في يناير 2015 ظهر أبو مصعب البرناوي للعلن أول مرة، عندما كان في الحادية والعشرين من العمر، وذلك في شريط فيديو دعائي لتبني إحدى أكبر المجازر بحق المدنيين في باغا، في شمال شرق نيجيريا.
واليوم، بعد أكثر من ست سنوات على تلك المجزرة، أعلن الجيش النيجيري وفاته من دون أن يقدم أي تفاصيل عن تاريخ الوفاة أو أسبابها.
حتى ساعة إعداد هذا التقرير، لم يصدر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا أي تأكيد بشأن وفاة زعيمه البرناوي، علما أنه سبق للجيش النيجيري وأن أعلن وفاة قياديين إرهابيين، ليعاودوا الظهور لاحقا.
البرناوي واسمه الحقيقي حبيب يوسف، المولود في عام 1994، هو الابن البكر بين الأبناء الأحياء لمحمد يوسف مؤسس جماعة "أهل السنة للدعوة والجهاد" الاسم الحقيقي لجماعة بوكو حرام.
ولقب البرناوي يشير إلى "الرجل المتحدر من بورنو" بلغة الكانوري (نسبة إلى قبيلة الكانوري المنتشرة في أربع دول هي نيجيريا، السودان، تشاد والكاميرون) وتنتمي إلى اللغات النيلية الصحراوية.
وفقا لخبراء نيجيريين في الجماعات المتطرفة، فقد اختار الزعيم السابق لبوكو حرام أبوبكر الشكوي هذا الاسم الحركي للشاب حبيب يوسف بعد مقتل والده بأيدي الشرطة النيجيرية في العام 2009.
عند بلوغ البرناوي الخامسة عشرة من العمر، أصبح معروفا باسم أبو مصعب البرناوي. ويشير الأخصائي النيجيري في النزاع فولان نصرالله، على حسابه في تويتر، إلى أن "أبو مصعب كان بمثابة أخ أو ابن للشكوي، وذراعه اليمنى".
ورأى خبراء أن طلاقة لسان البرناوي جعلت منه المتحدث باسم جماعة بوكو حرام. لكن العلاقة توترت بعدها بين البرناوي، والشكوي الذي ظل يردد مرارا أن البرناوي ليس متحدثا رسميا باسم الجماعة.
في تلك الفترة أفادت مصادر مقربة من الحركة أن البرناوي ابتعد عن مرشده عندما قرر الشكوي مبايعة تنظيم الدولة الإسلامية في 2015، واقترب من شخص آخر بارز في الجماعة هو مامان نور الذي كان صديقا مقربا من والده المتوفي.
تمكن نور والبرناوي معا من تجنيد مقاتلين في معقلهما خارج غابة سامبيسا حيث وزعا مقاتليهما حول بحيرة تشاد وفي المنطقة الشمالية لنيجريا قرب الساحل.
بعدها عمد الرجلان "المنشقان" من خلال رسائل صوتية إلى التنديد بـ"النزعات الاستبدادية" لدى الشكوي، واتهماه بقتل قادة وبعدم إدانة عمليات نهب جماعية جرت في المنطقة.
في 2015 وصلت القطيعة بين البرناوي والشكوي إلى ذروتها عندما قدم تنظيم بوكو حرام البرناوي في نشرته الرسمية على أنه "الوالي الجديد" للجماعة.
وفي عام 2016، انقسمت جماعة بوكو حرام الإسلامية المتطرفة إلى قسمين، الأول ظل يعرف بنفس الاسم ويقوده الشكوي، فيما كان القسم الثاني يدعى "تنظيم الدولة الإسلامية في ولاية غرب إفريقيا، واعترف به التنظيم المتطرف، ويقوده البرناوي.
خلافا لجماعة بوكو حرام التي لا تتردد في قتل المدنيين الذين لا ينخرطون في صفوفها بشن هجمات أو ارتكاب مجازر فظيعة، يزعم تنظيم الدولة الاسلامية- ولاية غرب إفريقيا إنه يسعى لكسب ثقة أبناء المنطقة وضمان موارد مالية بشكل منظم.
في يونيو الماضي أكدت جماعة بوكو حرام مقتل زعيمها أبو بكر الشكوي الذي قالت مصادر عدة إنه قضى في معركة مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.
جاء تأكيد الجماعة مقتل زعيمها بعد 10 أيام من إعلان البرناوي في تسجيل صوتي أن الشكوي انتحر بتفجير نفسه كي لا يقع في أسر تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا.
وتصاعد القلق في السنوات الماضية حيال تنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا الذي يبدو على وشك استيعاب مقاتلي بوكو حرام والسيطرة على معاقل الحركة السابقة، إذ يعني ذلك أنه بات يسيطر على منطقة أوسع وأن لديه عددا أكبر من المقاتلين ومزيدا من الاسلحة.
ويشهد شمال شرق نيجيريا تمردا منذ أكثر من 10 سنوات بدأ بهجمات شنتها جماعة بوكو حرام في 2009 وأسفر عن سقوط أكثر من 40 ألف قتيل ونزوح مليونا شخص.
ومن بين أبرز المجازر في نيجيريا خلال الفترة التي تواجد فيها البرناوي في صفوف بوكو حرام تلك التي وقعت في بلدة باغا شمال شرقي البلاد عام 2015 عندما قتل مسلحو بوكو حرام 100 شخص على الأقل واحرقوا 16 بلدة وقرية على ضفاف بحيرة تشاد بالكامل.
وفي 2014 قام التنظيم المتشدد باختطاف نحو 200 تلميذة من مدرسة في مدينة تشيبوك بشمال شرق البلاد لا يزال مصيرهن مجهولا حتى اليوم.