أطر مغمورون ووصوليون ممكنون/الولي سيدي هيبه

أحد, 02/24/2019 - 21:35

قال صلى الله عليه وسلم: (إذا وُسِّدَ الأَمر لغير أهله فانتظروا الساعة)، فالرجل المناسب في المكان المناسب، فلا تسند الوظيفة إلاَّ لمن هو أهل لها، لغرض أن تبرز كفاءته وصفاته، فالنبي صلى الله عليه وسلم اعتذر رأبي ذر رضي الله عنه لما طلب منه أن يستعمله، بل حذره من خطر ذلك عليه مما عرفه عنه صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسل: (يا أبا ذرٍّ إني أراك ضعيفاً، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمَّرَنَّ على اثنين ولا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم). وعنه قال: قلت يا رسول الله ألا تستعمِلُني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: (يا أبا ذرٍّ إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامةٌ إلاَّ مَنْ أَخَذها بحقها، وأدَّى الذي عليه فيها).

عندما يقال “الرجل المناسب في المكان المناسب” تنبغي الإحاطة بأنه إقرار بمقولة من اهم مقولات النجاح في تاريخ البشرية، التي باتت اشبه بالحكمة القائلة “التناسب يحدد حجم التعامل”، وإذ “التناسب لا يحدد حجم التعامل فحسب، بل وكذلك الشخصية التي تجسد كل أهمية المكان نفسه، وهو “المنطق العملياتي التاريخي” الذي خبرته جميع الأمم التي الناجحة في مسارها الحافل برفع التحديات.

ممالا شك فيه على الإطلاق أن في هذه البلاد أطرا أكفاء، وعلماء أفذاذا، ومبدعين لا حدود لقدراتهم، ووطنيين مخلصين، بأعداد لو عينت لمهام تدخل في صميم تخصصاتهم واهتماماتهم لغيروا الوضع المختل، وأوقفوا النزيف، وأزالوا حالة الشلل، وطردوا ظلمة الحيف، وغيبوا مظاهر التخلف، واستبدلوا الضعف بالقوة والاستكانة بالثقة، وسوء استغلال المقدرات الهائلة بالحكامة الرشيدة المطبوعة بالعقلنة ورشد التخطيط، استقامة المنهجية، وأوقفوا استشراء الفساد ومنعوا استمرار التمكين للرداءة.

ولكن الذي يجري في الواقع القائم ويرتهن البلد للتخلف الصارخ والتفاوت البين بين القلة القليلة المتخمة بالمال العام:

– نهبا وسطوا،

– وسرقة وتحايلا،

وبين الأغلبية من الشعب التي يعيش معظمها تحت خط الفقر وعلى أرضية تفتقر إلى البنى التحتية الضرورية ومنها الطرق الانسيابية المسهلة لعملية التنمية وتوصيل محاصيل زراعة وطنية ذات نفع عام ومنتجات محلية أخرى كثيرة لتحقيق التبادل وإرساء صناعة أولية محلية باستغلال هذه الموارد البلدية الكثيرة، وضمان التشغيل والتأمين من الفاقة لبعض معتبر من المواطنين، ورفع من مستوى استقلالية البلد بهذه الموارد الذاتية تحقيقا للاستقلالية.

وإن أسوأ ما يكرس هذا الواقع الأليم والجاثم على حقيقة التأخر البادي عن الركب ـ الذي تحاول شعارات الانتهازيين الوصوليين اللاوطنيين أن تسوق عكسه بلغة الخشب ـ هو النهج الذي دأبت عليه الأحكام المتعاقبة من تعمد:

– “تبليه abrutissement” أفراد النخبة المقربة

– وتكريس كحم “الرداءةmédiocrité ” في شأن التسيير،

فقامت تصرف المخططين والخبراء والفنيين من أصحاب جميع الاختصاصات إلى المهام الهامشية عقابا والتنظيرية التمجيدية تقريبا واستغلالا، وتحل محلهم من لا علم لهم بلب مهامهم الجديدة ودقة أهدافها وما يترتب عليها في سياق البناء المفترض للبلد من ناحية، وتسلم زمام الأمور من ناحية أخرى للذين ينعقون بما لا يسمعون ويكيفون القيام بالمهام مع أمزجة الآمرين بالصرف على أهواء:

– القبليين السلبيين،

– والسياسيين المرحليين واللحظيين،

– والأقلام والاعلاميين خريجي مدارس الخلط بين الوهم والحقيقة

– وانتهازيي المنعطفات،

– وشعراء النسخ التحويري

– وعمامات التسهيل والمخرج