منح ولد محمد لقظف رتبة جنرال و"تعين" الغزواني قائدا للحرس الوطني

ثلاثاء, 09/18/2018 - 20:19

 

 

حملت افتتاحية القدس العربي ليوم 17 سبتمر 2018 هجوما مبطنا على النظام الحالي، ووصفت الإسلاميين واليسار بأنهم عصب المعارضة الرئيسي، وكشفت الصحيفة عن فقر في المعلومات التي بحوزتها عن النظام ورجالته، فوصفت ولد محمد الألقظف بأنه جنرال في الجيش الموريتاني تولى رئاسة الوزراء، وبان ولد الغزواني جاء لقيادة لجيش من أركان الحرس الوطني...

وهذا نص الافتتاحية..

حاول الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد الشيخ عبد الله (وهو من المناطق الشرقية في موريتانيا) استخدام المعارضة، التي يشكل الإسلاميّون واليسار عصبها الرئيسي، في إضعاف وصاية المؤسسة العسكرية عليه، وهو أمر واجهته «الدولة العميقة» الموريتانية، التي تسيطر على السياسة والأمن والاقتصاد، ويشكّل جنرالات قبائل الشمال مركزها، كما كانت ممثّلة بقوة داخل البرلمان، وتمكنت من حلّ الحكومة عام 2008، ولكنّه حين قام بإقالة مجموعة من جنرالات الجيش الكبار، بينهم قيادات الأمن الوطني والحرس الرئاسي وضباط في مؤسسات مختلفة انقلب الجيش عليه خلال ساعات وقام باعتقاله لتجري بعدها انتخابات رئاسية كان محمد ولد عبد العزيز مرشحها الوحيد.
وفي محاولة لتحسين صورة النظام قام الجنرال ولد عبد العزيز مع بداية حكمه بحصر ولاية رئاسة الجمهورية بفترتين رئاسيتين، وقد وعد في آذار/مارس 2017 بأنه لن يترشح لولاية جديدة ثالثة، وتضمن تصريح ولد عبد العزيز الشهير، مع ذلك، تفصيلين مهمّين، الأول قوله إنه «سيدعم شخصية أخرى» والثاني إنه «لن ينسحب من الحياة السياسية»، فما هو المقصود من التصريح المذكور، وهل يعني تخلّي ولد عبد العزيز عن السلطة، كما فعل عبد الرحمن سوار الذهب، رئيس هيئة أركان الجيش السوداني الذي قام بانقلاب عسكري عام 1985 لكنّه ما لبث أن سلّم سلطاته لحكومة جديدة منتخبة برئاسة الصادق المهدي واعتزل العمل السياسي، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟
بعد استلامه السلطة أعاد ولد عبد العزيز كبار الجنرالات الموالين له حتى، فاستلم الجنرال مولاي ولد محمد الأغظف، منصب رئيس الوزراء، وانتقل محمد ولد الغزواني من قيادة الحرس الوطني ليستلم منصب رئيس الهيئة العامة لأركان الجيوش، وخلال حقبة حكمه الطويلة نمت طبقة كبيرة من الموالين والمستفيدين من حكمه.
قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت خلال الأسبوع الماضي طرح رئيس الجمهورية تعديلات دستورية ألغت محكمة العدل السامية، وهي المحكمة القادرة على مساءلته دستوريا، واستبدال مجلس الشيوخ بمجالس «جهوية»، وبعد حصول حزب الرئيس الحاكم «الاتحاد من أجل الجمهورية» مع أحزاب موالية أخرى على أغلبية كبيرة في البرلمان الجديد (119 مقعدا من أصل 157 بينما لم تتجاوز حصة المعارضة 38 مقعدا).
تؤهل هذه التطوّرات للنقلة الكبيرة المقبلة للرئيس ولد عبد العزيز، حيث ستتم المحافظة الشكلية على الالتزام بولايتين رئاسيتين فقط، كما يتم تطبيق التصريح الشهير بعدم ترشحه لولاية ثالثة، والسيناريو الرئيسي المتوقع هو أن يتم تغيير النظام من رئاسي إلى برلماني، وتنتقل السلطات الأساسية من رئيس الجمهورية، الذي سيصبح منصبه شكليّا، إلى رئيس الوزراء، وسيرشح البرلمان، بالتالي، ولد عبد العزيز لهذا المنصب الجديد، فيما يتم توزيع بقيّة المناصب الأساسية في السلطات التنفيذية والتشريعية على المقربين منه، ومنهم محمد الغزواني، الذي سيتقاعد في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل من الجيش، وسيكون بذلك مرشحا مثاليا لمنصب رئاسة الجمهورية، والأغلب أن يصبح الشيخ ولد أحمد ولد بايه، العقيد المتقاعد المسيطر على قطاع الصيد، وتربطه علاقة عائلية بولد عبد العزيز، رئيسا للبرلمان (رغم أنه فاز بأغلبية طفيفة على مرشح حزب التجمع القريب من الإخوان)، فيما يستلم الصغير المبارك رئاسة المجلس الدستوري (وهو من قائمة الحراطين التي تشكل 40٪ من سكان موريتانيا). 
أحد المدونين الموريتانيين تساءل: «ما الداعي للاقتراع وتنظيم انتخابات تأكل الوقت والمال والجهد طالما أن النتائج معروفة ومحسومة سلفا؟»، وهو تساؤل طريف لكنّه يتجاهل سؤال الشرعية الكبير الذي تواجه الانقلابات العسكرية والذي يجعلها تقضي السنوات في التأليف والإخراج والتمثيل لتأمين هذه الشرعيّة العزيزة على قلوب الرؤساء.

افتتاحية القدس العربي 17-09-2018