صفقة القرون الممتدة ...
من حيث التأريخ و تعاقب الأيام نحن في
القرن الحادي و العشرين؛ اما من حيث "الجيوبولوتيك" او تدافع الأمم فنحن ما زلنا في امتداد القرن التاسع عشر و تداعياته ..
مشروع تحويل فلسطين إلى دولة لليهود ليس جديدا. يعرف الجميع أن ما جرى بالأمس هو استكمال او امتداد لوعد بلفور 1917.
لم يكن بلفور يتصرف وحده . كان قد رتب كل شيء مع سلطان الامبراطورية التركية؛ السلطان العثماني الذي يمثل المسلمين كلهم في زمانه . بطبيعة الواقع؛ بين المسلمين كان و مازال أغلب العرب. ليس أدل على هذا من سحب السلطان العثماني لجيشه المدافع عن القدس كما يزعم في الشهر التالي لوعد بلفور بمجرد وصول الجيش البريطاني إليها ..
منذ " إذعان" ليبيا الرسمية لتركيا اجرى ترامب اكثر من ثلاثة اتصالات معلنة مع سلطانها الجديد ، لا يُعلم من محتواها الا ما قيل انها تناولت اوضاع ليبيا و سوريا. مؤكد ان هذا قد تم و ليس مستبعدا ان يكون مشروع ترامب لفلسطين موضوع مساومة بين المتصلَين. من مصلحة ترامب استكمال صفقته و من مصلحة التركي العودة لإحتلال ليبيا. غافل او مغفّل من يقول بغير هذا. و ليس الطموح التركي في الإحتلال و التوسع الا صدى لذاك الذي كان زمن السلطنة التركية الأولى قبل ان ينهيه الفرنسيون و الانجليز بالضحك على العرب كما هو الحال اليوم.
في المقارنة بما فعله العرب نحو فلسطين منذ ان أعلن فيها الإسرائيليون كيانهم ؛ سوف يزداد بإعلان أمس عدد المقفى و المنثور من أقوالهم بحيث يجد فيه المغنون و المنشدون مادة للغريد كما هي العادة و سيزداد التهديد و الوعيد و الصراخ ايضاً و التجمهر في الشوارع و لعن الحكام كما سيجد فيه الوعاظ مادة للنحيب و للدعاء العاجز أيضا في الجمعة القادمة..
لا أحد أبدا سيقول دعونا من ردات الفعل هذه المجربة كلها و دعونا نخلق مشروعات عملية لا تغضب أحدا بما في ذلك ترامب القوي و لكنها ستفيد الفلسطينيين الضعفاء.
انا مع رفع الحرج عن الحكام العرب و تجاهل من يريد تأييد ترامب و لو بإلقاء الأمر على الفلسطينيين المغلوبين كما فعلت مصر ؛ مقابل ان يخصصوا اموالاً تعادل ما سيمنحونه لترامب لتنفيذ صفقته الأحادية و ذلك لتمويل مشروعات من قبيل :
▪ إعالة الأسر الفلسطينية بمايمكنها من العيش اللائق و من تعليم ابنائها و تأهليهم و رعايتهم .
▪ استيعاب كل الفلسطينين المؤهلين في البلاد العربية للعمل و هم كفاءات متفوقة كلها تقريبا...
لا تفعلوا شيء اكثر من هذا و ثقوا ان وعد الله نافذ و دعوا الإسرائيليين يحسنوا أو يسيئوا فهم مخيرون ..
مهما فعل الإسرائيليون مهما فعلت اميركا و الغرب فسيعجزون عن فعل شيء؛ أي شيء حين يحل وعد الله.
وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)
من سورة الإسراء.. قرءان
بقلم : رمضان عبد السلام