خبراء قضائيون يناقشون المساطر الإجرائية في المجال المدني في النزاعات العقارية

خميس, 11/18/2021 - 20:14

 

 

 

تميز أعمال اليوم الثالث من الدورة الثانية للملتقى التكويني للقضاة وكتاب الضبط  المنعقد حاليا بنواكشوط حول القوانين والنزاعات العقارية، ثلاثة معروض كرست للمساطر الإجرائية و تناولت  مواضيع: النزاعات الصغيرة وتهيئة الدعوى  والقضاء الإستعجالي.. 
أولا: النزاعات الصغيرة
تناولت المحاضرة الأولى  موضوع: النزاعات الصغيرة بين سرعة البت و محدودية مجال التطبيق وقد تعرض فيها القاضي محمد سالم  ولد أماه مدير المنافسة وتنظيم السوق بوزارة التجارة، إلى السياق الذي تم فيه استحداث هذه المسطرة، معتبرا أنها جاءت في سياق الإصلاحات التي تمت في إطار السعي إلى دخول البلاد إلى مجال ممارسة الأعمال المعروف ب: دوينك بيزنس، والحاجة إلى تسريع وتبسيط الإجراءات في النزاعات الصغيرة.....
 
وعرف المحاضر النزاعات الصغيرة من خلال القانون رقم 2019-021  بأنها: تتعلق  بالنزاعات التي لا تزيد قيمتها على أربعمائة ألف (400.000) أوقية، عارضا إلى الأهداف و المبادئ التي تقوم عليها مسطرة تسوية   مثل هذه النزاعات.
وفي معرض حديثه عن الأهداف من هذا القانون، قال المحاضر: إن من بينها: تحسين الولوج إلى العدالة من خلال تسوية النزاعات الصغيرة بأقصر الطرق وأيسرها كلفة، وتقصير أمد التقاضي وتخفيف عبء تراكم القضايا في المحاكم وتوفير الوقت والجهد على المتقاضيين. 
المحاضر رأى أن من شأن هذه المسطرة أن تلعب  دوراً في الحماية الاجتماعية " لما يطبعها من تسريع في وقت حصول المتقاضين على حقوقهم مما يزيد من إمكانية توفر ودوران السيولة داخل المجتمع، وما ينبثق عنها من خلق بيئة قضائية مثالية تنسجم مع طبيعة الأعمال وتقدم أفضل الخدمات القضائية والعدلية للارتقاء بتنافسية المحاكم ".
وفي حديثه عن مجال إعمال المسطرة قال المحاضر: إنه ينحصر في المجالين: المدني والتجاري،  وفي اختصاص محاكم الدرجة الأولى(محاكم المقاطعات والغرف المدنية والتجارية بمحاكم الولايات و المحاكم التجارية) والتي يقوم برفعها أي شخص طبيعي أو اعتباري سواء كان مدعيا أو مدعى عليه. 
المحاضر عرج على مسطرة رفع الدعوى معتبرا  أن  المشرع الموريتاني  بسَط إجراءات رفع الدعوى والتبليغ، ولذلك  حافظ على طريقة العريضة الموقعة من المدعي والتصريح المدرج بمحضر يحرره كاتب الضبط. 
 
وعن الحكم في النزاعات الصغيرة قال المحاضر إن المادة 10 من القانون  نصت على: "أن المحكمة تصدر حكمها في القضية خلال أجل 30 يوما من تاريخ توصلها بردود الأطراف ويبلع للأطراف بواسطة رسالة مضمونة الوصول أو أي وسيلة أخرى يقرها القانون و يمكن الطعن بالمعارضة في الأحكام الصادرة غيابيا في أجل ثمانية (8) أيام تبدأ من تاريخ تبليغ الحكم".

تهيئة الدعوى
المحاضرة الثانية  كانت عن: تهيئة الدعوى من خلال قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية وقد قدمها القاضي مولاي علي.
 
المحاضر عرض في مداخلته لنشأة نظام التهيئة، وتاريخه، معتبرا أن  التعديل الذي حمله قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية رقم 2019-020 019  هو الذي جاء  بنظام تهيئة الدعوى في مادته 61 .
وعن الهدف من تهيئة الدعوى  قال المحاضر: إن هدفها الأساسي هو اختصار الإجراءات والتعجيل بالحسم في القضايا المدنية والتي تشهد تراكما وبطء، يتعارضان مع العدالة الناجزة.
المحاضر تحدث بشيء من التفصيل عن مراحل تهيئة الدعوى،  وعن قاضي التهيئة واختصاصاته وصلاحياته. 

القضاء الإستعجالي
ثالث المحاضرات كانت عن  القضاء الإستعجالي من خلال قانون الإجراءات المدنية والتجارية و الإدارية ،  وقد قدمها المكلف بمهمة في وزارة العدل القاضي آدو ببانه..
 
المحاضر بسط في  تحديد مفهوم القضاء الإستعجالي معرفا له ومتحدثا عن  نشأته و مراحل تطوره ، و مفرقا بينه وبين النظم المشابهة له.
مستخلصا أن القضاء الإستعجالي؛ قضاء حمائي مساعد للقضاء العادي، طبيعته تجافي الفصل النهائي في الخصومات، و تقتصر على إصدار تدابير مؤقتة لبسط الحماية العاجلة على الحق الظاهر المهدد بمخاطر محدقة .
مميزا له عن القضاء العادي بالسرعة و بالاقتصار على التدابير و الإجراءات التي لا تكسب  حقا و لا تهدره.
 
وفي معرض حديثه عن خصائص القضاء الاستعجالي قال المحاضر: إنه  يقوم على فكرة العدالة العاجلة لا على أساس العدالة الكاملة، وعليه، فهو  يتميز بالبساطة و المرونة في الشروط العامة لرفع الدعوى الاستعجالية، وبإصدار الأوامر الاستعجالية بالسرعة المناسبة، كما أنه ينيط  البت في جميع حالات الاستعجال برئيس المحكمة وحده بوصفه قاضي الأمور المستعجلة.. كما أن وقتيته و ارتباطه بالسرعة تمنحه فسحة أوسع من القضاء المدني العادي لتمكينه من حماية الحقوق و المصالح المهددة.
وتحدث المحاضر عن شروط اختصاص القضاء الإستعجالي، ملخصا لها في اثنتين هما: شرط الإستعجال، وشرط البت المؤقت وعدم المساس بالأصل.
 
المحاضر خلص في ختام عرضه إلى؛ أن قضاء الاستعجال، واحد من أهم  أنواع القضاء و أكثرها حساسية، لأنه وسيلة التأمين العاجلة للحقوق و المراكز المهددة بالمخاطر المحدقة،  مشبها دوره بما تقوم به أقسام المستعجلات في المستشفيات و المصحات، وذلك  فيما يتعين عليها من تعاط سريع لنجدة و إسعاف المكروبين و ذوي الحالات الملحة و حمايتهم من تفاقم سوء الأحوال .
مداخلات المشاركين
المشاركون في الملتقى أثنوا على مستوى وجودة العروض، مقدمين جملة من الاستفسارات ومطالبين بتوضيحات عن بعض ما ورد في المحاضرات..
 
 وقد أكد المشاركون على أن مواضيع : النزاعات الصغيرة، وتهيئة الدعوى يتطلبان مزيدا من البحث والشرح والنقاش، لحداثتهما ومحدودية التطبيق فيهما
واعتبر بعض المتدخلين أن غالبية النزاعات في محاكم الداخل نزاعات صغيرة، لكن الوعي بهذه المسطرة، وغياب المحامين وغلبة الأمية على المتقاضين.. كلها عوامل تحول دون اعتمادها..
وفي معرض ردوده على تساؤلات المشاركين نبه القاضي محمد سالم ولد أماه إلى ضرورة مسك سجل خاص بالنزاعات الصغيرة لدى المحاكم المختصة، بمعزل عن بقية المساطر العادية... كماا شدد على أهمية دور كاتب الضبط في هذه المسطرة وتوجيه المتقاضين لها وتوعيتهم بها..