أيها السادة الكرام التواصليون أعانكم الله وسدد خطاكم – انتم تعلمون أن أول فكرة للعمل الجماعي الإسلامي للحزب مبنية على البحث عن التعاون على البر والتقوى مثل بناء أول مسجد في المدينة أسسه بناته على البر والتقوى وقد أمر جل جلاله نبيه بأن يقيم فيه ووصف له رجاله بصفات كاشفة تخصهم .
الأولى حب الطهارة ومعنى الطهارة هنا وعند كل مسلم هي أن يتمسك صاحبها بعزيمة أن لا يعمل أي عمل إلا بعد أن يعلم حكم الله فيه وينفذه فكرا وقولا وعملا.
وعند بداية تأسيس هذا الحزب عندما كان الاسم : هو الإصلاحيون فقد بدأت نواته الأولى وما تبعها في الانخراط في ذلك المسمى بداية لا يشك الناظر إليهم في عدم وجود تلك الطهارة بوصفها الكاشف فيهم رجالا ونساء وشيوخا وشبابا ، وكانوا يدركون أيضا أن التسمية بالإصلاحيين تعني المسلمين وتلك التسمية أيضا لها خصوصيتها لأن هذا الوصف هو الذي قال جل جلاله أن الله امر نبيه صلي الله عليه وسلم بأن يتبع ملته.
وكان الإصلاحيون أيضا يدركون أن التسمية بالمسلمين سبقتها أوصاف للمسلم تميزه عن غيره وهي قوله تعالى [ يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير إلى قوله وجاهدوا في الله حق جهاده ] إلى آخر الأوصاف الموصلة بالوصف بالإسلام.
وهذا الجهاد أوضحه الله للمسلم قرآنيا فقال جل جلاله [ كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون على المنكر ] وفي نفس الوقت أوضح القرآن للمسلمين كيف يقومون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال تعالى لكل مسلم [أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ] و هذا التوضيح هو الذي يفسر للمسلم قوله تعالى [ فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا ] وقوله تعالى [فاستمسك بالذي أوحي إليك].
وهذا يجعل كل مسلم يتيقن لقاء ربه بعد حياته كيف يسير على المنهج القرآني الذي هومرآة كل مسلم في الاجابة على صواب عمله أو خطئه ويوضح له الطريق في ذلك كله.
وبعد هذا التأسيس الأول باسم الإصلاحيين ووضوح الرؤية كيف العمل النقي للإسلام تحول الاسم إلى اسم ( تواصل) وهو حقيقة اختصار لاسم طويل يأتي بمصطلحات لا ضرورة لذكرها في مسميات الاسلام وذلك بعد الاعتراف بهم أو السماح لهم بالمشاركة السياسية في تسيير الحياة النظامية للدولة .
وهنا كان على الحزب قبل الانخراط في العمل أن يقف وقفة تأمل ليعرف فيها نفسه ووضعه وفكره الذي يحمل كيف يشارك به في التكلم والتحرك الخصوصي داخل المجتمع المسلم فبدل أن تشمل نظريته الفكرية في ميثاق عمله جميع ما يجب عليه التمسك به تحت كل ظرف ولكي يكون ذلك تبعا للتوجيهات الاسلامية الواسعة المرنة لتسيير المجتمع دون أي انحراف بمعنى أن يميز كيف أو متى تجب عليه الموالاة فيفعلها أو تجب عليه المعارضة فيعلنهاحسب تعاليم الاسلام فبدلا من ذلك كتب في نظريته الفكرية أن مرجعيته إسلامية اسلامية في ماذا؟ فمن تفسير المرجعية الاسلامية حقيقة أن كل عمل كما تقدم يرجع به إلى الاسلام وكان من حظ الحزب أن جميع الشعب مسلم يقبل وجهة الإسلام إذا كان واضحا إسلامها.
ولكن مع الأسف هذا العمل الخصوصي انقلب فجأة إلى تطبيق ديمقراطية الغرب موالاة ومعارضة وأصبح التواصليون هم القائدون للمعارضة طبقا لقوانين ومصطلحات الغرب فمن استمع إلى بياناته وقراراته ومواقفه ولاسيما الان وذهب معه بالمرجعية الاسلامية فلا بد أن يقول فورا ما قالته بنو إسرائيل : إن البقر تشابه علينا ، اي تشابهت الاحزاب كلها فأي موقف أو بيان للحزب عرضه على المرجعية الاسلامية يجد أن المصانع القرآنية الشارحة للمرجعية الاسلامية أصبحت كما قال المتنبي عن مغاني الشعب ولكن الفتى العربي فيها غريب الوجه واليد واللسان.
فكذلك المسلم
فمصانع كل شيء أضحت غريبة وسيكتشف عندئذ أن ما كان يخافه الرسول صلي الله عليه وسلم قد وقع وهو طبعا ليس الفقر، ولكن أن تبسط الدنيا على المسلمين فيتنافسون فيها كما تنافسوها من كان قبلهم فتهلكهم كما أهلكتهم فمع الأسف لا شك أن الهلاك بالبعدعن العمل الاسلامي قد وقع.
فمن رأى نوابا موريتانيين ذاهبين إلى سوريا الأسد القاتل عن الصداقة الموريتانية مع قتله المسلمين وتعذيبهم وتشريدهم وهم تاركون وراءهم في موريتانيا شبابا ونساء مسلمي السوريين يتكففون الموريتانيين الفقراء في حر شمس الصحراء وهم سكان الشام !
ويرى كذلك مندوب موريتانيا في الأمم المتحدة يصوت ضد قرار لصالح شعب الصين المسلم (الإكور) من رأى ذلك وحزب تواصل لا يحرك ساكنا ولا يصدر بيانا عندئذ لا بد أن ينشد ما قال الشاعر :أمربع الغصن ذا أم تلك أعلامه .... لا هو هو ولا الأيام أيامه.
والآن أضع هذا السؤال لأكتفي به في تبيين غلط انخراط التواصليون في قبول لبس نظام الديمقراطية الغربية دون توجيهها فكرا وقولا وفعلا طبقا لتعاليم الاسلام ليرى الجميع أجر عمله فى الحزب وينجو من آثام العمل بغير تعاليم الاسلام والسؤال هو : ماذا يفعل المعارض المطلق إذا قام الموالي بتصرف يتفق ولو من غير إرادة فعل يأمر به الاسلام وترفضه قوانين الحزب مثل مرجح لأصوات أقل من مثيلاتها بمرجع أوصاف الاسلام في تحديد العدالة حتى ولو بالتزوير عند ٨الديمقراطية الغربية؟ ماذا يفعل المسلم.
وخوفا أن تكون الرسالة أطول فإني أطرح هذا السؤال أيضا : فهل يمكن الآن الإصلاح في المواقف داخل نظام الدولة في تسيير نظام ديمقراطية الغرب بالعمل الاسلامي ؟
فالجواب عندي بسيط وهو أن الحزب كانت من بين لجانه –ولا أدري هل ما زالت- لجنة تسمى لجنة الحكماء وهي أهم لجنة في الحزب لمكان الحكمة في الإسلام وهذه اللجنة أظن أنها لم تفعل وهذا وقت تفعيلها ويوجد ولله الحمد بين أعضاء الحزب الكثير ممن هو صالح لهذه المهمة النبيلة فقبل انتخاب الرئيس ولو بيومين فعلى الحزب أن يستقبل لجنة حكماء تضع له طريقا سالكا إلى الحزب مع العمل بتعاليم الإسلام ولو بالاجتهاد إذا لم يكن هناك نص صريح من الإسلام بخلافه وهذا يحتم على الحزب أن لا يختار أي رئيس إلا رئيسا تتوفر فيه شروط التمسك بالعمل الذي يقبله الإسلام بأي وجه ولكن بدون أي تنازل عن ذلك.
وبذلك تكون اللجنة أخرجت الحزب من ظلمات أحزاب سياسة الدنياإلى نور الحزب الواحد لسياسة الدنيا والآخرة يقول تعالى (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) .
والطريق إلى ذلك بعد العزم عليه هو تحديد مكان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرفى تصرف الدولة وطرح برامج ورؤى مأخوذة من تعاليم الإسلام واستعمال الحكمة والموعظة الحسنة لاعتمادها لأن من يخاطب المسلم وهو يحمل النص الديني الصالح للمجتمع فقد أدى ما عليه للإسلام يقول تعالى (يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).