
وقعت كل من مجموعة البنك الأوروبي للاستثمار والبنك الأفريقي للتنمية على تمويل مشترك بقيمة 275 مليون دولار لتطوير خط السكك الحديدية الرابط بين زويرات ونواذيبو في موريتانيا، في خطوة تعكس الأهمية الجيوسياسية المتزايدة للبلاد بالنسبة لأوروبا ولجهود التكامل الإقليمي في منطقة الساحل.
بوابة العالم
يمثل هذا المشروع جزءًا من استراتيجية الاتحاد الأوروبي "بوابة العالم" (Global Gateway)، التي تهدف إلى تعزيز الروابط المستدامة والآمنة في مجالات النقل والطاقة والرقمنة، ودعم أنظمة الصحة والتعليم والبحث العلمي عالميًا. ويعد الاستثمار الأوروبي في هذا الممر الحديدي خطوة لضمان استقرار طرق التصدير الأساسية، وتقليل الاعتماد على سلاسل القيمة الصناعية الآسيوية، بينما يعزز لموريتانيا موقعها كحلقة وصل بين غرب إفريقيا والمغرب والأسواق العالمية.
ويُمنح التمويل مباشرة لشركة التعدين الوطنية الموريتانية (SNIM) دون ضمانات سيادية، ما يعزز دور موريتانيا كمصدر رئيسي لخام الحديد ومركز مستقبلي للمواد الخام الاستراتيجية. وأكد المدير العام للشركة، محمد فال محمد تلميدي، أن تطوير سلسلة اللوجستيات سيزيد من قدرة النقل نحو الأطلسي ويقلل من الاعتماد على الطاقة، ما يمثل هدفًا استراتيجيًا في ظل الضغوط العالمية على أسواق الوقود.
تعزيز مكانة موريتانيا
شدد رئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، سيدي ولد طه، على أن التمويل يدعم نمو القطاع الخاص الأفريقي ويعزز مكانة موريتانيا في التجارة الإقليمية. من جهته، اعتبر نائب رئيس البنك الأوروبي للاستثمار، أمبروز فايول، أن المشروع يعكس قدرة أوروبا على تقديم بدائل استراتيجية لتطوير البنية التحتية الإفريقية، في مواجهة المبادرات الآسيوية الكبرى، ويؤكد على أهمية الشراكة بين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
كما ركز نائب رئيس البنك الأفريقي المسؤول عن القطاع الخاص، سولومون أدجبي-كواينور، على أهمية بناء بنية تحتية مقاومة ومستدامة منخفضة الانبعاثات، بينما أكد جوزيف سيكلا، المفوض الأوروبي السابق للشراكات الدولية، على البعد الاستراتيجي للشراكة بين الاتحاد الأوروبي وموريتانيا، باعتبارها تضمن وصول أوروبا إلى قلب الموارد المعدنية وتعزز حضورها في منطقة تتنافس فيها القوى العالمية.
وبعد استعراض المشروع، يظهر أن تطوير هذا الممر الحديدي لا يقتصر على تحسين البنية التحتية، بل يتحول إلى أداة جيوسياسية مهمة: تعزيز الاستقرار في الساحل، تأمين الموارد الطبيعية، توسيع النفوذ الأوروبي، وتثبيت الدور المحوري لموريتانيا في التوازنات الاستراتيجية الإقليمية. وتجدر الإشارة إلى أن موريتانيا غنية بالموارد الاستراتيجية مثل الحديد والنفط والذهب واليورانيوم، ما يجعلها محل اهتمام القوى الدولية، مع مخاطر تؤثر على التجربة الديمقراطية الناشئة في البلاد، التي تعد استثناءً نادرًا في غرب إفريقيا.
