تابعت ـ كغيري من المهتمين بمسار قناة الساحل ـ الحكم الصادر من المحكمة التجارية بولاية نواكشوط الغربية لصالح المدير السابق لقناة الساحل العميد اباه ولد السالك ضد رجل الأعمال المساهم بهاي ولد غده، كما قرأت بتمعن مقال العميد عبد الله ولد محمدو المعنون ب (صولة الباطل .. اباه ولد السالك وقناة الساحل) معددا إحدى عشرة نقطة عن مسار القناة وتأسيسها.
وهنا أريد أن أضيف لهذا السجال رؤية من خارج حلبة هذا الصراع المزمن كما يبدو والذي يمتد لعقد من الزمن، وكنت أحد الشهود المخضرمين عليه، حيث عملت تحت إدارة اباه ولد السالك عدة أشهر، وعايشت أزمة العمال وكنت من المدافعين عن حقوقهم والرافضين للدخول في هذه المعركة التي لا تهمنا كعمال بقدر ما تهمنا رواتب ثلاثة أشهر حينها من العام 2012 (مايو ـ يونيو ـ يوليو) بالإضافة لبعض المستحقات في مهمات صحفية خارجية سهر عليها أكبر صحفي عرفته متفانيا في عمله.
وقبل أن أدخل في المشكلة العمالية كان بودي أن لا يصل الخلاف بين العميدين اباه ولد السالك وعبد الله ولد محمدو إلى القاع ولا يلجأ الأخير إلى مستوى تقزيم العميد اباه ولد السالك، وجعله نكرة في عالم الإعلام وينشر عبارات من قبيل (المعني ـ ادعى ـ أنه صحفي ـ خبرة مهنية مفترضة) فضلا عن عبارات أخرى لن أعيد نشرها وما كنت أحسبها من قاموس ولد محمدو. هذا القاموس لا يليق بعميد استفدنا كثيرا من دروسه وقرأنا كتابه اليتيم في مكتبة الإعلام الموريتاني، كما أنه يعرف جيدا من هو اباه ولد السالك، ويعرف "موريتاني نوفل" التي كانت من الصحف السباقة لتغطية أزمة البعثيين بداية التسعينات وأكثر العارفين بذلك العميد عبد الله ولد محمدو.
وبالعودة إلى الحديث العمالي فإنني أشهد كعامل مخضرم وكأحد "الندماء" لاباه ولعبد الله ولد محمدو (ستكتب شهادتهم ويسألون) أنني قدمت سيرة ذاتية في نهاية العام 2011 تتضمن خبرة صحفية متواضعة لا تزيد على أربع سنوات مصحوبة ببعض المقالات والتحقيقات فاطلع عليها رجل لم أعرف ولم ألتقه في حياتي اسمه اباه ولد السالك يقطن في عمارة آفركو.
خرجت من المبنى وما كنت أظن بداية مارس من العام 2012 أنها ستكون أول مكالمة عمل من المدير اباه ولد السالك وقدمني لأصعب مهمة وهي تغطية أحداث الشمال المالي عملت صورا وتحقيقات شهرين متتابعين رفقة المصورين فاضل وكواد واعلي الشيخ ومحمد الراحل.
ما إن انتهى شهر مايو من نفس السنة حتى بدأ الخلاف يتصاعد بين المدير اباه ولد السالك من جهة وبين رئيس مجلس الإدارة عبد الله ولد محمدو والمساهمين (بهاي ولد غده وإسلمو ولد تاج الدين) من جهة وكان العمال ضحية لثلاثة أشهر متوالية.
تفاقمت أزمة العمال حتى بلغ الأمر ببعضهم أن خرجوا في مظاهرات إلى بنك التجارة والصناعة يطالبون بحقوقهم، أذكر أنني كنت ضد الجميع وكتبت مقالات تحمل المسؤولية للمدير وللمساهمين ويشهد الحسين ولد امدو نقيب الصحفيين حينها أننا اتصلنا بالنقابة وأنصفتنا.
في نهاية شهر أغسطس تقاضى العمال رواتب الأشهر الثلاثة، دون أن تقبل القناة بالاعتراف ببعض المهمات الصحفية المسجلة وكنت أنا من ضحايا هذا التنقل رغم أن المحاسب الأمين ابوه ولد محمد اطفيل نقل كل الأوراق والوثائق بما فيها تكاليف مهمتي أنا والمصور اعلي الشيخ في أزواد التي لم تدفع حتى كتابة هذه السطور وسامح الله من يتحمل مسؤوليتها ومسؤولية كل المتأخرات في قناة الساحل وأطالب من العمال السابقين أن يسامحوا المديرين والمساهمين في القناة وهي كثيرة جدا.
بدأنا من شهر سبتمبر 2012 مرحلة جديدة يديرها الصحفي محمد عبد الله ولد يبه وعبد الله ولد محمدو معا، وللتاريخ فقد استفدنا من إرشادات عبد الله ولد محمدو وأحمد سالم ولد البخاري وهما يقدمان الدروس فجرا قبل بداية الدوام، لكن بعد عام واحد، عادت أزمة الإدارة مع المساهمين إلى الواجهة وخرج محمد عبد الله ولد يبه هو الآخر من الإدارة.
الخلاصة أن أزمة قناة الساحل بدأت في عهد اباه ولد السالك واستمرت مع عبد الله ولد يبه ومحمد ولد خيار ومحمد فال ولد عمير وهند بنت عينينا وأحمد ولد البو ومحمد سعدنا ولد الطالب وحتى عبد الله ولد محمدو لم يستطع حل هذه الأزمة التي تشهدها القناة كل مرة (إضراب عمال ـ تأخر في الرواتب ـ ديون البث ـ العجز عن تطوير المحتوى ـ العجز عن توفير عقود للعمال) وقد حاول ذلك مرارا قبل أن ينضم إلى اللائحة الطويلة للمديرين السابقين للقناة، الخلل برأيي ليس من إدارة اباه صاحب التجربة الطويلة في الإعلام، ولا من تسيير عبد الله ولد محمدو الصحفي المخضرم في عدة مؤسسات، إنما الخلل في أن رجل الأعمال بهاي ولد غده ومن معه من المساهمين لم يقتنعوا حتى اليوم بجدوائية هذا المشروع وفي المقابل يحرجهم إغلاقه بعد أن بدأ فيه بأمر من الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.