نظم بيت شعر نواكشوط مساء أمس (الخميس) أمسية احتفائية بالشاعر المالي عبد الله درامي، وذلك وسط حضور معتبر للنخبة الإبداعية الموريتانية وحضور طلاب وشخصية علمية وازنة من جمهورية مالي.
وأكد الأستاذ الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر - نواكشوط ارتياحه لوجود شاعر من جمهورية مالي على منبر بيت شعر نواكشوط، منوها بمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، التي تجسدها باقتدار دائرة الثقافة بالشارقة، مضيفا أن تجربة استضافة بيت الشعر للناطقين بالشعر العربي هذا المساء؛ سبقتها أمسيتان نظمتا لاثنين من الشعراء السنغاليين.
وقال ولد السيد إن بيت شعر نواكشوط يفتح أبوابه للشعراء من الدول المجاورة، وخاصة المبدعين من جمهوريتي السنغال ومالي، حيث توجد نخبة من الشعراء الذين يكتبون بالعربية الفصيحة، مؤكدا أن البيت يعامل هؤلاء الشعراء كما يعامل الشعراء الموريتانيين بنفس المكانة وأنهم لا يعتبرون الشعراء الماليين والسنغاليين ضيوفا، بل هم من أهل البيت، ينشدون ذات اللغة وذات الهموم ويسعون لبث قيم الجمال وثقافة التنوير.
وقال ولد السيد إن تداخل الحدود والثقافات والقيم والعادات بين الموريتانيين والسنغاليين والماليين تأسس على أقوى رباط هو الدين الإٍسلامي السمح، وهذه اللغة العربية التي تمثل هوية التسامح والحب والتثاقف وتبادل التجارب والخبرات.
بدوره، الشاعر المالي عبد الله درامي، وبعد مقدمة رائعة تشبه المونولوج عرج فيها على ابن حزام وامرئ القيس والمتنبي والعديد من أجيال القصيدة العربية، وأسقط رمزيات أسماء أشهر معشوقات العرب على أسماء من قال إنهنّ سكنّ باماكو وتيمبكتو وباقي مدن مالي.. أكد أن سعادته لا توصف وهو يعتلي منبر المبدعين في بيت شعر نواكشوط، مضيفا أن المقام يجعله لا يخاطب الشعراء الظاهرين فقط، بل كل "سكان وادي عبقر"، وفق تعبيره.
ونوه درامي بالاستقبال الحار، الذي لقيه من طرف إدارة بيت الشعر خلال مناقشة تنظيم هذه الأمسية. واعتبر الشاعر المالي عبد الله درامي أن الشارقة قدمت الكثير للثقافة العربية وللشعر خاصة من خلال بيوت الشعر التي شدد على أنها تجربة متميزة ومثمرة.
وقال إن الشارقة هيأت بيئة حاضنة للإبداع من خلال المهرجانات والملتقيات، مستحضرا الدور الريادي للإمارات العربية المتحدة وقيادتها.
بعد ذلك استمع الحضور إلى عبد الله درامي في تلاوات شعرية أعطت صورة وافية من داخل التجربة الشعرية لصاحب ديوان "طيور حائرة".
وفي قصائده الغزلية التي تهمين على تجربته، يسلك درامي تجربة طريفة تتمثل في منح المرأة أدوات السيطرة عليه فيدعوها إلى محاربته بكل أسلحتها في معركة يدخلها الشاعر رافعا راية الاستسلام أمام المرأة التي تنتصر ثم تنصب قاضيا لعلها تنصف بالرد على سؤال واحد.
الشاعر المالي عبد الله درامي قرأ ثمانية قصائد من ديوانه هي "ولو مؤجلة"، و"فردوس"، و"لا، ما قلت"، و"أسطورة أنا"، و"و"أخا المودة"، و"كوكو"، و"أنا لا اخف"، و"فلتضربيني بمنديل"، والتي يقول في مطلعها:
لن تغضبيني وإن مزقت أثوابي
لن تحزنيني وإن كسرت أبوابي
لن تفقديني صوابي بالصراخ على
وجهي ولن تستطيعي غير إطرابي
فلتضربيني بمنديل ومكنسة
ولتطرديني ونحّيني عن الباب
ولترجميني بأحجار سأعصرها
كالبرتقال ورشيني بأعناب
ولتصفعيني بكف منك ناعمة
ولتقتليني بشهد منك أوصاب
ثم اخديعني بمسعول الكلام فما
يقوى لساني على رد وإكذاب
ولتجرحي كبريائي وارفضي طلبي
وشوهي كل أسمائي وألقابي
من أجل حبك أمحو من مخيلتي
إساءة منك كانت دون أسبابي.
إلى أن يقول:
معني الهوى لغة حب بلا تعب
وفي اصطلاح الغواني قتل أحباب
ابقيْ معي دائما، ابقي معي أبدا
صدقتك القول إني غير كذاب.
كما أنشد قصيدته "أسطورة أنا"، التي يقول مطلعها:
لغز أنا هذا بدون خلاف
أسطورة أنا مدهش وخرافي
أن زرت عبقر في بداية رحلتي
وتركت فيه صورتي وغلافي.
إلى أن يقول:
وتناوشت جسدي رماح مكائد
فحملت أوجاعي على أكتافي
وغدوت في الفلوات أشعث هائما
في جولة لا تنتهي وطواف
وأظل أسأل ثم أسأل من أرى
من دون رد أو جواب شاف
حتى التقيتك في طريق مواجعي
فرأيت فيك شواطئي وضفافي.