الشيخ الفخامة يقدم توعية حول فضل هذه الايام

أربعاء, 06/21/2023 - 20:25

 

 

بسم الله الحمد للهْ والصلاة والسلام على رسول اللهْ أوصي جميع المسلمين وأخص التلامذة من مريدين صادقين وطلبة علم أن يجتهدوا فيما يحب ربهم وأن يعلموا أن الله عز وجل رزقنا من النعم ما نَعجِزُ عن إحصائه وعده بَلْ وفَهْمِه ومن نعمه الجليلة علينا أن جعلنا من حملة القرءان الذين هم أهل الله وخاصته من خلقه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة فله الحمد أولا وآخرا لانُحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه.

ثم إن للخير مواسمَ لايُفَرطُ فيها إلا جاهل أبلهُ لا يرجوا أجرا ولا يخشى حسابا ومن أَجَلِّ هذه المواسِمِ أيامُ ذي الحِجَّة العشرِ التي بين أيدينا الآن،

 فقد أخرج البخاري في صحيحه والإمام أحمد وأبو داوود والترمذي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مَامِن أَيَّامٍ العمَلُ الصالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلَى الله مِنْهُ فِي هَذِهِ الأيَّامِ العَشْرِ قالُوا ولَا الجهَادُ في سبيلِ الله قال ولَا الجهادُ في سبيل الله إلا رجلٌ خرجَ بنفْسه ومالِه ولمْ يَرجع من ذَلكَ بِشَيء)

وروى الدارمي بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما 

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قالَ مَامِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِندَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أعظَمَ أَجْراً مِن خَيْرٍ يَعْمَلُه فِي عَشْرِ الأْضْحَى قِيلَ وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله قالَ وَلَا الجهادُ فِي سبيلِ الله عَزَّ وَجَل إِلَّا رجلٌ خَرجَ بنفْسِهِ ومالِه ولمْ يرجِع من ذالِك بِشَيء)

وأخرج ابن حبان في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أفضلُ أيَّامٍ فِي الدُّنيا الأيامُ العشرُ قالُوا يا رسُولَ الله ولَا مثلُهن في سبيلِ الله قال ولَا مثلُهن في سبيل الله إلا مَن عُفِّر َوجهُهُ بالتراب )

وروى الإمام أحمدُ في مُسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أيضا : (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العشرَ عشرُ الأضحَى والوِترَ يومُ عرَفَةَ والشفعَ يومُ النّحرِ وهذَا إسناد لا باس برجاله وأخرجه أيضا النسائي )

قال الطبري في قوله عز وجل <وَلَيَالٍ عَشْرٍ> والصوابُ من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى بإجماعِ الحُجة من أهل التأويل انتهى 

وقال الشوكاني <وَلَيَالٍ عَشْرٍ> هي عشر ذي الحِجة في قول جمهور المفسرين انتهى 

وهذه الأيام العشر هي المقصودة بقوله تعالى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) قال الإمام ابن كثير في تفسيره (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ ) قال شعبة وهشيم عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس الأيام المعلومات الأيام العشر وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به ويروى مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والضحاكِ وعطاء الخراساني وإبراهيم النخعي وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد ابن حنبل انتهى منه بلفظه 

فهذه أيامٌ وليالٍ فاضلةٌ وفيها يومُ عرفة وصيامُه يُكفّر سنتينِ سنةً قبلَه وسنةً بعده، 

فعن أبي قتادةَ الحارثِ بن رِبْعِيٍّ رضي الله عنه قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صيامُ يومِ عرفةَ أحتسب على الله أن يكفر السنةَ التي قبله والسنةَ التي بعده )رواه مسلم في صحيحه 

فثبت عنه صلى الله عليه وسلم استحباب صوم عرفة والترغيب فيه، وأما صومُه صلى الله عليه وسلم هذه الأيامَ فعن حفصة رضي الله عنها قالت أربع ٌلم يكن يدعُهن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراءَ والعشرِ وثلاثَةِ أيام من كُل شَهر وركعتين قبلَ الغَداة 

رواه أحمد والنسائي وابن حبان وصححه.

فهذا الحديثُ فيه ثُبوت صيامِه صلى الله عليه وسلم لهذه الأيامِ العشرِ ، لكن أخرجَ مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت مارأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صَائما في العشر قَطُّ

وفي رواية أخرى لمسلم لم يصُمِ العَشرَ 

قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع جزء 6 الصفحة 444 وأما حديث عائشةَ قالت ما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في العشر قطُّ وفي رواية لم يصم العشر رواهما مسلم في صحيحه فقال العلماء هو مُتأَوَّلٌ على أنها لم تره ولم يلزم منهُ تركُه في نفس الأمر لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكون عندها في يوم من تسعة أيام والباقي عند باقي أمهاتِ المؤمنين رضي الله عنهن أو لعله صلى الله عليه وسلم كان يصوم بعضَه في بعض الأوقات وكُلَّه في بعضها ويتركُه في بعضها لعارضِ سفَر أو مرَض أو غيرِهما وبهذا يُجمع بين الأحاديث انتهى كلام النووي منه بلفظه.

قلت وبالله التوفيق معلوم عند أهل الأصول أن قوله صلى الله عليه وسلم مقدمٌ على فعله لاحتمال الفعل الخصوصيةَ وقد ثبت عنه في حديث ابن عباس رضي الله عنهما من القول مايقتضي الصوم وهو العمل الصالح، وحديثُ عائشة رضي الله عنها من الفعل فلاتعارُض ، مع أن حديث حفصة رضي الله عنها حازٌّ في المفصل وإن كان حديث عائشة أصحَّ منه لأنه في مسلم فإنه يعضده حديث ابن عباس الذي في البخاري،

فتحصل من هذا أن صوم الأيام الثمانية مطلوب لمن قدر عليه لأن الصوم من أَجَلِّ العمل الصالح ، وأما اليوم التاسع وهو عرفة فلا خلاف في فضل صومه لصحة الحديث الذي أوردنا، 

فصوموا هذه الأيامَ وقوموا لياليَها وأكثروا فيها التوبة النصوح، ولا تقبلوا تطلاب الدراهم للأضاحي واللباس يشغلكم عنها وصححوا النية في تطلابهما ليكون من العمل الصالح الذي يحبه خالقكم في هذه الأيام

وتقيدوا بالقيود التى أمركم بهاالشرع فيها فقدروى مسلم في صحيحه عن أم سلمة زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله عليه وسلم من كان له ذِبحٌ يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يَأْخُذَنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يُضَحِّيَ، ومن العبادة المأمور بها في هذه الأيام كثرة التهليل والتسبيح والتحميد فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مَا من أَيامٍ أعظمُ عندَ الله ولَا أَحَب إليهِ العمل فيهنَّ من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التكبير والتهليل والتحميد،

هذا موسم من مواسمكم أيها المؤمنون فلاتقبلوا فواته بحال من الأحوال حفظكم الله تعالى وأيدكم ووفقكم لما يحب خالقكم من العمل الصالح في هذه الأيام وفي غيرها 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم الشيخ سيدي محمد (الفخامة) ولد الشيخ سيدي  

 

الإثنين اليوم الأول من ذي الحجة 1444 هجريا 

الموافق 19 يونيو 2023 ميلاديا