بالتوازي مع عودة كل من مصر وإثيوبيا والسودان الجمعة إلى طاولة المفاوضات بشأن ملف سد النهضة، تشتعل منصات التواصل الاجتماعي بحملات متبادلة بين مواطني الدول الثلاث الذين يدافع كل منهم عن موقف بلاده. وإلى جانب مقاطع الفيديو، يشارك فن الكاريكاتور في الحملات المتبادلة.
إعلان
تشتعل منصات التواصل الاجتماعي بحملات متبادلة بين مواطني الدول الثلاث الذين يدافع كل منهم عن موقف بلاده في قضية سد النهضة وهي مصر والسودان وإثيوبيا، .وذلك بالتوازي مع المفاوضات الجارية حول القضية.
وخلال الأسابيع الفائتة، تمّ على شبكات التواصل تداول مقطع فيديو تظهر فيه فتاة إثيوبية تسخر من المصريين وحاجتهم للمياه. وتحمل الفتاة وعاء مليئا بالماء وأمامها كوبان أحدهما زجاجي والآخر بلاستيكي، فتصف الأول بـ"السودان.. حبايبي.. كل حبي لك"، وتملؤه من وعائها بالماء، ثم تملأ بعض الماء في الكوب الثاني قائلة "هذا مصري.. ليست مشكلة.. حرام"، إلا أنها تقوم بعد ذلك بإفراغ الماء منه قائلة "هذه مياهي.. على كيفي".
وأثار هذا المقطع غضب العديد من المصريين الذين ردوا على الفتاة الإثيوبية بمقاطع مشابهة.
وفي أحد هذه المقاطع، تظهر فتاة مصرية وأمامها منضدة عليها قلعة مبنية من مكعبات الأطفال يرتفع عليها العلم الإثيوبي. وقرب القلعة كوب من المياه. وتضرب الفتاة القلعة بيدها وتهدمها ثم تجلس لتشرب الماء.
وبدأت إثيوبيا في 2011 بناء السدّ بتكلفة ستة مليارات دولار على النيل الأزرق، ويتوقّع عند الانتهاء منه أن يصبح أكبر سدّ كهرومائي في إفريقيا.
ومنذ ذلك التاريخ، تتعثّر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد. وفشل مسؤولو الدول الثلاث في التوصّل إلى اتّفاق في ما بينهم، ;لا سيما على آليّة ملء وتشغيل خزان السدّ بشكل لا يضرّ بحصص دول المصب من المياه.
وأفادت وزارة الري والموارد المائية السودانية الجمعة بعودة الدول الثلاث إلى طاولة المفاوضات بوساطة من الاتحاد الأفريقي.
وعلى موقع تويتر، وبعد كل جولة مفاوضات، تحتدم التعليقات والتغريدات بين المستخدمين من الدول الثلاث، ويشكل خاص بين المصريين والإثيوبيين تحت وسوم مختلفة بينها مثلا "#حقوق_مصر_النيلية" من الجانب المصري و"#املأ_السد" من الجانب الإثيوبي.
"الحرب النفسية"
ويشارك فن الكاريكاتور في الحملات المتبادلة. وبرزت في هذا الإطار رسوم للفنان السوداني عمر دفع الله أثارت جدلا واسعا على منصات التواصل.
وكان آخرها منشور على صفحته على موقع فيس بوك في الأول من يوليو/تموز هو عبارة عن كلمة النيل على شكل مجرى مائي في نهايته صنبور، وقد خُنق عنقه بسدادة كتب عليها سد النهضة. ويبدو في الكاريكاتور رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وهو يملأ الماء في إبريق لرئيس وزراء السودان عبد الله حمدوك وغالون كبير للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ويصرح رسام الكاريكاتور المصري بصحيفة "روز اليوسف" الحكومية أحمد دياب لوكالة الأنباء الفرنسية إن فن الكاريكاتور "جزء أصيل من الحرب النفسية. إلى جانب استعراض القدرات العسكرية والقتالية والخطاب الإعلامي الفعّال، تأتي الفنون لشحن معنويات الشعوب".
وكان دياب رسم كاريكاتورا عنيفا عن أزمة السد، صوّر فيها جنديا مصريا ضخما يحمل سلاحه على ظهره ويضع ذراعه على كتف مواطن إثيوبي وخلفهما سد النهضة.
ولجأت مصر إلى مجلس الأمن لمناقشة المسألة. وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدت نهاية الشهر الماضي عن دعمهم للجهود التي يبذلها الاتحاد الإفريقي لحلّ الأزمة.
وانضم بعض المشاهير إلى الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي.
فكتب المعارض الإثيوبي البارز جوار محمد على تويتر في حزيران/يونيو بالانكليزية "على مصر وداعميها أن يعلموا أن إثيوبيا ستبدأ في ملء سد النهضة في تموز/يوليو، سواء كان هناك اتفاق أو لا".
وأضاف "إذا تم التوصل إلى اتفاق قبل يوليو/تموز، عظيم. إذا لا، يجب أن يستمر التفاوض مع ملء السد. لا يمكن أن يكون رهينة لمطالب غير معقولة".
وكتب الملياردير المصري نجيب ساويرس من جهته على "تويتر" بالإنكليزية، "لن نسمح أبدا لأي دولة أن تجوعنا، إذا لم تتوصل إثيوبيا إلى المنطق، فنحن الشعب المصري سنكون أول من يدعو للحرب".
"وسائل التواصل قد تبني جسورا"
يقول مسؤول الاتصال والتنمية الاجتماعية بالمكتب الفني الإقليمي لدول شرق النيل (انترو) بمنظمة حوض النيل وباليم فيكاد، إن مثل هذه التفاعلات "تستهدف المستخدمين الساذجين الذين يكرّرون وينشرون معلومات خاطئة ما يؤدي إلى سوء الفهم".
ويتابع "الأشخاص في منصات وسائل التواصل الاجتماعي غير خاضعين للمساءلة، لذلك من السهل نشر نظريات المؤامرة".
ولعل أبرز هذه الشائعات ما تداوله بعض المصريين عن أن الرئيس المصري الراحل أنور السادات قام سرا بضرب سد النهضة عندما حاولت إثيوبيا بناءه لأول مرة في الثمانينات، وهو أمر لم يرد في أي وثيقة رسمية أو يؤكده أي مسؤول.
ويرى البرلماني المصري محمد فؤاد أن النقاشات عبر مواقع التواصل بين شعوب الدول الثلاث قد "تساعد على كسر الجمود بين أطراف الأزمة".
ويضرب مثلا بصفحة عبر فيس بوك تضم تعليقات مصورة ساخرة حول قضية سد النهضة ينشرها مصريون وإثيوبيون.
ويضيف "نحن نتفاوض منذ عشر سنوات، لكن لم نصل الى أي شيء، فلعل مناقشات وآراء مواقع التواصل تحسّن المسار".
ويقول فيكاد من جهته "هذه المنصات قوية. عند استخدامها بشكل مبتكر وحكيم يمكنها المساعدة في نزع فتيل التوترات".
ويضيف "إذا تم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل بناء، يمكنها بناء جسور عبر الانقسامات".
لكن حتى الآن، يبدو التوتر هو الطاغي.
فرانس24/ أ ف ب