ربما لا تعرفني فلم نلتق غير مرة واحدة، ولم توحد بيننا الاهتمامات ولا حقول العمل.. فأنا صحفي، أو من أدعياء مهنة الصحافة وأنتم رجل أعمال..
رجال الأعمال في العادة لا يبحثون عن الصحافيين، ففي متناول أيديهم منهم الكثير..
عُدتُم إلى أرض الوطن مُرحباً بكم بين أهلكم وذويكم، بعد سنوات قدموكم فيها على أنكم رمزٌ من رموز المعارضة واسمٌ من أسمائها اللامعة..
لن أطيل عليكم، ولن أتحدث كثيراً عن الماضي، ولكنني سأعود إلى نقطة منه، في طريقي للحديث عن المستقبل..
كنتُم المُسوِق الأبرز لصديقكم السابق وغريمكم الحالي، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز دولياً ووطنياً، واستخدمتم كل ما أتيح لكم من اجل ذلك الهدف، وبذلك ساهمتم مساهمة كبيرة في دخول موريتانيا عشرية اصطليْتم أنتم بنارها، إضافة إلى كثيرين غيركم من الموريتانيين في الداخل والخارج.
كان دوركم للأسف محورياً في إجهاض حُلم ديمقراطي، كان لو تُرك، سيعود بالخير على موريتانيا..
بإمكانكم الٱن التكفير عن خطئكم الفادح ذاك بإسداء أعمال جليلة تخدم البلاد والعباد..
دعكم من مقولة "رأس المال جبانٌ" التي يُبرر بها الجبناء إيداع السيولة في بنوك سويسرا، فأنتم تمتلكون علاقاتٍ واسعةً ومؤثرة بأطياف كثيرة من المعارضة الموريتانية، نتيجة نزوحكم القسري إلى معسكرها في "عشرية اليبس" كما وصفها الوزير محمد لمين ولد الشيخ.
ويمكنكم استغلال هذه العلاقات ببساطة لخدمة جو الانفتاح والتٱلف الوطني الذي عنه تحدثتم في رسالتكم الموجهة إلى الشعب الموريتاني..
عليكم ان توظفوا تلك العلاقات في الدفع نحو عمل سياسي وطني خالص، يهدف لتكريس الوحدة الوطنية، وترسيخ ثقافة الحوار، وتشجيع القيم المشتركة..
علاقاتكم مع مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية "إيرا" مثلاً لو استخدمتموها لترشيد خطاب الحركة وعملها لكان ذلك خدمة كبيرة للوطن.. ما المانع من أن يكون رجلُ أعمال كبير مناصراً لقضايا الغبن والتهميش؟
علاقاتكم بحزب عريق، كتل القوى الديمقراطية، تتيح لكم وللحزب الغني نضالاً والفقير مالياً، فرصة التلاقي في خط وطني، ربما يكون ضالة الكثيرين، وربما يجمع شتات المعارضة من جديد، في تناغم مع عهد موريتانيا الجديد..
علاقاتكم بإعلاميين من رواد المهنة، تُغري هي الأخرى بتبني مشروع إعلامي وطني مهني، لما لا يكون تلفزيوناً أو محطة إذاعية، أهو هما معاً؟,
عليكم أيضاً أن تأخذوا مسافة من السلطة، وتستفيدوا من غربتكم التي اطلعتم فيها، بدون شك، على تجارب رجال أعمال نجحوا دون أن يتحايلوا أو يدفعوا أي رشىً، وكانوا يحترمون أنفسهم والدولة والمواطن..
بنهجٍ كهذا، وبالأعمال الطيبة، وأنتَ وفليب موريس من أهل الخير، ستجعلنا نكتب اسمك من جديد في شغاف قلوبنا، كما كتبناه بصورة أخرى يوم أن لمًعت لنا الوهم في مهرجانات أو حملات ولد عبد العزيز الانتخابية.
سيدي الرئيس، أو الرئيس المدير العام لمجموعة BSA إن موريتانيا تستحق منكم الكثير، ولها دين كبير في عنقكم، وهي التي بأفضالها تحولتم من مُعلم إلى أحد أكبر رجال الأعمال، وقد حان وقت السداد، ولو على أقساط.
قرأتُ بيانكم الموجع، وهو بيان رجل أرغم على النزوح عن وطنه، وفقد والدته في منفاه، دون أن يُلقي عليها نظرة وداع للأسف.
والمؤسف أكثر أنه عمل دون كلل لتكريس سلطة من حرمه من رؤية والدته ومعايشة لحظاتها الأخيرة.. لكن لا ضيرَ، فالمستقبل أمامكم، وموريتانيا التي عدتم لها تختلف اختلافا جذريا عن موريتانيا التي غادرت من حيث تعزيز القيم الأخلاقية والإرادة في التغيير على الأقل.
هي موريتانيا التي قلتم إنها تواجه التشاؤم والتشكيك والتٱمر بشجاعة.
هي التي عادت كما قلتم إلى سكة دولة القانون والديمقراطية..
هي التي استطاع رئيسها انتزاع تقدير الإخوة الأفارقة والعرب، وهي التي تحافظ على كرامتها واحترامها على الصعيد الدولي..
هذه فرصتكم لتساعدوا على تكريس المنجز، والعمل على تنميته وتعزيزه من أجل موريتانيا..
هي اليوم ليست قريتك التي أخرجتك..
لا تكن تاجراً مثل أغلب الذين صنعتهم العشرية، ونُطلقُ عليهم جزافاً وتزويرا صفة رجال أعمال.. كن رجل أعمال، وساعد تُجار "عزيز" ليكونوا رجال أعمال، فما كُلُ مُدَورٍ كعْك.
عبد الله أتفاغ المختار - كاتب صحفي