الصوم عبادة من العبادات العظيمة التي يشرف الله تعالى بها عباده المؤمنين، وهو أحد أركان الإسلام المجمع عليها لدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وله أحكام شرعية تحقق مبناه ومعناه، فإن اختل منها حكم لم يكن هو الصوم الذي فرضه الله على عباده، وهذه الأحكام دائرة بين الشروط والأركان والسنن:
أما الشروط فمنها شرط صحة وهي:
1-الإسلام، فلا يصح من غير المسلم وإن امتنع من الطعام والشراب والنساء ونحوها تقليداً للمسلمين أو حمية صحية.
2- العقل فلا يصح من غير العاقل لعدم تمييزه بين العبادة وغيرها، وإن كفَّ عن المفطرات، لعدم تكليفه بشيء من العبادات، ويصح من الصغير المميز كالصلاة ليتعود عليه عند وجوبه عليه.
3- خلو المرأة من الموانع الشرعية وهي الحيض والنفاس؛ لأن صومها وصلاتها لا تصح منها وهي كذلك حتى تطهر، ولكن يجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة؛ لأن الصوم لا يتكرر كالصلاة، بل هو عبادة موسم في السنة مرة واحدة، فلا يشق قضاؤه بخلاف الصلاة.
ومنها شروط وجوب وهي:
1- الخلو من المرض أو السفر أو الكبر أو الحمل أو الإرضاع، فمن كان مريضاً أو مسافراً لم يجب عليه الصوم أداءً، رخصة له حتى لا يشق عليه، ولكن يجب عليه قضاء ما أفطره لهذه الأعذار لقوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم، وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم»، والحمل نوع مرض لما تعانيه الحامل من التعب والعناء وحاجتها إلى الغذاء، والمرضع كذلك إن خافت على نفسها أو رضيعها، وأما كبير السن أو المريض مرضاً مزمناً فإن الله تعالى قد وضع عنهما الصوم إلى بدل عنه وهو فدية طعام مسكين، كما قال الله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ).
أما فرائض الصوم وأركانه فهي:
1- نية الصوم من الليل؛ لأن الصوم عبادة فلا تصح إلا بنية لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يبيت الصيام قبل الفجر، فلا صيام له» وفي رواية: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له» وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» وهي واجبة في أول الشهر للشهر كله ما لم يفصل بينهما بفطر، عند مالك رحمه الله، ولكن يستحب تجديدها كل ليلة لشهر رمضان، اعتباراً بأن الشهر كله فريضة واحدة، وعند غيره يجب تبييتها لكل ليلة؛ لأن كل يوم فريضة بنفسه.
2- الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، والمفطرات نوعان: مفطرات حسية من أكل أو شرب عمداً، أو جماع أو مقدماته مع الإنزال، ومفطرات معنوية تجرح الصوم فتنقص أجره وتذهب كماله، وهي كل منهي عنه شرعاً، من سباب أو لغو أو رفث أو فسوق أو عصيان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الصائم أن يجرح صومه بشيء من ذلك كما روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «الصيام جنة فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين» وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فلتقل: إني صائم، إني صائم».
نسأل الله تعالى أن يعيننا على الصيام والقيام على النحو الذي يرضيه، ويتقبله فضلاً منه ومِنَّة.