لم تكن جلسة المحكمة المختصة في الجرائم المتعلقة بالفساد أمس والتي خصصتها للاستنطاق الأخير للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، منزوعة الدسم، فقد حضرها عدد كبير من أنصار المتهمين ومن رجال الأمن، وكان مستوى الترقب لها كبيرا، ما جعلها واحدة من أكثر الجلسات كواليس، فقد قال خلالها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز كلمته الأخيرة والتي استغرقت أكثر من ثلاث ساعات.
بكاء ولد الرايس
كان لافتا خلال الجلسة بكاء المحامي فضيلي ولد الرايس أثناء تلاوة الوزير الأول الأسبق يحي ولد حدمين لبعض آيات الوعيد، لكن مستوى التأثر بالآيات والخشوع أثناء تلاوتها لم يدفع المحامي العنيد لتغيير موقعه انسجاما مع اللحظة، وهو ما علق عليه أحد الحضور بأنها دموع التماسيح.
وغير بعيد من بكاء ولد الرايس عبر مدير صوملك السابق محمد سالم ولد إبراهيم فال المقلب "المرخي"عن قلقه على مستقبل أبنائه الذين قال إنهم مروا بثلاث مدارس منذ بدء المحاكمة، وكانوا في كل مدرسة تلاحقهم معرة محاكمة والدهم، ويخاطبهم زملاؤهم بالقول "أبوكم سارق" .
بكاء ولد الرايس وحسرة "المرخي" ذكّرا بلحظات حزن مرّ بها عدد من المشمولين خلال فترة المتابعة في الملف، حيث فقد بعضهم عددا من أفراد عائلاتهم، بينهم أمهات وإخوة.
الرسائل المفتوحة إلى الرئيس والنتائج العكسية
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سرد خلال استنطاقه الأخير قصة مراسلته للرئيس محمد ولد الغزواني متحدثا عن وضعه، وعن شواهد استهدافه، وهي الرسالة المفتوحة التي نشرها على حسابه بالفيس بوك، إلا أنها أتت بنتائج عكسية، وجلبت له عكس ما انتظر منها، حيث زودت غرفته بعد نشر الرسالة بجهاز رقابة مزعج، وارتفع ضغطه لأعلى الدرجات، وانتهى به المطاف بإجراء عملية قسطرة في مستشفى القلب الذي قال إن البعض يقول إنه بعيد لكنه أقرب من مستشفيات داكار وتونس، والحمد على تشييده ــ على حد وصفه ــ
ولد عبدي فال الوحيد الذي شكر محاميه
من غرائب جلسة الاستنطاق أن أيا من المتهمين المستنطقين لم يشكر محاميه، غير أن الطالب ولد عبدي فال كان الاستثناء الذي يصحح هذه القاعدة حيث شكر محاميه، وخص منهم إبراهيم ولد الدي الذي قال إنه خلال أشهر المحاكمة لم يفتح باب قاعة المحاكمة إلا وكان أول من يدخل القاعة وآخر من يخرج، وهي مثابرة كانت مهمة لمن هو في القفص ــ حسب تعبيره ــ
عزيز والشكر على الصمت
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز شكر من عبروا عددا من محامي الطرف المدني على صمتهم البليغ، في إشارة لمجموعة من المحامين بينهم نقباء " أحمد ولد يوسف، يعقوب جالو ..." حضروا جل أيام المحاكمة لكنهم لم يتحدثوا.
لحظة نادرة في تاريخ محامي الطرف المدني
لحظة وحيدة خلال مسار المحاكمة الذي استمر أشهرا أجبرت محامي الطرف المدني على التدوين بعدما بدا عليهم التأخر من كلمات عزيز الأخيرة خاصة أنه ليس بإمكانهم الرد عليها، حيث ظهرت عليهم أمارات الاستياء وهم يستمعون لجلد الرئيس السابق لولد بوعماتو الذي يتهمون بأنهم يمثلونه أكثر من تمثيلهم للدولة.
وكان لافتا أن هؤلاء المحامين لم يدون أي منهم كلمة طيلة فترة المحاكمة بما فيه المثول الأول لولد عبد العزيز، لكنهم دوّنوا رغما عنهم حين بدأ الحديث عن بوعماتو، لتكون تلك اللحظة ــ لحظة الهجوم على بوعماتو ــ هي اللحظة الوحيدة التي لجأ فيها محامو الطرف المدني لتدوين بعض ما تحدث به عزيز.
صرامة القاضي وتوق المتهمين للحرية
كان رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين صارما في إدارته لجلسة الاستنطاق الأولى، حيث أمسك العصا من الوسط ففي الوقت الذي تساهل فيه مع التصفيق الحار لحظة انتهاء عزيز من كلامه، هدد بتسجيل جريمة جلسة على كل من صفق بعد ذلك .
رئيس المحكمة خيّر المتهمين في بداية الاستنطاق بين الحديث من مقاعدهم داخل القفص أو الجلوس أمام المحكمة أثناء مخاطبتها، فاختاروا جميعا الخروج من القفص لمخاطبة المحكمة، وهو ما فسره متابعون بأنه تعبير عن التوق للحرية ولو للحظات .