قدم الشيخ والداعية الاسلامي سيدي محمد ولد ببانه محاضرة حول الظلم ، تطرق فيها الى تعريفه و بواعثه ، انواعه وعلاجه.
يعرّف الظّلم بأنّه حالة يتعرّض فيها الإنسان للغبن أو الأذى بالقول أو الفعل، أو يُسلب حقّه أو يمنع من الوصول إليه، فهو حالة سلبيّة بلا شكّ تصدر من إنسان غابت عنه معايير الإنسانيّة والفضلية والأخلاق فلم يتورّع عن ارتكاب فعل الظّلم ضد أخيه في الإنسانيّة، وكلمة الظّلم مشتقة من الظّلمة وهي العتمة بسبب قتامة هذا السّلوك وآثاره السّيئة على نفسيّة الإنسان المظلوم.
بواعث الظلم
بواعثه من مصادر شتى، فإن كان الباعث العداوة والحسد فيكون الظلم من رذائل قوة الغضب، وإن كان باعثه الحرص والطمع في المال، فيكون من رذائل قوة الشهوة.
أنواع الظلم
هناك صور عديدة للظلم، منها:
(1) ظلم الأنسان نفسه: وذلك بإهمال توجيهها إلى طاعة الله عزّوجلّ، وتقويمها بالخُلق الكريم والسلوك الرضي، مما يزجّها في متاهات الغواية والضلال، فتبوء آنذاك بالخيبة والهوان.
(2) ظلم الإنسان عائلته: وذلك باهمال تربيتهم تربية اسلامية صادقة، وإغفال توجيههم وجهة الخير والصلاح، وسياستهم بالقسوة والعنف، والتقتير عليهم بضروريات الحياة ولوازم العيش الكريم، مما يؤدي إلى تسيبهم وبليلة حياتهم مادياً وأدبيّاً.
(3) ظلم الإنسان ذوي قرباه: وذلك بجفائهم وخذلانهم في الشدائد والأزمات، وحرمانهم من مشاعر العطف والبر، ممايبعث على تناكرهم وتقاطعهم.
(4) ظلم الإنسان للمجتمع: وذلك بالاستعلاء على افراده وبخس حقوقهم، والاستخفاف بكراماتهم، وعدم الاهتمام بشؤونهم ومصالحهم، وما إلى ذلك من دواعي تسيب المجتمع وضعف طاقاته. وابشع المظالم الاجتماعية ظلم الضعفاء، الذين لا يستطيعون صدّ العدوان عنهم، ولا يملكون إلاّ الشكوى والضراعة إلى العدل الرحيم في ظلاماتهم.
(5) ظلم الحكّام والمتسلطين: وذلك باستبدادهم، وخنقهم حريات الشعوب، وامتهان كراماتهم، وابتزاز أموالهم وتسخيرها لمصالحهم الخاصة، من أجل ذلك كان ظلم الحكّام أسوأ انواع الظلم واشدّها نُكراً، وأبلغها ضرراً على كيان الأمة ومقدراتها.
معونة الظالم
لم يكن الظلم مقصوراً على الجائرين فحسب، وإنّما يشمل من ضلع في ركابهم، وارتضى اعمالهم، وأسهم في جورهم، فمعين الظالم والراضي بفعله والساعي له في قضاء حوائجه وحصول مقاصده، كالظالم بعينه في الإثم والعقوبة. قال النبي المصطفى (صلّى الله عليه وآله): «إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: أين الظلمة وأعوان الظلمة، ومَنْ لاق لهم دواة أو ربط لهم كيساً، مدهم بمدة قلم؟ فاحشروهم معهم» [جامع السعادات: 2/25]، وقال الإمام الصادق (عليه السّلام): «العامل بالظلم، والمعين له، والراضي به، شركاء ثلاثتهم». لذلك كانت نصرة المظلوم وحمايته من عسف الجائرين، من افضل الطاعات، واعظم القربات إلى الله تعالى.
علاج الظلم
من العسير جداً علاج الظلم، واجتثاث جذوره المتغلغلة في اعماق النفس، بيد ان من الممكن تخفيف حدته وتلطيف هواه، وذلك بالتوجيهات الآتية:
(1) التذكر لما جاء في مزايا العدل وجميل آثاره في حياة الامم والأفراد، من اشاعة السلام ونشر الوئام والرخاء.
(2) الاعتبار بما يتم عرضه من مساوئ الظلم وجرائره المادية والمعنوية.
(3) تقوية الوازع الديني، وذلك بتربية الضمير والوجدان، وتنويرهما بقيم الايمان ومفاهيمه الهادفة الموجهة.
(4) استقراء سِيرَ الطغاة وما عانوه من غوائل الجور وعواقبه الوخيمة.