أهم معالم الجمهورية الثالثة بدأت بخطاب النهمة التاريخي 2016 الذي دعى فيه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز إلى حوار وطني شامل أثمر ذلك الحوار استفتاء الخامس من اغسطس 2017 الذي تمت بموجبه المصادقة على البرلمان و المجالس المحلية و البلديات و غيرها من مؤسسات دولة القانون و هناك علم بارز شكل مفاجأة للشعب الموريتاني و للطيف السياسي تمثل في إعلان وزير الدفاع الفريق محمد أحمد الغزواني عن ترشحه لرئاسيات 2019 ومن خلال هذا الاعلان طالب الشعب الموريتاني بدعمه و التصويت له ومن خلال تحليلنا لذلك الخطاب استنتجنا الرؤية السياسية العميقة للرجل إذ أعادها إلى النشأة الأولى للدولة الموريتانية واعترافه بإيجابيات الرعيل الأول المؤسس وثنائه على العشرية الأخيرة التي قادها الرئيس عزيز و أضاف الفريق الغزواني وأنا بترشحي سأضيف لبنة جديدة إلى جدار الدولة الموريتانية انطلاقا من الأخلاق ومن المبادئ الديمقراطية السامية التي تدعو إلى الحوار وتقبل كل ماهو ايجابي من الآخر(المعارضة) و دمجه في عملية بناء الوطن أو مشروع موريتاني الجديدة الذي سيكون فيه الحضور لكل من هو جاد في ارساء دولة المؤسسات وقد اعترف الغزواني في خطابه بخبرته و تميزه في ميدان التسيير و معرفته لمفاصل الدولة العميقة و هذا يمثل شجاعة سياسية و اعترافا صريحا بمسؤوليته القانونية و الأخلاقية في العشرية العزيزية والسؤال المطروح رغم صرامة الفريق الغزواني هل يمكن أن نقارن قيادة أمة بالقيادة في حدود الثكنة العسكرية.
و إذا كان فعلا سيكون الفريق الغزواني أو غيره رئيسا لموريتانيا في 2019 سيتم بهذه الخطوة احترام الدستور و المواد التي تنص عل التداول على السلطة و بذلك تتأكد قدسية الدستور و صلابة مواده التي ستحصن المكتسبات و الثوابت الوطنية بغض النظر عن المأمورية الثالثة ومن سيتولاها الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكد أنه ليس تنازليا بل تصاعدي لأنه رفض مطالب الأغلبية المنحلة لمأمورية ثالثة فليس من المنطق أن يتحول من رئيس دولة إلى رئيس وزراء محدود الصلاحيات فهذا في العرف الموريتاني معيب بغض النظر عن السياسة ومن هنا تنتفي اطروحة (ميدفيتيف بوتن) وليس تنازليا لأنه أسكت المعارضة الراديكالية بصرامته و تصميمه على تخليد وتكريم أبطال المقاومة الوطنية و ترسيخ نشيد وطني يؤكد عروبة و افريقية و اسلامية موريتانيا و نؤكد مرة أخرى أن الرئيس عزيز لا يمكن أن يتناقض مع أفكاره و خطاباته فأثناء تسلمه لنتائج الحوار الوطني الشامل والتي تحمل مسؤولية اثباتها و تطبيقها على أرض الواقع بطريقة دستورية قال ناصح و موجها ومودعا الشعب الموريتاني علينا أن نبحث عن المصلحة العامة بدلا من المصلحة الخاصة ومن هنا تنتفي الأنانية السياسية و نعرف السياسة بما يلي:
السياسة ليست خيالا ولا ارتجالا إنما هي واقع ملموس و محسوس من طرف الجموع كل الجموع ولا يمكن القفز على الواقع من قبل الساسة لأنه يولد أحداثا ينتج عنها كتابة التاريخ و الذي يحكم من خلاله على وعود وعهود و تصرفات الساسة هل هي ايجابة أم سلبية و انطلاقا من تعريفنا للسياسة لابد من التطرق لعنوان هام وعريض أرهق كاهل الساسة الموريتانيين بمختلف أطيافهم أغلبية معارضة و تلك الأخيرة تشك في كل انتاج تقوم به السلطات سياسيا كان او اقتصاديا او تعليميا أو أمنيا و هذا الشك يجعل المواطن في حالة ارتباك دائمة و في بعض الأحيان ينكر ماهو موجود و ماثل أمامه ولو كان مطار أم تونسي رمز المقاومة أو قصر المؤتمرات المرابطون قلعة الجهاد و العلم فالعقل الجمعي للأمة الموريتانية أصبح أمام عرف راسخ و هو الشك و العرف قد يكون قانونا غير طبيعي ملازما للتفكير للأقوال و للأفعال و بالتالي تفنيد كل ماهو ايجابي و العنوان العريض هو المأمورية الثالثة التي أضحت كمن يخط على الماء بترشح الفريق الغزواني والتي يهون في سبيلها تمييع و تجريد كل ماهو مقدس و ملزم من محتواه فالبعض يقول إن الدستور ليس قرآنا فهو عقد اجتماعي يمكن تعديله أو الغائه بجرة قلم اذا لم يكن متماشيا مع مصلحة الشعب و كأن الدولة بالونا تطلقه مصالح الأرصاد السياسية و لا تدري متى وأين و كيف سيقع الرئيس الموريتاني عزيز تفادى أخلاقيا و قانونيا و معنويا و سياسيا سقوط الدولة فكيف نؤسس مشروعا حضاريا ثم لانكرس القانون لحمايته و استمراريته وذلك لا يتم إلا باحترام الدستور و الزاميته و عكس ذلك قد يخلق سلوكا سياسيا شاذا لدى الساسة في المستقبل يعرض المكتسبات و الثوابت الوطنية إلى الخطر فلا يمكن أن يضحي الشعب الموريتاني و يناضل من أجل قيم سامية ثم تذهب هذه القيم أدراج الرياح وبالتالي يكون الاستنتاج أن كل أمة تلعن أختها و تتنكر لما أنجزته على أرض الواقع فلماذا خطابات التخوين و التجريم المتبادلة من طرف النخب السياسية سواء كانت موالية أو معارضة ومن قادة يفترض أن يكونوا في سلوكهم و مسلكياتهم ملتزمون وقدوة للأجيال الصاعدة التي أصبحت تردد أنشودة إرهابي بائع مخدرات سمسار مفسد و أختفى الخطاب السياسي الراقي الذي يدعوا إلى التسامح و ارساء قيم ديمقراطية فاضلة تكون حرية التعبير فيها راشدة فكيف تكون القاعدة الشعبية ملتزمة بالخطاب السياسي الوحدوي الجامع في نفس الوقت الذي تمارس فيه القمة المفترض أن تكون واعية و مسؤولة عن السلم الأهلي أبشع الخطابات السياسية التي لا علاقة لها بالديمقراطية كممارسة و أخلاق فاضلة تحصل الأجيال من خطر التطرف و الكراهية و البغض و حتى تهميش الآخر للآخر مع أن الديمقراطية فضاء واسع يسع الجميع شريطة الفصل بين السلطات التشريعية و القضائية و التنفيذية و حياد الإدارة وهذه الدولة الفاضلة نتمنى أن تكرسها الجمهورية الثالثة بغض النظر عن من سيحكمها فريقا أم فردا
بقلم المهندس: محمد سالم ولد أكرامه (العيدود)
الوسط السياسي