عاجل : إلى وزير التوجيه الإسلامي و التعليم الأصلي

ثلاثاء, 03/05/2024 - 13:04

رحلة  من أعمق التجارب و أكثرها أثرا على الوجدان ، رحلة تبعث لواعج الشوق و الحنين،  و تهز أوتار النفس ، و سفر في المكان و الزمان إلى أقدس مكان على الأرض ، و إلى أفضل الأزمنة و أكثرها فضلا على الإنسانية جمعاء .

إنها مكة الحاضر التي تهفو إليها كل الأنفس، و ترنو إليها كل الأفئدة في الحج الأعظم ، مكة حيث يأتي الناس أفواجا من كل أصقاع المعمورة ، تجمعهم كلمة التوحيد و قلوبهم معلقة بالرحمن . مكة الماضي حيث انطلقت أعظم رسالة على يد خاتم الرسل صلى الله عليه و سلم ، ليتمم مكارم الأخلاق و يبث الرسالة الخالدة التي تضع المعيار الحقيقي للتفاضل و التفاوت و تقضي على الظلم و الغبن ..

منذ أشهر عزمت على الحج ، و قد عشت هذه الرحلة في جميع حياتي ، انتقل في ربوع الحجاز ، أزور كل موطأ قدم مرت به قدما الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم ، من غار حراء لغار ثور ، لرحلتي الشام ، لبطحاء مكة ، للطائف ، لشعب أبي طالب ،  للعقبة .سبح خيالي مع عبد الله بن أرَيْقط ، و مع حديث سراقة و قصة أم عبد ، و دخل بي قباء ، و طرب للاستقبال الحاشد في المدينة ، و زار بي منازل بني النجار ، و سرح مع سهم سعد بن أبي وقاص ، و في بدر و أحد و حنين ، و عدا بي مع سلمة بن الأكوع ، و جاء بي إلى الحديبية ، و حجة القضاء حيث كنت أكرر قول أبي نواس :

إلـهـنـا  ما أعدلك        مـليك  كل من ملك

لـبـيك قد لبيت لك     لـبيك  إن الحمد لك

والملك  لا شريك لك      مـا خاب عبد سألك

لـبيك  إن الحمد لك      أنـت  له حيث سلك

لـولاك يا رب هلك      لـبيك  أن الحمد لك

والملك  لا شريك لك       والـليل لما إن حلك

والسابحات في الفلك      على مجاري المُنسلك

كـل  نـبـي وملك            وكـل مـن أهل لك

سـبح  أو صلى فلك         لـبيك  أن الحمد لك

والملك  لا شريك لك       يـا مخطئا ما أغفلك

عـجـل وبادر املك        واخـتم  بخير عملك

لـبيك  أن الحمد لك        والملك  لا شريك لك

و سرح بي في الطواف و السعي و عرفات و منى ، مستحضرا قول ابن قيم الجوزية :

فـلـله  ذاك الموقف الأعظم الذي        كموقف  يوم العرض بل ذاك أعظمُ

ويـدنـو بـه الـجبار جل جلالهُ          يـبـاهـي بهم أملاكه فهو أكرم

يـقـول  عـبادي قد أتوني محبةً            وانـي بـهـم بـر أجـود وأرحمُ

فـأشـهـدكـم أني غفرت ذنوبهم           وأعـطـيـتـهـم  ما أملوه وأنعمُ

فـبشراكم  يا أهل ذا الموقف الذي           بـه يـغـفـر الله الذنوب ويرحمُ

و طالما ارتسمت في مخيلتي كل محطات الحج ، و سرحت مع البرعي في وصفه :

يا راحـلـيـن إلى منى بقيادي          هـيـجـتـم  يوم الرحيل فؤادي

سـرتـم وسـار دليلكم يا وحشتي         الـشـوق  أقلقني وصوت الحادي

حـرمـتـم  جـفني المنام ببعدكم           يـا  سـاكـنين المنحنى والوادي

ويـلوح  لي ما بين زمزم والصفا        عـند  المقام سمعت صوت منادي

ويـقـول لـي يا نائما جد السرى            عـرفـات تـجلو كل قلب صاد

مـن  نال من عرفات نظرة ساعة             نـال الـسـرور ونال كل مراد

أيام و ليال من الانشغال بالحج و المبيت عند البيت الحرام و زيارة مسجد رسول صلى الله عليه و سلم و شهداء بدر و أحد ، و معايشة صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فذلك أبو بكر ثاني اثنين إذ هما في الغار ، و ذلك عمر الذي لا يجرؤ الشيطان أن يسلك طريقا سلكه ، و ذلك عثمان الذي تستحي منه الملائكة ، و ذلك علي : رجل يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله، و ذلك أسامة بن زيد حب رسول الله و ابن حبه ، و تلك خديجة وتلك عائشة أم المؤمنين ، و  هذه خولة بنت ثعلبة ..

مساء أمس تسمرت و البث المباشر للقرعة على صفحة وزارة التوجيه الإسلامي و التعليم الأصلي ، و لم يكن الوزير يعلم أن حنيني يكوي أضلعي ، لأتفاجأ أن الاسم لم يدخل في حساباتهم ، فصدمت و همت على وجهي لعدة ساعات ، و بيت ليلة نابغية أتقلب على جنبي و أستعيد نفسي إلى الواقع ..

هذه قصتي ، فما هو تعليق معالي الوزير ....

إسلمو ولد أحمد سالم