تشير ادبيات العلاقات الدولية الى ان البنيان الدولى يؤثر على السياسات الخارجية للدول الكبرى منها والصغرى ازاء الوحدات الدولية الاخرى وبدرجات متفاوته على مستوى ادوات هذه السياسة ومضمونها وعملية صنعها, واوضحت التغيرات على الساحة الدولية خلال الفترة ما بين نهايات القرن العشرين وبدايات القرن الواحد والعشرين خلل فى التوازنات بين القوى الدولية نتج عن انهيار قطب الاتحاد السوفيتى, وانفراد اخر بالهيمنه الولايات المتحدة الامريكية, فنجد هناك بعض القوى التى تفرض نفسها على الساحة سواء كان ذلك بشكل معلن او مستتر, ولكنه واقع لابد من الاعتراف به, ومن اوضح الامثلة التى ظهرت جليا على الصعيدالدولى الصين التى جذبت الانظار بقوة اليها حيث احدثت تقدما هائلا فى مجالات عدة .
وتسعى الدراسة الحالية ان تلقى الضوء على الصين كواحدة من القوى الصاعدة؛ حيث انها الدولة المرشحة بقوة فى الفترة القادمة لان تكون المنافسة للولايات المتحدة الامريكية مهددة مكانتها كقطب اوحد فى العالم, فلم تعد تذكر الصين الا مصحوبة بصفات مثل التنين او اللغز او المارد, مما يعكس وجود ادراك عالمى بأن المستقبل للصين على حساب الهيمنة الامريكية, وسيكون لذلك فى الغالب انعكاسات هامة على النظام الدولى, وينتشر هذا الادراك بشكل خاص فى الولايات المتحدة واليابان وبعض الدول الاسيوية سواء داخل مؤسسات صنع القرار او المؤسسات الاكاديمية او على مستوى رجل الشارع العادى .[1]
وترجع اهمية دراسة سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين الى اسباب عديدة منها: ان الصين اكبر دول العالم سكانا اصبحت ذات اهمية على المستوى الدولى, خاصة فى ظل المنافسة الاقتصادية مع الولايات المتحدة, والى جانب ذلك هى احدى الدول الخمس الكبرى فى مجلس الامن, كما ان سقوط الاتحاد السوفيتى والقضاء على الشيوعية فى شرق اوربا كان من المفترض ان ينهار النظام الحاكم فى الصين باعتبارها من احدى الدول الشيوعية, ولكن على العكس من ذلك زادت قوتها واصبحت منافسا قويا للولايات المتحدة الامريكية خاصة من الناحية الاقتصادية, وكأن الصين قد استلمت لواء المنافسة والصراع مع الولايات المتحدة بدلا من الاتحاد السوفيتى, والسبب فى ذلك يعود الى انها ام تاخذ الماركسية-اللينينية كما هى بل دمجتها مع الثقافة الكونفوشسية والتاوية والبوذية وطورت كل ذلك ليتناسب مع المجتمع الصينى .[
وياتى القلق من صعود الصين نتيجة علاقاتها بالدول التى تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية دولا مارقة كايران وكوريا الشمالية؛ حيث التباين الصينى الامريكى المتمثل فى المواقف المختلفة تجاه العلاقات الدولية الراهنه, فضلا عن ذلك هناك فجوة تباين كبيرة بين الصين والولايات المتحدة بشأن التوجه السياسى والثقافى والاجتماعى والايديولوجى, ومستوى التنمية الاقتصادية لكلا منهما, فهناك مجتمع غربى متطور ديمقراطى فى الولايات المتحدة الامريكية, وعلى الجانب الاخر هناك مجتمع اشتراكى نام فى الصين .
ثانيا :المشكلة البحثية :
بدأت الصين منذ بضع سنوات تأخد طريقها جديا نحو تبوء مكانة دولية متميزة فقد احدثت طفرة هائلة فى التنمية واصبح من اهم المشكلات التى تثيرها قضية الصعود الصينى مسالة احتمال اتجاه الصين الى تهديد الاستقرار العالمى والاقليمى اذ اصبحت من الدول الساعية للهيمنة الاقليمية , وصار هذا الاحتمال خطرا قويا يهدد مصالح الدول الغربية فى مناطقها الحيوية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وهو ما اخذته فى الاعتيار الولايات المتحدة الامريكية بصفتها القوة العالمية الوحيدة المهيمنة على العالم وبالرغم من ذلك توجد علاقات مشتركة بين الدولتين وبالتالى تؤثر هذه العلاقات بما فيها من تعارض او التقاء على النظام الدولى, وبالتالى تصبح المشكلة الرئيسية والسؤال البحثى الرئيسى هو ” ما هو اثر العلاقات الصينية الامريكية على النظام الدولى منذ 2001 ؟ “