مرت قبل يومين و في 19 يناير ذكرى استشهاد صديق عزيز علي ، أكن له تقديرا خاصا عرفته نبيل النفس صلب المواقف مستقيما شجاعا كريما وفيا.
بهذه المناسبة أردت أن أقدم للقارئ الكريم لمحة عن ذلك الرجل و القائد الفذ .
لقد ولد في اكجوجت سنة 1934 و دخل الجيش سنة 1952 ثم تلقى تكوينا عسكريا في فرنسا ليتخرج منها برتبة عريف .
واكب إرهاصات الاستقلال و تشكل طلائع الجيش الوطني فكان أول مظلي موريتاني على الإطلاق و أول قائد لوحدة مظلية و مؤسس قوات الصاعقة.
تدرج في الرتب العسكرية و عمل في بداية مشواره على الحدود المالية حيث كان يقارع قطاع الطرق و الانفصاليين. و مع استتباب الأمن في تلك التخوم عين وهو برتبة ملازم سنة 1963 على حامية «اجريده» حيث قضى ثمان سنوات قائدا لها .ربط علاقة طيبة مع ساكنة الشاطئ عموما و مجموعة أهل بوحبين التندغيين على وجه الخصوص و كانت الوحدات الواقعة تحت إمرته توفر لساكنة المنطقة النقل المجاني و الأمن و الدواء و غير ذلك من الخدمات ، و قد احتفظوا عنه بذكريات فريدة تدور كلها حول إنسانيته و تضحيته و بساطته .
كان من المهام الموكلة لتلك الحامية تأمين العاصمة و في تلك الفترة كان المرحوم على موعد مع أول امتحان صعب.
ففي سنة 1966 تفجرت أحداث عرقية غير مسبوقة شكلت أول تهديد حقيقي لكيان الدولة و النظام. هنا تم استدعاء المرحوم اسويدات لإخماد نار الفتنة و تعامل مع الوضع بقدر كبير من المهنية و الإخلاص و الحزم و كانت النتيجة أن أعاد هو و رجاله الهدوء بعد أسبوعين من الاضطرابات و القلاقل.
لقد سير دوريات ميدانية كان هو شخصيا يتقدمها ، كان يجوب الشوارع و يدخل البيوت و يتفقد الخسائر و يستقبل الشكاوى و الابلاغات و يتعقب المشاغبين و دعاة التفرقة من كافة الأطراف و دون تمييز.
كان يرهب و يتوعد دعاة الفتنة الذين ظل شبحه يطاردهم و كانوا يتوجسون خيفة منه و يخشون صولته ، و كانت عبارة "جاكم اسويدات" على ألسنة الأطفال و المراهقين تعبيرا عن مدى الخوف الذي يثيره هو و رجاله في نفوسهم .
كانت نواكشوط تحت حظر التجوال في تلك الأيام الصعبة و التعليمات صارمة بإبقاء المنازل مغلقة. أتذكر أننا كنا نسكن في حي مدينة 3 غير بعيد من المستشفى الوطني و مرة تم طرق باب المنزل و لم نرد فإذا بعدة أشخاص يرتدون الزي العسكري يتسلقون السور و يقتحمون علينا المنزل .
أمعنت النظر فإذا باسويدات صحبة الضابطين ممي جارا و عالي جاه، كان ذلك فيما يبدو من اجل الاطمئنان على أحوالنا ثم انصرفوا في لمح البصر.
تألق اسمه و ذاع صيته في الأوساط الشعبية بعد تلك الأحداث وكان موضع إشادات كثيرة كما حصل على التكريم و التهنئة من الرئيس المختار نفسه الذي قلده العديد من الأوسمة مثل وسام الشرف العسكري و و سام القيادة .
أتذكر أنه رحمه الله شديد الولاء و الوفاء للرئيس المختار الذي يكن له احتراما كبيرا و كان ذلك الاحترام متبادلا .و قد خصه الرئيس المختار بشهادة خاصة و اثني عليه في مذكراته .
في خضم أو بعد تلك الأحداث علم اسويدات بشيء ما يحاك ضد شخص الرئيس الذي كان في زيارة رسمية لجمهورية مالي و علم أن طائرته على وشك الهبوط،فانطلق نحو المطار غير عابئ بالمراسيم و أصر على أن يقل الرئيس في سيارته العسكرية و يؤمنه و يوصله لمنزله بالقصر الرئاسي و لا مانع من أن يكون حدثه و هما في الطريق عن طبيعة المؤامرة.
و طبعا لم يعط المختار الحدث زخما كبيرا كعادته إلا أنه قام بعزل أشخاص نافذين في حكمه.
رغم أن علاقات اسويدات كانت ممتازة مع الرئيس المختار و قد حدثني عن ذلك مرارا إلا أن تلك العلاقة لم تكن بنفس مستوى الجودة مع مسؤولين كبار آخرين كانوا بطبيعة وظائفهم أقرب للرئيس منه .
و حدث أن حصلت تجاذبات و أن انحاز الرئيس المختار لرأي اسويدات في بعض الأمور على حساب مسؤولين ساميين و أثار ذلك بعض الحساسيات في حينه .
من ثقة القيادة به أن تم تعيينه و هو برتبة نقيب قائدا للحرس الوطني سنة 1971خلفا للعقيد الشيخ ولد بيده الذي كان أول قائد وطني للحرس . و فور تعيينه في هذا المنصب شرع في استكمال إصلاحات قام بها سلفه و توسيع نطاقها و حول الحرس إلى جهاز فعال و منظم يضطلع بمهام استراتيجية على عموم التراب الوطني و قد تمت ترقيته إلى رتبة رائد في شهر يناير 1975.
بعد أشهر من ترقيته تم تحويله فجأة إلى «النعمة» كوال مساعد و لم يكن يعرف دوافع هذا القرار المفاجئ و الذي قد يفسر بمستوى من عدم الرضى عن أدائه . حدثني عن استغرابه للقرار قبل سفره لتسلم مهامه الجديدة و لم يستبعد وجود تصفية حسابات .
و كان يبرئ الرئيس المختار من أي مسؤولية عن ذلك . فقد كان المختار بالنسبة له فوق كل الشبهات. مع ذلك فقد تقبل الأمر بصدر رحب و سافر إلى الحوض الشرقي - الولاية الأولى كما يقولون إذ ذاك - و بدأ يتكيف مع الحياة الجديدة و يجرب تسيير المدنيين بعد العسكريين، مكث هناك زهاء سنة لم يأت خلالها إلى نواكشوط و كنا طيلة تلك الفترة على تواصل دائم .
- ذات زوال و أنا عائد من العمل في حدود الساعة الواحدة ، فوجئت به يستقبلني عند باب المنزل في لكصر و بعد السلام سألته عن سبب قدومه هذا الذي لم يكن مبرمجا حسب علمي فأجابني بان المسؤول ليس أعلم من السائل ،
ذكر لي أن الوالي أطلعه على برقية عاجلة من وزارة الداخلية وصلت بالأمس القريب كان مضمونها أن لا يتأخر عن أول طائرة و رغم انه لا يعرف السبب فكان يربط استدعاءه بالتطورات العسكرية المتسارعة على الحدود الشمالية الغربية التي كان يتابعها بحكم تخصصه.
للتذكير كانت بلادنا و بموجب اتفاقية تقاسم الصحراء مع المغرب قد استولت قبل شهور على إقليم وادي الذهب الذي يضم مقاطعات الداخله و العركوب و تشلة وأوسرد و بعيد تلك التطورات أعلنت البوليزاريو الحرب على البلاد التي لم تكن البلاد جاهزة للدفاع عن حوزتها كما هو معروف.
كانت وحدات الجبهة الشعبية المتمرسة تجول و تصول في لعبة كر وفر لتشن الهجمات على كافة المناطق .في هذا السياق المشحون تم و على عجل استدعاء كافة الضباط المعارين للإدارة الإقليمية بما فيهم اسويدات إلى العاصمة.
كان قد تم استدعاء العقيد المصطفي ولد محمد السالك في نفس الظروف في فترة سابقة و لنفس الغرض ، و سيذكر التاريخ إن المصطفى هو الذي قرر انطلاقا من مسؤولياته ومن وطنيته أن يحدث الرئيس المختار وبصراحة في اجتماع سينظم لاحقا بحضور وزير الدفاع الجديد محمذن ولد باباه و كبار الضباط عن صعوبة الظروف التي يقاتل فيها الجيش و عن ضرورة معالجتها .
و في صباح اليوم الموالي ليوم لقدومه من مدينة النعمه التقى وزيري السيادة الداخلية و الدفاع اللذين شرحا له أن البلاد دخلت فعلا في حرب و أنها باتت معرضة لعدوان مفروض من الخارج و أنه تم استدعاء القادة العسكريين الكبار من أجل أداء الواجب المتمثل في الدفاع عن حوزة الوطن و أخبروه بتعيينه حاكما لمقاطعة عين بن تيلي و قائدا لقاعدتها العسكرية و هو ما ينم عن مستوى الثقة الذي يحظى به .
تعتبر عين بن تيلي حساسة جدا فهي نقطة متقدمة على تماس مع العدو و تتطلب مستوى كبيرا من الكفاءة و التجربة و التضحية .
لم يبد طبعا أي اعتراض بل أكد استعداده لتلبية نداء الوطن في أي وقت و في أي مكان و طلب من العتاد و الجنود ما يمكنه من القيام بالمهام الجديدة على ما يرام في هذا الثغر القصي و المفتوح على العدو لكن ما باليد حيلة كما يقال .
تم توجيهه على عجل إلى القيادة العسكرية لنقاش تفاصيل مهامه الجديدة و شرع في بحث سبل توفير العدة والعتاد إلا أن المخازن كانت على ما يبدو فارغة .
لم تكن البلاد وقتها تتوفر سوى على بعض العتاد التقليدي الذي يشبه الخردة،.
انتقى من المتاح مائة وسبعين بندقية من نوع 36 و موزير ومدفعين من نوع 12-7 مستعملة كما اختار من قوائم الجيش مائة وستين جنديا كانوا قد تدربوا على يديه و يعرف فيهم الشجاعة والتضحية ،
و كان ذلك كل ما أمكنه الحصول عليه .
أكمل استعداداته في الأيام الموالية و رتب أموره وبعث بجنوده و بعتاده في قافلة من الشاحنات إلى ميدان المعركة في «عين بنتيل» و توكل على الله و استقل طائرة عسكرية ليكون في استقبالهم.
التقينا للوداع وأوصيته بالحزم لما أعرف فيه من الاستعداد للبذل في ظل شح الوسائل الذي حدثني عنه.
كنت أعرف الرجل جيدا فهو ليس من ذلك النوع من القادة الذين يدفعون بجنودهم إلى المعركة ثم يتوارون خلفهم متخذين منهم دروعا للنجاة بأنفسهم .
كان يقول إن القائد يجب أن يكون قدوة في الإقدام و الشجاعة و الصبر و أن يتحلى بكافة الصفات والقيم التي يسعى لأن تكون في مرؤوسيه من الجنود.
عندما ودعني أعرب لي عن امتعاضه من الارتجالية و الإرباك اللذين يطبعان جل الاستعدادات للحرب حيث يبدو له بأن البلاد أخذت على غرة و أن القيادة لم تحسب للأمر حسابه ولا تعي ما سيترتب عليه من مخاطر تطال أمن البلاد واستقرار نظام الحكم بل و استقرار أنظمة قادمة .
و لكم أن تتصوروا كم كانت تنبؤاته و استقراءاته للأحداث صادقة فتداعيات تلك الحرب لا زالت حتى اليوم تلقي بظلالها على المشهد الوطني و ذلك بعد أزيد من أربعة عقود .
حدثني عن سوء تقدير كبير سيكون له ما بعده بالنسبة للنظام بل للبلاد لكنه قال لي في نهاية المطاف أنا جندي و الوقت الآن ليس للنقاش بل هو للتصدي للخطر المحدق أولا و بكل ما نملك و أخيرا أوصاني خيرا بأهله و ذويه ،
أتذكر أن ذلك كان تحديدا في 15 دجمبر1975.
بعد حوالي أسبوعين من مغادرته دخل علي الضابط سيد محمد ولد الصبار الذي جاء إلى انواكشوط في مهمة خاصة و كان من رجال ثقته . كان قد حمله رسالة شفوية لي .
لفت انتباهي الإعياء البادي عليه و فاجأتني نحافته و شحوب سحنته هو الذي عرفته ضابطا قويا يتمتع بلياقة بدنية عالية كادت أن تكون مضرب مثل .
حدثني حول الشاي عن ظروف العسكريين الصعبة على جبهة القتال و عن البرنامج اليومي لقادة الحامية .
ذكر لي أن القادة يخرجون كل يوم قبيل الفجر في ثلاث سيارات استطلاع من نوع جيب يرصدون أخبار و تحركات العدو ، تتوجه الأولى نحو الشمال و الثانية نحو الشمال الشرقي و الثالثة نحو الشمال الغربي.
و بعد قطع 160 كلم يتداعون إلى نقطة تلاق معروفة يقضون بها بقية يومهم ثم يقفلون راجعين نحو القرية في المساء على أمل الانطلاق مجددا في الغد الباكر .
تزامنت تلك الأيام مع تكثيف البوليساريو لهجماته على البلاد لتطال هذه المرة نقاطا عدة و تم تنفيذ هجوم مركز على لكويره الواقعة على مشارف انوذيبو و احتلت أجزاء منها و بذلك أصبحت العاصمة الاقتصادية تحت تهديد محقق فأوفد النظام المقدم حمود ولد الناجي إلى عين المكان لاستجلاء الأمر،
زار أيضا احمد ولد محمد صالح وزير الدولة للسيادة الداخلية و الرجل الثاني في النظام آنذاك مدينة انواذيبو لتقييم الوضع و يبدو أنهما خرجا بخلاصة مفادها أن الجيش يقاتل دون أسلحة و دون ذخيرة و أن المخازن فارغة .
كنت في تلك الفترة قد حصلت على ترخيص ببيع الأسلحة الخفيفة و بنادق الصيد و كان المسؤولون و الأصدقاء و المهتمون بالمجال على علم بذلك .
اتصل على احمد ولد محمد صالح ليلا و هو لا يزال في انواذيبو و طلب مني تسليم كل ما لدي من أسلحة و ذخيرة و على وجه السرعة للجيش و وافقت طبعا،
و في الصباح الموالي زارني في المكتب القائد المساعد للأركان القادم لتوه جوا من انواذيبو لهذا الغرض فيما يبدو و سلمته كل ما كان بحوزتي مقابل وصل بالتسلم .
بعد أيام قليلة و في 19 يناير 1976 ، شنت الجبهة سلسلة هجمات متزامنة على نقاط عدة في العمق الموريتاني بما فيها لكويرة أيضا و شملت هذه المرة كلا من اينال و اتميمشات وعين بن تيلي ، كان ذلك فيما يبدو تكتيكا لاستنزاف الجيش وأخذه على حين غرة .
كان الهجوم على العين مع ساعات الصباح الأولى و كان مباغتا و مكثفا و بأسلحة متطورة.
كان استهداف اسويدات بصفة خاصة واضحا بالنظر للعدة و العتاد اللذين زجت بهما الجبهة في تلك المعركة .
كان القائد اسويدات يستنفر جنوده و ينظم دفاعاته و يصدر أوامره دون تغطية و لا حماية . و بينما هو كذلك إذ أصابته و بصفة مباشرة قذيفة و هو ينصب سلاحا ثقيلا كان بحوزته فتوفي على الفور . كانت الجبهة بتركيزها على اسويدات تستهدف أحد ابرز القادة الميدانيين و تضرب في نفس الوقت معنويات الضباط قبل الجنود و كان لها ما أرادت.
كانت الاتصالات مفتوحة بين الجبهات و كان وقع خبر استشهاده صدمة على معنويات القادة و الجنود في ذلك اليوم و تكبد الجيش الوطني خسائر بالغة في الأرواح و المعدات.
الغريب أنه رغم صعوبة المواصلات و التكتم الذي يكتنف الأخبار العسكرية في مثل هذه الظروف فان خبر استشهاده انتشر في العاصمة في حدود الساعة العاشرة ضحى و الأغرب من ذلك أن المشاعر اتجاه هذا الحدث المؤلم كانت متباينة.
ففي حين عم الحزن الأغلبية العظمى من البيوت وخيم جو من الإحباط و عدم الفهم لفقدان هذا القائد على الخطوط الأمامية فان أوساطا محسوبة على الجبهة لم تستطع إخفاء فرحتها و اعتبرت استشهاده نصرا ........فسبحان الله نعم كان الأمر كذلك و في انواكشوط ...
لا أخفي أنها كانت صدمة لى شخصيا ، و بعد هول الصدمة ذهبت إلى منزل وزير السيادة الداخلية عند الساعة الواحدة زوالا على أحصل على معلومات أكثر تفصيلا عن الحادثة ،
لقيت حرمه التي أجابتني أن الوزير و منذ أن غادر للعمل لم يتصل وأنه لم يعد بعد.
غادرت على امل العودة و عدت في حدود الخامسة عصرا و لم أجده أيضا و بينما أنا أهم بالانصراف إذا به يدخل علينا . بعد تغيير ملابسه طلب الشاي و جلسنا في الصالون و كان مشغول الذهن متعبا شيئا ما و لا يريد لذلك أن يظهر و سألته هل من تأكيد للإشاعات حول استشهاد اسويدات.
كان جوابه أنهم توصلوا بروايات متناقضة حول سلسلة الهجمات المنسقة الأخيرة و قد كلفه الرئيس بالبقاء بالمكتب و القيام بالاتصالات المطلوبة و مقارنة المعلومات الواردة حتى الانجلاء التام للحقيقة . لقد أكد لي الخبر المؤلم و كانت بيده نسخة من البرقية الناعية للمرحوم.
و أتذكر انه قال إن أكثر المعلومات التي توصلوا بها مصداقية و دقة كانت تلك التي قدمها كل من فياه ولد المعيوف و محمد خون ولد هيداله كما أتذكر أنه أثناء حديثنا تطرق لشائعات أثيرت حول محمد خون ولد هيداله قائلا إنها تلفيقات غير مؤسسة و تحامل مغرض على ذلك الضابط.
لقد أشاد أثناء تلك الجلسة بصفة خاصة بالأداء العسكري لذينك الضابطين خلال تلك الهجمة و بسالتهما في التصدي للعدو و ذكر لي أن المعلومات التي بحوزته تشير إلى أن بعض القادة الميدانيين تراجعوا أمام العدو و تخلوا و سلموا مواقعهم لكن ذلك حديث أخر........
بعد التأكد من الأمر سألته عما يمكن القيام به لنقل جثمانه إلى نواكشوط فاتصل على الفور بوزير الدفاع عبد الله ولد اباه الذي ذكر له أنه تم إرسال طائرة عسكرية في حدود السابعة مساء لذلك الغرض إلى عين المكان .
رجعت تلك الطائرة في منتصف الليل دون جلب جثمانه بسبب وضعية جسمه فالإصابة كانت مباشرة و لم يكن بد من دفنه في ساحة المعركة .
المرحوم اسويدات لم يكن تستهوه المادة كان زاهدا بسيطا و كانت متعته الحقيقية في تأدية واجبه و كان مؤمنا بوطنه تماما كما كان جل المسؤولين الكبار في ذلك العهد . كان كل ما يملكه هو منزل متواضع تقيم فيه أسرته الصغيرة التي كان هو السند الوحيد لها .
كنت أتصور أن الدولة ستعتني بأسرته وفاء لروحه و تقديرا للتضحيات التي قدمها فلم تقم بذلك ، صحيح أنه تم إطلاق اسمه على أول دفعة ضباط تتخرج من المدرسة مختلفة الأسلحة بأطار بعد سنة من استشهاده، لكن ذلك بعيد من أن يكون كافيا.
انطلاقا من قيم الوفاء و الصداقة اتصلت بصديقيه المقدم احمدو ولد عبد الله و«الشيخ بن خطاري» و قمنا بمبادرة لدعم الأسرة .
رحمه الله رحمة واسعة و جازاه عن وطنه خيرا و حشره مع الشهداء و الصديقين و بارك في خلفه انه سميع مجيب.