في انتخابات البلديات التي جرت سنة 1999 إن لم تخني الذاكرة، عينت ضمن تشكيلة مكلفة من قيادة الحزب الجمهوري بإدارة الحملة الانتخابية في تكانت.
وقد توليت رفقة أحد الزملاء إدارة الحملة في البلديات الثلاثة بمقاطعة المجرية. لنكتشف خلال جولاتنا في المقاطعة جمال الطبيعة وتنوعها في تامورت النعاج بأوديتها الجميلة وواحاتها الخلابة وشلالاتها الأخاذة وسكانها الطيبين الكرماء. وشكلت عاصمة المقاطعة نقطة ارتكاز لنا، لما تتميز به من هدوء ووداعة.
لكن زياراتنا لأشرم تركت في نفسي آثارا لم أنسها!
لقد كان مرشح حزبنا حينها لعمدة بلدية السدود هو السيناتور سيدي محمد ولد عبد الرحمن وكان حامل لواء الحملة الفعلي هو محمد ولد عبد الرحمن وكان الأمير حينها عثمان ولد عبد الرحمن.
لقد أمضينا يوما بمعية الأمير عثمان وقد انبهرت بحديثه العذب الذي لم يخل من حكم بليغة، تارة ضمن بيت شعر قديم وطورا في صيغة مثل عربي أصيل....فأيقنت أنني في حضرة عارف متمكن من الأصول حريص على القيم الفاضلة.. وقد التقينا مرات بمحمد ولد عبد الرحمن، البليغ في تعبيره، الصارم في حديثه، المقنع في طرحه.
وفي إحدى زياراتنا لأشرم قيل لنا إنه خارج القرية لزراعة سد له. وفي زيارة أخرى قيل لنا إنه صعد هضبة تكانت لزيارة إحدى القرى التابعة للبلدية لحمل ناخبيها على التصويت لصالح المرشح سيدي محمد، وبلغني أنه يشارك في أعمال الحرث بيديه وأن معظم تحركاته بين قرى البلدية ذات الطرق الوعرة يؤديها بتواضع، دون استخدام للسيارات وفي بعض الأحيان مشيا على الأقدام!
وقد حدثني صديق بات معه في نفس المنزل في إحدى الليالى بالمجريه ولاحظ قيامه جزء من الليل كما لاحظ طول سجوده وأوراده بعد الصلاة.
أما سيدي محمد فقد حظيت بشرف التعرف عليه في مناسبات عديدة قبل تلك الحملة وبعدها، وكنت أحسبه مثالا فريدا من نوعه في التواضع ودماثة الأخلاق.
والحقيقة التي اكتشفتها أثناء تلك الحملة هي أن هؤلاء الأمراء من معدن واحد ومن أسرة حاضنة لقيم النبل والأخلاق والعدل التي شكلت ركائز إمارة تكانت.
فإلى أسرة الأمير المغفور له محمد ولد عبد الرحمن الخاصة والعامة وإلى جميع الموريتانيين أتقدم بخالص العزاء، راجيا لفقيدنا الرحمة والغفران وجنة الرضوان مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن ألائك رفيقا وأن يلهم جميع الأهل في الحلة وخارجها الصبر والسلوان وأن يبارك في الخلف.
وأن يوفق الأمير الخلوق سيدي محمد ولد عبد الرحمن للسير فيما سار عليه الأسلاف الأفاضل متمثلا قول أحمد شوقي "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت....."
محمد كابر ولد حمودي