تعتبر قيمة التسامح مبدأ إنسانيا ساميا وأفقا راقيا في التواصل والتفاعل مع الآخر، يقوي علائق الانفتاح والحب والوئام، ويقي من الوقوع في مزالق الكراهية والعنف والصدام، ويفتح جسورا من التلاقي والتلاقح والتفاعل الثقافي بين مختلف الثقافات والأفكار في جميع الأصقاع والأمصار.
في ضوء ذلك يتناول هذا البحث دور قيمة التسامح في تجسير الصلات بين الصحراء وإفريقيا، من خلال دراسة متأنية في تجربة الشيخ محمد المامي الباركي، التي جسدتها رحلته إلى الغرب الإفريقي في القرن 19م، إذ لقب بـ (المامي) إبان تواجده في منطقة فوتا تورو بالسنغال، كما جمعته مساجلة شعرية بديعة مع الزعيم السياسي والصوفي الحاج عمر الفوتي، تنم عن تقدير كبير وتسامح ومحبة بين هذين العلمين العالمين، وصلات مودة بلغ مداها حد المصاهرة، إذ تزوج الشيخ محمد المامي امباركة بنت الحاج عمر الفوتي، فكان هذا أعظم تجسيد لقيمة التسامح ودورها في تعزيز علاقات التأثير والتأثر بين الثقافتين البيظانية والفوتية الإفريقية.
إن الهدف من هذه الورقة هو الوقوف على تجلي قيمة التسامح في رحلة الشيخ محمد المامي إلى فوتاتورو، وإبراز اهتمامه واعتزازه الكبير بلقب (المامي) ذي الأصول الفلانية (آلمام : وتعني الإمام بلغة أهل فوتا)، من خلال إثباته في مختلف منظوماته الشعرية حين التعريف بنفسه، مما يدل على روح التسامح التي يتحلى بها، ومن جهة أخرى محاولة كشف تجليات هذه الروح في سجاله الشعري مع الإمام الحاج عمر الفوتي من خلال حائيته التي مطلعها :
سلام على من نور مغناه فائح ومن نوره للشمس والبدر فاضح
وينتظم تناولنا لكل هذه الأبعاد المجلية لقيمة التسامح في تجربة الشيخ محمد المامي ضمن محورين:
المحور الأول : التعريف بالشيخ محمد المامي.
المحور الثاني: تجليات قيمة التسامح عند الشيخ محمد المامي.
ولقراءة هذا البحث اضغط هنا