بدأت شرطة الجرائم الاقتصادية «التحقيق الابتدائي» في ملفات فساد أثارها التقرير البرلماني، واستمعت لأفراد من عائلة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وبعض رجال الأعمال المقربين منه، بالإضافة إلى وزير ومدير سابقين، كما أوقفت خمسة أشخاص.
وبحسب مصادر «صحراء ميديا» فإن المحققين استجوبوا كلاً من صهر الرئيس السابق وابنته، ورجلي أعمال محسوبين عليه، وطرحت عليهم أسئلة تتعلق بالملفات التي أثارها التحقيق البرلماني ووردت فيها أسماؤهم، خاصة تلك المتعلقة بالمبيعات العقارية.
وكان التقرير الصادر عن البرلمان قد أورد أسماء بعض أفراد عائلة الرئيس السابق في ملف المبيعات العقارية التي جرت في نواكشوط، وقالت اللجنة إن بحوزتها وثائق تثبت شراء أفراد من عائلة الرئيس السابق عدداً كبيراً من القطع الأرضية.
وقالت لجنة التحقيق البرلمانية في تقريرها النهائي: «بالنظر إلى النقص المزعوم في الخبرة المهنية لهؤلاء الأشخاص (حاشية الرئيس السابق)، فإن لجنة التحقيق البرلمانية تتساءل بشكل مشروع عن قدرتهم على اقتناء هذه الأملاك عند هذا المستوى من الأسعار وبهذه المساحة الكبيرة».
وأوصت لجنة التحقيق البرلمانية بإحالة ملف المبيعات العقارية إلى السلطات القضائية لتعميق التحقيق فيه، وهو ما شرعت فيه شرطة الجرائم الاقتصادية التي استمعت للمعنيين ووسعت التحقيق ليشمل مواطنين آخرين.
وفي إطار التحقيق أوقف الأمن الموريتاني موثق عقود على علاقة بملف المبيعات العقارية، وأغلق الأمن مكتبه، بعد أن صادر الوثائق التي كانت بحوزته، وهو ما قاد فيما بعد إلى توقيف أربعة أشخاص آخرين من ضمنهم مسؤول رفيع في «هيئة الرحمة» التابعة لنجل الرئيس السابق.
وقالت مصادر قريبة من التحقيق لـ «صحراء ميديا» إن الأمن اكتشف شبكة مختصة في الاستحواذ على العقار في نواكشوط، وذلك بعد الاطلاع على كمية كبيرة من الوثائق في مكتب موثق العقود، وكانت هذه الشبكة تشتري القطع الأرضية وتتنازل عنها لصالح عائلة الرئيس السابق.
وكان تقرير لجنة التحقيق البرلمانية قد كشف هذه الممارسة فيما يتعلق بالقطع الأرضية المقتطعة من مدرسة الشرطة وسرية المرافقات والمركب الأولمبي، وأوصى بإحالة الملف إلى السلطات القضائية للتحقيق وكشف أي خروقات جنائية في الموضوع.
وقالت اللجنة في تقريرها: «يبدو أن بعض القطع الأرضية تم شراؤها بواسطة أسماء مترشحين لمجرد التوهيم، قبل بيعها إلى حاشية الرئيس السابق بأسعار زهيدة»، وأضافت اللجنة أن بعض القطع كان سعرها 32 مليون أوقية، ولكنها بيعت لحاشية الرئيس السابق بستة ملايين أوقية فقط.
وأوصت اللجنة بتعميق البحث والتحقيق حول «تواطؤ محتمل» بين المستفيدين من المزادات وبين الرئيس السابق، الذي قالت إن بعض المسؤولين شهدوا بأنه كان يشرف على عملية البيع بالمزاد.
ومن المنتظر أن يكشف التحقيق خلال الأيام المقبلة تفصيل أكثر حول الاستحواذ على القطع الأرضية في العاصمة نواكشوط.
وأكدت مصادر «صحراء ميديا» أن الاسجواب الذي جرى في إدارة الأمن الوطني «كان فردياً»، ومع نهاية كل جلسة، يطلب المحققون من المستجوَب أي وثائق أو أدلة تثبت أقواله، وإن كانت بحوزته يرسلون معه من يحضر نسخة منها.
كما طلب المحققون من جميع الذين خضعوا للاستجواب عدم مغادرة العاصمة نواكشوط، ومن يود الخروج عليه أن يطلب الإذن من الأمن، في انتظار اكتمال التحقيق.