س: ثمة فوضى في تمثل المسلمين لتاريخهم الإسلامي واستذكار للجوانب الحربية والقتالية فيه مع عدم قدرة على تعيين صورة أقرب للموضوعية حيال ذلك التاريخ ما هو السبب؟
جواب العلامة عبدالله بن بيه :
السبب الرئيس هو أن الحقب المختلفة شهدت نزاعات وحروبا أحيانا في الداخل وأحيانا مع دول الجوار التاريخي وبخاصة الأوروبي استنجد فيها بالذاكرة التاريخية المكتوبة عن الغزوات والحروب والانتصارات فعلى هذا الجانب تم التركيز في كتب السيرة بلا مراعاة للسياق بدل التركيز على تاريخ الدعوة السلمية التي تمثله البعوث. النبوية للدعوة المعروفة وهي ضعف الغزوات. وسيرة الرسول عليه السلام تزكي قيم الصلح والمصلحة، وأن المسلم يمكن أن ينهزم لوجه الله تقليلا للمفاسد وتكثيرا للمصالح، وهو عليه الصلاة والسلام رجع عن حصار الطائف بعد أن تضرر المسلمون من حصاره الطويل، فلم ير ذلك منقصة أو عيبا، وكذلك كان صلح الحديبية. هذه النماذج المشرقة الكثيرة في تاريخنا من البحث عن السلام والإيمان بجدوى المصالحات والعهود، توضح أن تاريخنا لم يكن حربا مستمرة، ولا أن الإسلام قامت حضارته على شن الحرب على العالم.
إننا لا نريد أن نحاكم تاريخنا أو نشتمه أو نطعن في رمزيته في وعي الأمة المهزوز، أو نمنع حق التخيّل، وإنما نريد التأكيد على أن الفهم السطحي المثالي الزائف للتاريخ حيث المسلم المنتصر دايما بالحرب، وحيث لا اعتبار للمصالح والمفاسد وميزانها المركب، أن هذا التصور خلل عميق في منهج الخطاب الإسلامي المعاصر. فلا بد أن نصحح التصور عن أسباب نهضة الأمم، وأن لها سننا كونية مبناها على قيم الحكمة والمصلحة.