ملخص لأهم أحكام المواريث بأسلوب بسيط جدًّا [1

أحد, 03/27/2022 - 10:02
 
 

 

 
 

 

 

أخي الحبيب، اعلم - رحمك الله - أنه إذا مات أحدُ المسلمين (ذكرًا كانَ أو أنثى)، وكانَ قد ترك مِيراثًا معينًا، وترك - أيضًا - أولادًا (ذكورًا وإناثًا)، ولم يكن هناك وارثٌ غيرهم، فإنَّ ميراثه كله يكون لهم، بحيث يكونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ نصيب الأُنْثَيَيْنِ.

 

فعلى سبيل المثال: لو أنَّ المَيِّت ترَك ولدين وثلاث بنات، وترك لهم أربعة عشر دينارًا، فإننا سنفترض أن هذه التَّرِكة عبارة عن مجموعة من الأسهُم، ثم نوزع هذه الأسهم على أولاد المَيِّت، بحيث يأخذ الولد سهمين، والبنت تأخذ سهمًا واحدًا، فبالتالي يكون نصيب الولدين كالآتي: (2 (وهو عدد الأولاد) × 2 (وهو عدد الأسهم لكل ولد منهم)) = 4 أسهم، ويكون نصيب البنات كالآتي: (3 (وهو عدد البنات) × 1 (وهو عدد الأسهم لكل بنت منهن)) = 3 أسهم، وبهذا يكون مجموع هذه التَّرِكة المفترَضة: (4 أسهم للأولاد + 3 أسهم للبنات) = 7 أسهم.

 

ثم نقسم الأربعة عشر دينارًا (وهي التَّرِكة الحقيقية) على سبعة الأسهم (وهي التَّرِكة المفترَضة)، فبالتالي يكون نصيب السهم الواحد كالآتي: (14 دينارًا ÷ 7 أسهم) = دينارين، وبما أن الولد له سهمان، إذًا يكون نصيب الولد الواحد: (2 × 2 دينار) = أربعة دنانير، ويكون نصيب البنت سهمًا واحدًا (يعني: دينارين).

 

فإنْ تَرَكَ المَيِّت ولدًا ذكرًا فقط: فإن الولد يأخذ التَّرِكة كلها، وأما إن ترك أولادًا ذكورًا فقط: فإن التَّرِكة كلها تُقسَّم على الأولاد الذكور بالتساوي، (ويُلاحَظ في كل الحالات السابقة أن المَيِّت إذا ترك زوجته مع الأولاد، فإن الزوجة تأخذ ثُمُن التَّرِكة (كما سيأتي)، ثم يُقسَّم الباقي على الأولاد).

 

واعلم أن الجَنين (الذي مات أبوه وهو في بطن أمه) يشترك مع الأبناء في تقسيم الميراث (يعني: يعتبرونه ضمن القِسمة، ويحفظون له حقه)، فإن عُلِمَ بالوسائل الحديثة أن الجنين أنثى: فإنهم يحفظون لها سهمًا واحدًا، وإن عُلِمَ أنه ذكر: فإنهم يحفظون له سهمين، وإن لم يُعلَم: فإنه يُحفَظ له نصيب ذكر (يعني: سهمين)، فإذا اتضح بعد ذلك أنه أنثى: فإن السهم الآخر يُوَزَّع على جميع الأولاد كأنه تَرِكة منفصلة، فإذا كانا (توءمًا)، ولم يُعلَم: (هل هم ذكور أو إناث؟)، فإنهم يحفظون لهما نصيب ذكرين (يعني: أربعة أسهم)، فإذا اتضح بعد ذلك أنهما (أنثَيان، أو أنثى وذكر): فإن الأسهم الزائدة تُوَزَّع على جميع الأولاد كأنها تَرِكة منفصلة.

 

وأما إن ترك المَيِّت بناتٍ فقط، وكانت هذه البنات (اثنتين فأكثر): فيكون لهن ثُلُثَا التَّرِكة، ثم تأخذ زوجة المَيِّت ثُمُن التَّرِكة (إن كانت موجودة)، والباقي يأخذه العَصَبَة، والعَصَبَة: هم أقرباء الرجُل من أَبيه، وهم - في أحَقيَّتِهِم للميراث - على الترتيب التالي: (بُنُوَّة - أُبُوَّة - أُخُوَّة - عُمومة).

 

والمقصود بالبُنُوَّة: (أبناء المَيِّت، ويليهم في الترتيب: أولاد (أبنائه الذكور)، وهم أحفاد الميت (وهؤلاء لا يأخذون إلا إذا كان أبوهم مَيِّتًا، فيأخذون نصيبه).

 

والمقصود بالأُبُوَّة: (أبو المَيِّت، ويليه في الترتيب جدُّه (وهو أبو والد الميت)).

 

والمقصود بالأُخُوَّة: (إخوة المَيِّت وأخواته الأشِقَّاء، ويليهم في الترتيب: إخوة المَيِّت وأخواته (الذين من جهة أبيه)، ويليهم: الأبناء الذكور (لإخوته الذكور الأشِقَّاء)، ويليهم: الأبناء الذكور (لإخوته الذكور الذين من جهة أبيه) (واعلم أن أولاد الإخوة (سواء الأشِقَّاء أو الذين من جهة أبيه) لا يأخذون إلا إذا كان أبوهم مَيِّتًا فيأخذون نصيبه)).

 

والمقصود بالعُمومة: (أعمام المَيِّت الذكور، ويليهم في الترتيب: الأبناء الذكور لأعمام المَيِّت (وهؤلاء لا يأخذون إلا إذا كان أبوهم مَيِّتًا فيأخذون نصيبه)).

 

ومعنى (ترتيبهم في أحَقيَّتِهِم للميراث): أنه إذا وُجِدَ أحد هؤلاء (على الترتيب السابق) فإنه يَحجُب مَن بَعدَهُ في الترتيب، بمعنى أنَّ مَن بَعدَهُ في الترتيب لا يكون له حق في الميراث ما دام أنَّ مَن قبله موجود، (باستثناء والد المَيِّت، فإنَّ له نصيبًا مفروضًا وهو السدس، سواء كان أبناء المَيِّت موجودين أو لا، كما سيأتي).

 

واعلم - أيضًا - أنه ليس لهؤلاء العَصَبة قدْرٌ مُحَدَّد في الميراث، وإِنَّما يأْخذون ما تبَقى من الورثة الذين لهم قدر مُحَدَّد في الشرع، بحيث يُقسَّم عليهم هذا المتبقي على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن).

 

وأما إن ترك المَيِّت (بنتًا واحدة وعَصَبة): فإنَّ البنت تأخذ نصف التَّرِكة، والباقي يأخذه العَصَبة، وكذلك الحال إذا مات وترك (بنت ابنِهِ) وعَصَبة: فإنَّ بنت الابن هنا تأخذ النصف (مثلما تأخذ بنت الميت إذا كانت موجودة)، والباقي يأخذه العَصَبة، وأما إنْ ترك (بنات ابنِهِ) وعَصَبة: فإنَّ بنات الابن هنا يأخذنَ الثلثين (مثلما تأخذ بنات الميت إذا كُنَّ موجودات)، والباقي يأخذه العَصَبة.

 

واعلم أن المَيِّت إذا ترك (أمه وأباه وزوجته، وترك - أيضًا - أولادًا (ذكورًا وإناثًا، أو ذكورًا فقط)): فإنَّ أباهُ يأخذ السدس، وأمه السدس، وزوجته الثُّمُن، والباقي للأولاد.

 

أما إن مات وترك (أمه وأباه وزوجته، وترك معهم بناتٍ فقط (أو بنتًا واحدة)): فإنَّ البنات يَأخذنَ نصيبهنَّ (كما سبق)، ويأخذ أبوه السدس، وأمه السدس، وزوجته الثُّمُن، والباقي يَرِثُهُ أبوه (بالتعصيب)؛ لأنه يَحجُبُ مَن بَعدَهُ في ترتيب العَصَبة، وإن لم يكن له أولاد نهائيًّا، وورثه أبواه فقط: فلأمه ثلث التركة، ولأبيه الباقي، فإن مات وترك (أمه وأباه، وترك إخوة (اثنين فأكثر، ذكورًا كانوا أو إناثًا): فلأمه السدس فقط (وليس الثلث)، وللأب الباقي، ولا شيء لإخوته؛ لأن الأب يَحجُبُ مَن بَعدَهُ في ترتيب العَصَبة، (ولَعَلَّ الحِكمة من ذلك - واللهُ أعلم - أنَّ والدهم هو الذي توَلَّى نِكاحَهُم، وكذلك يَتولى نكاح مَن لم يتزوج منهم، وهو الذي يُنفِقُ عليهم دونَ أمِّهم)، وأما إن مات وترك (أمه وأباه، وترك أخًا واحدًا فقط، أو أختًا واحدة فقط): فإنَّ لأمه الثلث (كما هو الحال لو لم يكن له إخوة أصلاً)، ولأبيه الباقي.

 

واعلم أنه إذا كانت أم المَيِّت مَيِّتة، وكان للمَيِّت جدَّة: فإنَّ جدَّة المَيِّت ترث السدس فقط (سواء كان له إخوة أو لا)، أما لو كانت أم المَيِّت موجودة: فلا شيء لِجدَّة المَيِّت، وكذلك الحال إذا كان والد المَيِّت مَيِّتًا، وكان للمَيِّت جدٌّ:فإنّ جدَّ المَيِّت يَرث ما يَرثه والد المَيِّت، أما إذا كان والد المَيِّت موجودًا: فلا شيء لجدِّ المَيِّت.

 

واعلم أن للرجال نِصْفَ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُهمْ  (هذا إذا لم يكن للزوجات أولاد (ذكورًا كانوا أو إناثًا))، ثم يُقسَّم النصف الآخر على عَصَبة الزوجة (إن وُجِدوا)، فإن قُدِّرَ أنها ماتت وتركَتْ (زوجها وأباها وأمَّها): فيكون للزوج النصف، وأما النصف الآخر فيكون (ثلثه للأم، وثُلُثاهُ للأب)، فإن ماتت وتركَتْ (زوجها وإخوتها الأشِقاء): فيكون للزوج النصف، وأما النصف الآخر فيُقَسَّم بين الإخوة على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن)، فإن لم يكن لها عَصَبة نهائيًّا: فإن النصف الآخر يُقسَّم على ذوي أرحامها، عِلمًا بأنَّ ذوي الأرحام هم كل أقارب الميت الذين (ليس لهم قدر مُحَدَّد في الميراث، وكذلك ليسوا مِن العَصَبة)؛ (مثل: أخوال الميت وخالاته وعَمَّاته وأولادهم، وغيرهم).

 

وأما إن كان للزوجة أولاد (ذكورًا كانوا أو إناثًا): فيكون للزوج الربع فقط، والباقي للأولاد.

 

واعلم أن الزوجة تأخذ الرُّبُعَ مِمَّا تَرَكَ زوجها (هذا إِنْ لَمْ يَكُنْ للزوج أولاد (ذكورًا كانوا أو إناثًا))، عِلمًا بأنَّ هذا الربع يُقسَّم بين الزوجات (إنْ كُنَّ أكثر من واحدة)، فإن كانت زوجة واحدة: كان الربع مِيراثًا لها، ويكون الباقي لعَصَبة الزوج، فإن لم يكن له عَصَبة نهائيًّا: فإن الباقي يُقسَّم على ذوي أرحامه.

 

وأما إذا كانَ للزوج أولاد (ذكورًا كانوا أو إناثًا)، مِنهُنَّ أو مِن غيرهِنَّ: فللزوجات الثُّمُن مِمَّا تَرَكَ الزوج، بحيث يُقسَّم هذا الثُّمُن بين الزوجات (إن كُنَّ أكثر من واحدة)، فإن كانت زوجة واحدة: كان الثُّمُن ميراثًا لها، والباقي للأولاد.

 

واعلم أنه إذا مات رجل (أو امرأة) ولم يكن له - أو لها - ولد ولا والد (وهو ما يُعرَفُ بالكَلالة)، يعني: ليس له ابن ولا ابنة (ولا ابن ابن، ولا ابنة ابن)، وكذلك ليس له أب (ولا والد أب)، وإنما كانَ لَهُ أَخٌ واحد (من جهة أمه): فإنَّ هذا الأخ يأخذ السُّدس، وكذلك إن كانت له أخت واحدة مِن جهة أمه أيضًا: فإنها تأخذ السدس.

 

ثم يُقسَّم الباقي (وهو الأسداس الخَمسة الباقية) على عَصَبَته (بمعنى أنَّ الباقي يُقسَّم على إخوته الأشقاء (إن وُجِدوا)، وذلك على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن)، وكذلك الحال إذا كان له إخوة من جهة أبيه، فإن الباقي يُقسَّم عليهم على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن).

 

وأما إن كان له (إخوة أشقاء، وكان له - أيضًا - إخوة من جهة أبيه): فإن الإخوة الأشقاء يأخذون الباقي، ولا شيء لإخوته الذين من جهة أبيه؛ لأن الإخوة الأشقاء أقوى منهم في درجة القرابة) (انظر ترتيب العَصَبة)، فإن لم يكن له إخوة (لا أشقاء ولا من جهة أبيه)، فإن الباقي يُقسَّم على الأعمام بالتساوي (إن وُجِدوا)، فإن لم يكن له عَصَبة نهائيًّا: فإن الباقي يُرَدُّ إلى أخيه من أمه (الذي أخذ السدس (فَرْضًا)).

 

فإنْ كان الإخوة أو الأخوات (الذين من جهة أمه) أكثر من واحد: فهم شركاء في ثلث تَرِكَتِه، بحيث يُقسَّم بينهم ذلك الثلث بالمُساواة، (لا فرق بين الذكر والأنثى)، ويكون الباقي للعَصَبة، فإن لم يكن له عَصَبة نهائيًّا: فإن الثلثين الباقِيَيْن يُرَدُّون إلى إخوته من أمه، ويُقَسَّم بينهم بالتساوي أيضًا.

 

وأما إذا كَانَ - هذا الرَّجُل الذي يُورَثُ كَلاَلَةً - ليس له إخوة من جهة أمه، وإنما ترك أختًا شقيقة، (أو أختًا من جهة أبيه فقط)، فإنها تأخذ نصف تَرِكَتِه، والباقي يُقسَّم على العَصَبَة، فإن لم يكن له عَصَبة نهائيًّا: فإن الباقي يُرَدُّ إليها، فإن كان له أختان (شقيقتان، أو من جهة أبيه فقط): فلهما الثلثان مما ترك، والباقي يُقسَّم على العَصَبة، فإن لم يكن له عَصَبة نهائيًّا: فإن الباقي يُرَدُّ إليهما، وأما إن ترك إخوة (ذكورًا وإناثًا) (أشقاء، أو من جهة أبيه): فإن التَّرِكَة كلها تقسم عليهم على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن).

 

وإذا ماتت امرأة - تُورَثُ كَلاَلَةً - ولكنْ لم يكن لها إخوة من جهة أمها، وإنما ترَكَتْ أخًا شقيقًا، (أو أخًا من جهة أبيها فقط): فإنه يَرث جميع مالها، فإن تركت إخوة (ذكورًا وإناثًا) (أشقاء، أو من جهة أبيها): فإن التَّرِكَة كلها تُقسَّم عليهم على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن).

 

واعلم أن الميت إذا مات وترك ((أمًّا أو جدَّة)، وكذلك ترك إخوة من جهة أمه، وكذلك ترك إخوة أشقاء): فإن الأم - أو الجدة - تأخذ السدس، ثم يُقسَّم الثلث على الإخوة الذين من جهة أمه بالتساوي (كما سبق)، ويُقسَّم الباقي على الإخوة الأشقاء.

 

وأما إن ترك ((أمًّا أو جدَّة)، وكذلك ترك إخوة أشقاء، (أو إخوة من جهة أبيه)): فإن الأم - أو الجدة - تأخذ السدس، ثم يُقسَّم الباقي على الإخوة الأشقاء - أو الإخوة الذين من جهة أبيه - على أساس: (للذكر مثل نصيب الأُنْثَيَيْن).

 

 

ولكن اعلم أن هذا التقسيم السابق للتَّرِكة إنما يكون بعد إخراج وَصِيَّة المَيِّت (كأن يُوصي قبل مَوتِه ببناء مسجد أو غير ذلك، بشرط أن تكون هذه الوصية لا تزيد على ثلث التَّرِكة، فإن زادت على الثلث، فإن الورثة لا يُخرجون من الميراث إلا الثلث)، وكذلك بعد إخراج ما على المَيِّت مِن دَيْن، واعلم أن الراجح من أقوال العلماء: أنَّ مَن مات وعليه (زكاة أو حَجٌّ أو كان لم يَعتمِر أو كان عليه كفارة أو نذر)، فإن ذلك يُؤخَذ مِن تَرِكَتِه قبل تقسيم المِيراث (سواء أوصَى المَيِّت بذلك أو لم يُوصِ)؛ لأنَّ دَيْن الله أحق بالوفاء، وعندئذٍ يختار أهلُهُ مَن يَحُجُّ عنه من هذا المال بالإنابة.

 

واعلم أنَّ الميت إذا أوصَى بشيء فيه ضرر على الورثة؛ كأنْ يُوصِيَ بأكثر من الثلث، أو يَزعم أنَّ عليه دَيْنًا، وهو ليس عليه شيء، وإنما فعل ذلك حسدًا للورثة أو بُغضًا لهم لا غير، فإنْ تبَيَّنَ ذلك، فلا تُنَفَّذ الوصية، ولا يُسَدَّد الدَّيْن، وتُقَسَّم التَّرِكَة كلها على الورثة.