في كل طالعة من مساء شهر شعبان ينادي منادي الإيمان أن قد أظلكم طلوع نجم افتقده المتلمسون لتكرر مواسم الخير منذ إحدى عشر كوكبا " وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر "...موسم يسكبون فيه عبرات الخشية والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى تلمسا لتنزل البركات ورغبة في إقالة العثرات استجابة للنداء النبوي " ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أدبر " ، يقبل علينا شهر رمضان المبارك هذا العام وقد مرت على الأمة الإسلامية والموريتانية أحداث جسام قلبت الموازين والأعراف وازدادت فيها التحديات ومازالت توابعها تحاك وتنسج بخيوط تتعاقب تعاقب الليل والنهار, ولكن هلال شهر رمضان المعظم يشيء بكل إطلالة له بنصر لأمة توطنت ميدان الجهاد مع الأزمات والنكبات ، فهو فرصة عظيمة وسانحة كريمة لمراجعة كل الإختلالات التي تتصيد النفس المؤمنة مخاطرها الفتاكة . رمضانُ أقبل قم بنا يا صاح *** هذا أوان تبتل وصلاح إن المستظل بظلال شهر رمضان يجب أن يستشعرعظمة الزمان و أن الموسم موسم طاعة وأجور مضاعفة وفرص خير متعددة ، ففي شهر رمضان تجتمع خصال الخير والمكارم وتبسط روح المحبة والوئام ، وتصفد مرة الشياطين وتجدد عرى الإيمان ...إلى غيرذلك من البواعث التي تدعو المؤمن إلى خوض غمار مسابقة ربانية تبدأ من غروب آخر يوم من شعبان ، مقررها الضامن للنجاح والإجتياز هو كتاب الله سبحانه وتعالى ، تلاوة وتدبرا ، إنه رمضان شهر الصيام والقيام ، ذلك الظرف الزماني المقدس الذي اختاره الله تعالى لعباده لطفا بهم فهو الذي يرضى لهم الإيمان والطاعة ولايرضي لهم الكفر والعصيان . شهر من وفقه الله لصيامه وقيامه رزق التقوى وهي أغلى ما يحرص عليه المؤمنون ,لأن التقوى هي رأس مال المؤمنين وهي أساس الفلاح في الدنيا والآخرة, فبالتقوى تكون السعادة و بها يكون الأمن وبها ينمو الحب وتزداد المودة وبها يكون الرضا وبها يكتب الله النصر للمؤمنين ويعدهم بالتمكين ثم بها يكون موعدهم الجنة والرضوان :" تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا))((مريم 63)) . ففي ظلال شهر رمضان يعيش المرء على وقع أناشيد القراء وقد حبروا حناجرهم بكتاب الله العزيز كأن السامع له لم يتسمع لآيه قط ، فلنجعل رمضان ميدان تنافس وسباق وميدان جهاد وإصلاح وميدان توبة وإخبات وميدان صدق وإخلاص.... ومن أجل أن نحدث نقلة نوعية تمكننا من الإستفادة من هذه المدرسة العملية لابد لكل مؤمن يريد النجاح لنفسه أن يرسم برنامجا عمليا طوال الشهر الكريم تتحدد معالمه الكبرى في تحقيق : - الارتباط بالمسجد كوسيلة فاعلة لزيادة الإيمان والتواصل مع المجتمع - التهيئة النفسية بالإستعداد والتوبة والتوكل والعزيمة على التغيير للأحسن والأفضل إن المتصور لهذه الوسائل في ذهنه قد تساعده على إنجاح مشروعه الرمضاني ، لأنها نجاة وسعادة ومن أراد السعادة فليلزم عتبة العبادة ، وليجتنب الإساءة ..يقول أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: ( لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام الله عز وجل ) و يقول الحسن البصري رحمه الله : ( إذا لم تقدر على قيام الليل ، ولا صيام النهار ، فاعلم أنك محروم ، قد كبلتك الخطايا والذنوب ) ، فيارب صائمه لن يصومه ويارب قائمه لن يقومه ، فرحم الله أناسا من سلفنا الصالح رحلوا عن دنيانا الفانية وقد كانوا يسألون الله أن يبلغهم رمضان ، ومن منا يعرف هل سيدركه رمضان ، ولكن بقيت الأعمال ..وهم أموات يتجاورون ، ولا يتزاورون . سكتوا وفي أعماقهم أخبارُ *** وجافاهم الأصحاب والزوار... كم كنت تعرف ممن صام في سلف*** من بين أهل وجيران وإخوان اللهم اجْعَلْ صِيامنا فيهِ صِيامَ الصّائِمينَ وَقِيامنا فيِهِ قِيامَ القائِمينَ، وَنَبِّهْنا فيهِ عَن نَوْمَةِ الغافِلينَ، وَهَبْ لنا جُرمنا فيهِ يا اِلهَ العالمينَ، وَاعْفُ عَنّا ياعافِياً عَنِ المُجرِمينَ ، وقربنا فيه إلى مرضاتك وجنبنا فيه من سخطك ونقامتك ، ووفقنا فيه لقراءة آياتك برحمتك ياأرحم الراحمين ، واجعلنا اللهم فيه من المستغفرين وتقبل منا صيامه وقيامه يارحمن يارحيم |