قد عرفت مما ذكرناه قبل أن الشافعية، والحنابلة لا يفرقون بين المندوب والسنة والمستحب، فكلها عندهم بمعنى واحد، وقد تقدمت سنن الصلاة مفصلة ومجملة، فهي تسمي عندهم مندوباً ومستحباً، كما تسمى سنناً، أما الذين يفرقون بين المندوب والسنة، وهم المالكية، والحنفية فقد ذكرنا مندوبات الصلاة عندهم تحت الخط (1) .
__________
يجوز أن يدعو بشيء محرم أو مستحيل أو معلق، فإن دعا بشيء من ذلك بطلت صلاته، والأفضل أن يدعو بالمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم، كأن يقول: "اللهم اغفر لي ما قدمت، وما أخرت وما أسررت، وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر لا إله إلا أنت" رواه مسلم ويسن أن لا يزيد الإمام في دعائه عن قدر التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
الحنابلة قالوا: يسن للمصلي بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير أن يقول: "أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال"، وله أن يدعو بما ورد أو بأمر الآخرة، ولو لم يشبه ما ورد، وله أن يدعو لشخص معين بغير كاف الخطاب، وتبطل الصلاة بالدعاء بكاف الخطاب، كأن يقول: اللهم أدخلك الجنة يا والدي. أما لو قال: اللهم أدخله الجنة، فلا بأس به، وليس له أن يدعو بما يقصد منه ملاذ الدنيا وشهواتها كأن يقول: اللهم الرزقني جارية حسناء، أو طعاماً لذيذاً ونحوه، فإن فعل ذلك بطلت صلاته، ولا بأس بإطالة الدعاء ما لم يشق على مأموم
(1) المالكية قالوا: مندوبات الصلاة ثمانية وأربعون: نية الأداء والقضاء في محلهما؛ نية عدد الركعات، الخشوع، وهو استحضار عظمة الله وهيبته، وأنه لا يعبد سواه وهذا هو المندوب، وأما أصل الخشوع فواجب: رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام فقط وإرسالها بوقار، إكمال سورة الفاتحة، تطويل قراءة الصبح والظهر، مع ملاحظة أن الظهر دون الصبح، تقصير القراءة في العصر والمغرب؛ توسط القراءة في العشاء؛ تقصير الركعة الثانية عن الركعة الأولى في الزمن "ومساواتها لها وتطويل الثانية عن الأولى خلاف الأولى، كما تقدم، إسماع المصلي نفسه القراءة في الصلاة السرية؛ قراءة المأموم في الصلاة السرية؛ تأمين المأموم والفذ مطلقاً، أي في السرية والجهرية؛ تأمين الإمام في الصلاة السرية فقط؛ الإسرار بالتأمين؛ تسوية المصلي ظهره في الركوع، وضع يديه على ركبتيه فيه تمكين اليدين من الركبتين فيه أيضاً، صب الركبتين؛ التسبيح في الركوع، بأن يقول: سبحان ربي العظيم، كما تقدم، مباعدة الرحل مرفقيه عن جنبيه؛ التحميد للفذ والمقتدي؛ التكبير حال الخفض والرفع إلا في القيام من اثنتين، فينتظر بالتكبير حتى يستقل قائماً، ولا يقوم المأموم من اثنتين حتى يستقل إمامه، تمكين الجبهة من الأرض في السجود؛ تقديم اليدين على الركبتين عند الهوي له؛ تأخيرهما عن الركعتين عند القيام، وضع اليدين حذو الأذنين، أو قربهما في السجود مع ضم أصابعهما وجعل رؤوسهما للقبلة أن يباعد الرجل في السجود مرفقيه عن ركبتيه، وبطنه عن فخذيه، وضبعيه عن جنبيه مع مراعاة التوسط في ذلك، وأما المرأة فتكون منضمة