريخي للآساميين تجاه من لا يتحدثون لغتهم يمتزج مع سياسات القومية الهندوسية لينتج عن ذلك خليط خطير من كراهية الأجانب والمشاعر القومية.
وأضاف أن الدوس على جثة مسلم غدا الآن عملا وطنيا بطوليا واستحق بذلك أن يتباهى به أمام الكاميرا، وأصبح التعصب الأعمى اليوم وسام شرف، فذلك المصور يرى أنه بفعلته إنما كان يشارك في حماية الهند، مشيرا إلى أن مثل هذا السلوك يكشف الكثير عن الطريقة التي استخدم بها مودي التاريخ كسلاح وجعل للكراهية قيمة وحفزها.
"الهندوس في خطر"
وشدد على أن حزب مودي حقق إنجازا مخيفا؛ إذ ولّد إحساسا عميقا لدى الهندوس الذين يمثلون 84% من سكان الهند، بأنهم ضحية وجعلهم ينظرون إلى المسلمين بوصفهم "غرباء" وذلك عن طريق التضليل وخطاب الكراهية ونكء الجراح الدينية القديمة، والتلاعب بوسائل الإعلام الخانعة، وإسكات الأصوات التقدمية وتمكين مجموعات اليقظة الأهلية الهندوسية تحت شعار "الهندوس في خطر" وهي لازمة يمينية يتردد صداها بعمق في الهند اليوم.
ونتيجة لذلك -قول شودري- اقتنع هندوس كثر اليوم بأن أكبر مشكلة تواجه بلدهم هي مسلموها، وأشار الكاتب إلى أنه قبل تولي مودي زمام الأمور في عام 2014، كان ما يشغل بال معظم المواطنين هو الفقر، وضعف النمو الاقتصادي، ناهيك عن الفساد.
وعند أخذ مودي زمام السلطة وعد بإصلاح كل ذلك، ولكن مع استمرار تدهور الاقتصاد، وارتفاع معدلات البطالة والفقر في ظل حكمه، أصبح حزب "بهاراتيا جاناتا" يلجأ بشكل متزايد إلى الترويج لسياسات التفوق الهندوسي لصرف الأنظار عن الفشل في تحقيق ما وعد به والتهرب من المسؤولية.
وأدرك الحزب أنه كي يستمر في الفوز بالانتخابات لا بد أن يعزز استقطاب الناخبين الهندوس ضد المسلمين، ويعيد تدوير حملات أقبح وأشنع من أي وقت مضى لتشويه صورة المسلمين، على حد تعبير الكاتب.
وفي هذا الإطار -يقول شودري- أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الهندية اليوم تعج بمقاطع فيديو لأشخاص نصبوا أنفسهم حماة للهندوسية يطالبون بإعدام المسلمين دون محاكمة، وهو عمل أصبح شائعا لدرجة أنه لم يعد يصنع أخبارا بعد الآن.
ونادرا ما يعتقل المروجون الرئيسيون لتفوق الهندوس على خلفية ما يبثونه من خطاب كراهية، في حين، يتعرض المسلمون بشكل روتيني لهجمات عشوائية لارتكابهم "جرائم" مثل نقل الماشية أو التواجد برفقة نساء هندوسيات، وفي بعض الأحيان، يكون الاستفزاز هو ببساطة أن شخصا يبدو من سمته أنه مسلم، وهو ما قال الكاتب أن مودي نفسه لفت إليه في التجمعات الانتخابية، حين قال إنه يمكن التعرف على الأشخاص "الذين يخلقون العنف" من خلال ملابسهم.