من المفارقة أنّ ما ذكَره القاسِم ولد بلاّلي مؤخّراً في اجتماعي قبَلي عن رئيس البرلمان، الشيخ ولد باية، سليم. ولد باية فقَدَ في انفجارِه الأخير مؤهّلاته كرئيس للبرلمان. فقد شتّم نائباً أنّه دَعِي ومقطوع النسب وبلا أصل.
هذه اللغة الأنسابية العشائرية تُناقِضُ قيَم الجمهورية. ولد باية أيضاً شكّك في موريتانية مواطِن موريتاني في مقام القذع النسَبي. هذا أيضاً احتقارٌ آخَر للمواطَنة. لا توجد مواطنة ناقِصة ومكتمَلة. وما هو أهَمّ أنّ المواطَنة مستقِلة عن الأنساب، وغير مشروطة حصراً بها. ثالثاً، هذه دعوات كراهيّة، كان الشيخ ولد باية يعترِف حتى يوليو الماضي بأنّها خطِرة على الوطن. ولد باية كفَر بالقيّم الأساسيّة للجمهورية. وبالتالي فقد مؤهِّلاته لقيادة أكبر هيئة شعبية وطنية.
الآن يمكِنكَ أنْ تُدافِع عن ولد باية كما يفعَل أي رجل من أهل الخيام بأنّه انتصَر بعد ظُلمِه" وأنّه لم يجهَر بالسوء من القول إلاّ عندما ظُلِم أو أنّ القاسم ولد بلالي هو رجل خصومٌ ويستحِقُّ ما قيل له. حسَن. ولكنّ هذا التبرير الدِّيني والقَصاصي لا يعمل في المقام الجمهوري والمؤسّسي. فهو يسقُط في ميزان المسؤوليّة. مشكلتُنا اليوم ليست في الأخلاق الأهلية والدِّينيّة؛ بل في عدم القدرة على تحيينِها في سياقاتٍ جمهورية. هذه هي أزمة الفقه الأهلي. نفس الشيء عن "كفاءة" السيِّد باية في تسيير الجلسات البرلمانية. أعتقِد أنّه لم يكن مسيِّراً سيئاً (على الأقلِّ ظاهرياً). ولكن هذا لا يكفي لإنقاذِه. أعتقِد أنّه آن أوان رحيله. أعتقِد أيضاً أنّ رحيلَه، بمحاسَبة تحقيق، سيكون ممارسة في المؤسّساتيّة: فمن الأولى بهذه المؤسّسة، التي تتحرّف لمحاسبة الفاسِدين، أن تُحاسِب نفسَها أوَلاً وتنظُر في طرائق تسييرِها.
يتواصَل النضال!