تضم الأردن الكثير من الآثار والمزارات الإسلامية المهمة والعتيقة التي يعود بعضها إلى آلاف السنين، فهناك في منطقة الأغوار الجنوبية بالقرب من البحر الميت يوجد منطقة تعد من أقدم المناطق الأثرية في العام، حيث كهف "لوط".
ويعتقد أن هذا الكهف الذي يعود إلى أكثر من 5 آلاف سنة وتحديدًا العصر البرونزي هو المكان الذي لجأ إليه نبي الله لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وبناته بعد أن حل غضب الله على مدينة "سدوم" التي دمرت وفنيت بأهلها
وهناك أيضًا يوجد "عمود الملح المجفف" والذي يُعتقد أنه بقايا زوجة "لوط" التي عصت أوامر الله عز وجل الذي أمرها بعدم النظر خلفها عندما حل العذاب على قوم لوط، فأُهلِكت مع من هلك من أهل "سدوم".
ويعتقد باحثون أن ابني النبي لوط عليه السلام "مؤاب" و"عمون" ولدا فيه، ما يعني أن للكهف أهمية تاريخية بالنسبة إلى الأردن لأنه يربط بين العمونيين الذين حكموا شمال البلاد والمؤابيين الذين حكموا جنوبها.
ويطل كهف نبي الله سيدنا "لوط" عليه السلام- بحسب موقع " هيئة تنشيط السياحة الأردنية"- على بلدة "غور الصافي"، ويوجد كذلك بهذا الكهف الذي يقع على قمة جبل عاليه بركة ماء كبيرة تتجمع فيها مياه الأمطار عبر أقنية مكشوفة ومبلطة بالحجارة والمواد الكلسية لتوفير المياه للزوار القادمين من المناطق كافة، حيث يتم النزول إليها عبر درج حجري.
وضمن الاكتشافات الأثرية المتعلقة بكهف نبي الله سيدنا "لوط" عليه السلام وجد أنه ألحق به دير وكنيسة عتيقة أرضياتها مرصوفة ومبلطة بقطع الفسيفساء تعلوها رسومات حيوانية ونباتية وأشكال هندسية متأثرة بالفن النبطي والعصر الإسلامي جميعها تحكي قصة حياة النبي لوط وقومه، كما ويوجد أيضًا مكان التعميد للمسيحيين الأوائل في ساحة الكهف.
وفي عام 1991م توسعت أعمال التنقيب في الموقع بعد أن عثر عمال التنقيب على فجوة في الموقف سعوا إلى توسيعها، واكتشفوا فيها بعد دخولها على طوب منحوتًا بدقة يعود لسقف قبة، ومع الاستمرار في أعمال البحث والتنقيبات انتهى بهم الأمر إلى اكتشاف كنيسة على شكل بازليكا ذات ثلاثة محاريب فوق الكهف، رصفت بالفسيفساء ذات زخرفة جميلة وعليها نقوش يونانية تعود للعصر البيزنطي؛ حيث كان الخط اليوناني هو الخط الرسمي في المنطقة.
ودللت النقوش المنحوتة الى عدد من المسؤولين الكبار في الكنيسة، ومطارنة وشمامسة، إضافة الى تواريخ البناء والترميم التي تعود الى العام 573 ميلادي، ونيسان (ابريل) 605 ميلادي، وأيار (مايو) من العام 691 ميلادي.
ليس ذلك فحسب بل تم اكتشاف غرفة صغيرة مرصوفة ببلاط رخامي أبيض ذي جودة عالية، بالاضافة الى مئات الأسرجة الفخارية والزجاجية؛ حيث أشارت جميع الأدلة إلى أن هذا المكان كان من أكثر الأجزاء المقدسة في الكنيسة، إلا أنه تم في النهاية اكتشاف ثلاثة نقوش حجرية عرفت المكان على أنه دير النبي لوط عليه السلام، وهو ما أكدته خريطة "مادبا" الفسيفسائية المشهورة التي تضمن بداخلها تصوير الموقع في القرن السادس الميلادي.
ودلّ على نسب هذا الكهف إلى نبي الله "لوط" عليه السلام ما تم العثور عليه من قطع أثرية تعود إلى العصر البرونزي يحتمل أنها جلبت قديمًا من موقع يعود إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد ووضعت هناك عن قصد لربطها بقصة مدينتي "سدوم" و"عمورة" كما وردت في التوراة لإضافة صبغة القداسة على المكان.
وقد حرصت دائرة الآثار الأردنية على إقامة متحف في المنطقة عام 1996م يحكي قصة المنطقة وكهف نبي الله سيدنا "لوط" عليه السلام وكذلك الكنيسة والدير المكتشفان هناك.
وتحاول الآثار الأردنية الترويج للموقع بشكل كبير منذ افتتاحه رسميًا أمام الحركة السياحية عام 2002، وتقوم بربطه سياحيا بالمسارات المجاورة في مسار بانوراما البحر الميت أو العقبة؛ حيث يتيح للسائح زيارة المتحف والكهف ومن ثم التوجه الى باقي المواقع السياحية والدينية الجنوبية القريبة مثل موقع المغطس والبحر الميت والبترا ووادي رم والعقبة