العلامة لمرابط الحاج ولد فحفو ـ رحمه الله تعالى ـ
العلامة الرباني الحاج ولد فحفو يجلس مع طلابه في المسجد بعد صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح فيصلي الضحى في المسجد ثم ينتقل بهم إلى ظل خيمة الدرس والكتب، فيجلس في ظل أول النهار فإذا تقلص عنه الفيء انتقل معه إلى مكان آخر و هكذا إلى أن تتوارى في الحجاب، لا يشغله عن التعليم إلا أداء الصلوات في أوقاتها أما الليل فغالبا ما يجلس في فناء الخيمة مع طلابه إلى أن يذهب الثلث الأول فينام الثلث الثاني ويستيقظ ثلث الليل الأخير فيصلي صلاة الشفع والوتر أو ما شاء الله منها ثم يضطجع يقرأ القرآن إلى الفجر ولا أظن أن أحدا استيقظ آخر الليل إلا وسمع قراءته للقرآن، علما أنه لا ينام النهار إلا قليلا أو لا ينام بسبب طلاب العلم وإلحاحهم عليه فإذا وفد عليه الكرى جلس وتحامل على نفسه حتى يصدر طلاب العلم هكذا هو في يومه وليلته لا يفعل شيئا إلا تدريس العلم ولا يخطو خطوة إلا بين المسجد والخيمة قيل له يوما: لم لا تتحرك فإن الجلوس يضر بصحتك فرد قائلا: إن رياضتي في تدريس العلم، وقد كان مع زهده وورعه وعزوفه عن الدنيا محبا للأدب واللغة العربية وكان يتفاعل مع الشعر الجيد ويتأثر به كثيرا. ومن المعروف عنه اتباعه للسنة وكراهيته لمحدثات الأمور وقد أفتى ببطلان الصلاة خلف كل ذي بدعة إلا أنه مع ذلك ما سمعه أحد يذكر أحدا معينا بسوء ولا فريقا من فرق الإسلام بشيء وإذا عرَّض أحد في مجلسه بعالم من العلماء يخالفه الرأي أو اتهمه في دينه أعرض عن الحديث وسكت عن الكلام ومن عجيب أمره أنه يكون مع جلسائه مثل الشاهد الغائب فهو معهم إذا كان الكلام في أمور الآخرة وأما إذا كان الحديث عن الدنيا فإنه يرحل من بين أيديهم ويشتغل بذكر الله تعالى أو قراءة القرآن كأنه دائما يعمل بقول الله تعالى قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون، حياته كلها لله فأكله وشربه لله ونومه ويقظته لله وحزنه وفرحه لله, ولذلك فقد نشر الله له القبول بين الناس فليس له حساد من العلماء ولا أعداء بين الجهال وطلابه يعرفون بالسمت الحسن وتلوح عليهم دلائل الصلاح. العلامة الحاج من آخر العلماء الذين تعلموا العلم وعلموه ابتغاء وجه الله كذلك نحسبه ولا نزكي على الله أحدا.إ نقلا عن السبق الاخباري