نص قرار المحكمة العليا الذي بين لمحكمة الاحالة احتمالات الحكم في حق المسيء ولد امخيطير

أحد, 07/14/2019 - 16:12

الجمهورية الاسلامية الموريتانية
المحكمة العليا
الغرفة الجزائية
رقم الملف 03/2014 (نواذيبو)
الطاعن: الأساتذة فاطمة أمباي نيابة عن المتهم محمد الشيخ ولد محمد ولد امخيطير
-الاستاذ محمد الامين ولد خيري نيابة عن بعض هيئات المجتمع المدني الإسلامي
-الاستاذ محمد يسلم ولد عبد الدائم نيابة عن بعض الأشخاص
المطعون ضدة: القرار رقم 34 /2016 بتاريخ 21/04 /2016 الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة الإستئناف بنواذيبو
القرار رقم 01 /2017 – تاريخه 31 /01 /2017
منطوقه: قررت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا نقض القرار رقم 34 /2016 بتاريخ 21 /04 /2016 الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف بنواذيبو، في تشكيلتها الجنائية، وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف في تشكلتها الجنائية، مشكلة تشكيلة مغايرة، لتلافي ما أخلت به سالفتها، والله الموفق
نص القرار :

بسم الله العلي العظيم
عقدت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا جلسة علنية بالقاعة الكبرى بمبني المحكمة العليا بنواكشوط يوم الثلاثاء الموافق 31 /01 /2017 وهي بالتشكيل التالي:
-المختار تولي با، رئيسا
-يسلم ولد ديدي، مستشارا
-محمد ولد سيدي مالك، مستشارا
-الإمام ولد محمد فال، مستشارا
-الداه ولد سيدي يحي، مستشارا
-وبمساعدة الأستاذ السالك ولد سيد محمد، كاتب الضبط الأول بالغرفة، كاتبا للجلسة
-وبحضور القاضي عبد الله ولد أندكجلي، نائب المدعي العام لدى هذه المحكمة، ممثلا للنيابة العامة
وذلك للنظر في بعذ القضايا المطعون فيها بالنقض أمام هذه الغرفة والتي من بينها: الطعن بالنقض ضد القرار رقم 34 /2016 بتاريخ 21 /04 /2016، الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة الإستئناف بنواذيبو ، وفي هذه الجلسة صدر القرار التالي:
الأجراءات
بتاريخ 24 /12 /2014 أصدرت المحكمة الجنائية بنواذيبو حكمها ذا الرقم 71 /2014 القاضي بإدانة المتهم محمد الشيخ ولد محمد ولد أمخيطير بارتكاب جريمتي الإستهزاء بالرسول محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم، والزندقة، وعقوبته بالاعدام حدا
وبتاريخ 21 /04 /2016 اصدرت الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف بنواذيبو القرار ذا الرقم 24 /2016 القاضي بقبول الاستئناف شكلا، وفي الأصل إدانة المتهم محمد الشيخ ولد محمد ولد أمخيطير بارتكاب جريمة الردة، وفق المادة 306 من ق ج الموريتاني، والحكم عليه بالقتل كفرا، وباحالة ملفه الى المحكمة العليا بواسطة النيابة العامة للنظر في صدق توبته المعلنة أمام هذه المحكمة
وبتاريخ 28 /04 /2016 تم الطعن بالنقض في هذا القرار من طرف الأستاذ محمد الامين ولد خيري نيابة عن بعض هيئات المجتمع المدني الإسلامي، والطعن خاص بالحيثية المتعلقة بإحالة القضية على المحكمة العليا من أجل التحقق من توبة المتهم، كما تم الطعن بالنقض في القرار المذكور بتاريخ 02 /05 /2016 من طرف الأستاذة فاطمة امباي نيابة عن موكلها محمد الشيخ ولد محمد ولد امخيطير، مبينة أنه ينصب على الحيثية المتعلقة بالحكم عليه بالقتل كفرا، إضافة إلى طعن بالنقض مقدم بتاريخ 03 /05 /2016 من طرف الاستاذ محمد يسلم ولد عبد الدايم نيابة عن الطرف المدني، وطعنه شامل لجميع حيثيات القرار، الكل بموجب محاضر الطعن بالنقض ذات الأرقام على التوالي، 06، 10، 11 /2016 الصادرة عن كتابة ضبط الغرفة الجزائية-مصدرة القرار-
وبتاريخ 15 /11 /2016 تم نشر القضية أمام هذه الغرفة بحضور ممثل النيابة العامة ومحامي المتهم، ومحاميي الأطراف المدنية، وبعد تلاوة المستشار المقرر القاضي الامام ولد محمد فال لتقريره في القضية، وبعض أن سمح للمحامين الممثلين للأطراف لتقديم ملاحظاتهم على التقرير، والاستماع الى طلبات النيابة العامة، المكتوبة بتاريخ 20 /10 /2016 المتمثلة في طلب البت في الطعون المقدمة ضد القرار 34 /2016 ورفضها كلها، وتأكيد القرار المطعون فيه لتأسيسه من حيث الواقع والقانون، تم حجز القضية بالمداولة إلى الجلسة المنعقدة بتاريخ 30 /12 /2016 التي تم تمديد المداولة فيها، ليتم النطق بتاريخ31 /01 /2017، بالقرار رقم 01 /2017 وهو ماتم بالفعل.

من حيث الشكل:

- حيث تقدمت الاستاذة فاطمة امباي لصالح موكلها ولد امخيطير بطعن بالنقض بتاريخ 02 /05 /2016 وأشفعته بمذكرة بأسباب النقض بتاريخ 13 /06 /2016 إثر اشعارها بتحرير القرار بتاريخ 26 /05 /2016 وبذا تكون واردة في الأجل وموكلها معفي قانونا من تسديد الغرامة، ما يكون معه الطعن بالنقض المقدم من طرفها مقبولا شكلا
-حيث إن الطعن المقدم من طرف الاستاذ محمد ولد خيري باسم التجمع الثقافي الاسلامي، على الرغم من تقديمه في الاجل بتاريخ 28 /04 /2016 مصحوبا بوصل غرامة إلا انه لم يقدم مذكرة ما يكون معه الطعن مرفوضا شكلا.
كذلك فقد قدم الأستاذ محمد يسلم ولد عبد الدايم طعنه في أجله، بتاريخ 03 /05 /2016، وقدم مذكرة بتاريخ 14 /11 /2016 مصحوبة بوصل غرامة، مايكون معه طعنه -إزاء عدم ثبوت تسلمه للقرار المطعون فيه، إذ لم يحمل المحضر توقيعه- مقبولا شكلا.

مذكرات الاطراف:

أ-دفاع المتهم:
تقدمت الاستاذة فاطمة امباي نيابة عن المتهم، بمذكرة طعن بالنقض أودعتها لدى كتابة ضبط الغرفة الجزائية- مصدرة القرار- بتاريخ 13 /07 /2016 وقد جاء فيها ما ملخصه:
-أنه من حيث الوقائع: فإن موكلها كتب مقالا على صفحته في الفيس بوك، يطرح اشكالات غير مفهومة منه كشخص بسيط، وأنه لسوء الحظ استقبل مقاله على أن فيه عبارات تشير إلى التشكيك في عدالة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال سرد أحداث.
-أنه من حيث الاجراءات فإن موكلها، اعترف بأنه هو الكاتب للمقال، وانه لاينوي الاساءة لسيد الخلق، بل قصده هو تبيان الفهم الناقص عند البعض، وأنه أراد التفرقة بين الدين والتدين.
-وأن موكلها، كتب بعد ثلاثة أيام من كتابة المقال الأول مقالا آخر، لتوضيح ما أراد تبيانه، وندمه على ما صدر من سوء فهم، من لدن الجمهور، مؤكدا فيه انه “لم يسئ في ما مضى عن قصد او غير قصد للرسول صلى الله عليه وسلم ولن يفعل مستقبلا، وأنه لا يؤمن أن في هذا العالم من هو اكثر منه احتراما له صلى الله عليه وسلم”، وأن نص المادة 306 من ق ج صريحة “بالحبس ثلاثة أيام يستتاب أثناءها”، وقد صرح المتهم امام الشرطة، وأمام قاضي التحقيق بالتوبة، وهو تصريح صريح وواضح، لا يمكن أن يكون مثار شك، فيتعين لذلك تطبيق العقوبة التعزيرية، بدل الاعدام في حال تاب المتهم في أجل ثلاثة أيام
-وأنه لامجال للجوء إلى تطبيق المادة 449 من  ق ج، في حالة وجود نص المادة 306 من نفس القانون، إذ أن تنزيلها يعتبر تطبيقا لعقوبة غير منصوص عليها، ودور القضاء منحصر في تطبيق القانون
وأن حكم المحكمة الجنائية بنواذيبو لم يطبق المادة 306 تطبيقا سليما، حيث أدان المتهم بالاعدام حدا بسبب جريمتي الاستهزاء والزندقة، كما أن قرار الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف بنواذيبو، أعاد تكييف القضية إلى جريمة الردة، والحكم بالقتل كفرا، واحالة الملف إلى المحكمة العليا، وهذا فيه تناقض بين النص والعقوبة
وتأسيسا على ما سبق طلبت تبرئة المتهم محمد الشيخ ولد محمد ولد امخيطير، عملا بالمادة 306 بجميع فقراتها
ب-دفاع الطرف المدني:
أثارت المذكرة مسألة عدم سلامة تغيير الوصف الجزائي، وقصور التسبيب، ثم ما أسمته قصور التعليل، وتحت هذا العنوان الأخير أثار مسائل من بينها، ان الجميع يتوق إلى حكم المحكمة لتطبيق شرع الله، وأنهم كمحامين يفتخرون بين زملائهم بالنصرة، وليتحدث عن أحداث مماثلة وقعت منذ سنوات، ليخلص بعد أن سرد شعرا لحسان بن ثابت رضي الله عنه، إلى طلب قبول الطعن شكلا وأصلا ونقض القرار.

المحكمة:
حيث درست المحكمة الملف، وتداولت فيه طبقا للقانون، وتبين لها ما يلي:
نظرا إلى أن القانون الجنائي الموريتاني مستقى من الشريعة الاسلامية، وقد تم تحريره سنة 1983 من طرف لجنة من الفقهاء، والقضاة من بينهم: بداه بن البوصيري، محمد يحي بن الشيخ الحسين، محمد سالم بن عبد الودود، محفوظ بن لمرابط رحمهم الله، تنفيذا للسياسة الرامية لتقنين الفقه الاسلامي.
ونظرا إلى أنه ختم بجملة مواد من بينها المادة 449 التي بينت أن جميع القضايا التي لم تنظم بهذا القانون تبقى خاضعة لمقتضيات الشريعة الاسلامية (بعموم اللفظ)ـ، ولم تقتصر على المذهب المالكي تحديدا وتخصيصا، خلافا لقانون الالتزامات والعقود المدني الذي نص في المادة 1179 منه على الرجوع إلى المذهب المالكي فيما لم ينص عليه فيه.
ونظرا إلى أن القاضي ملزم بما قنن من الفقه، وليس له طرحه جانبا والعدول عنه لفقه غيره اجتهادا أو اتباعا
ونظرا إلى أن المحكمة العليا استندت في سوابق قراراتها لتأصيل رفض الطعن شكلا، -إضافة إلى نص القانون-على ماورد في تبصرة ابن فرحون من ان: عموم الولايات وخصوصا مايستفيده المولى منها يتلقى من الالفاظ والاحوال والعرف
ونظرا إلى أن الطعن الذي قدمته الاستاذة فاطمة امباي باسم موكلها ولد أمخيطير، تضمنت مذكرتها بعد بيان الشكل عنوانين فقط هما الوقائع والاجراءات، لتخلص إلى طلب براءة موكلها من طرف هذه المحكمة، ما تكون معه المذكرة على هذا النحو لم تحدد سبب النقض طبقا للمادة 545 من ق ا ج ، بل ولم تذكر هذه المادة مطلقا، وعوضا عن أن تطلب النقض، طلبت فقط الحكم بتبرئة موكلتها، ومعلوم أن هذا الطلب لاتبت فيه المحكمة العليا، بالنظر إلى أنها محكمة قانون، ما يكون معه الطعن غير مؤهل للبت فيه من حيث الأصل، ليكون مآله الرفض
وحيث إن الطعن المقدم من طرف الاستاذ محمد يسلم ولد عبد الدايم أشار إلى الخطأ في تطبيق القانون، والى قصور التسبيب، دون أن يأتي بشيء يدعم ذلك، مركزا على بعض الوقائع، مايكون معه طعنه كذلك غير مؤسس، وبالتالي يتعين رفضه
ونظرا إلى انه إزاء مآل هذه الطعون الثلاثة، فقد أثارت المحكمة  العليا من تلقاء نفسها أوجه النقض ، تأسيسا على الفقرة الأخيرة من المادة 545 من ق ا ج، التي تنص على أنه: (يجوز للمحكمة العليا أن تثير من تلقاء نفسها أوجه الطعن بالنقض)
حول السبب المأخوذ من قصور التسبيب طبقا للبند الرابع من المادة 545 من ق ا ج:
حيث إتسم القرار بقصور في التسبيب، وتفصيل ذلك:
-من حيث الطرفية في الدعوى:
بت القرار بشأن طلبات أشخاص اعتبرهم أطرافا مدنية، ردا على دفع أولي أثاره دفاع المتهم، وإذ هو إعتبرهم حائزين لتلك الصفة، معللا ذلك بأن محكمة الأصل لم تنف عنهم الصفة، وانما صرفت النظر عن طلبات التعويض لعدم تحديدها من جهة، وأنهم هم من قاموا بالشكوى من المتهم من جهة أخرى، فقد قصر في تسبيب صفتهم القانونية كطرف مدني حائز على خصوصية الدفاع عن جناب الرسول صلى الله عليه وسلم وعرضه، والمطالبة بحقه في دولة مسلمة، إذ هو حق المسلمين جميعا، ويقع على عاتق الدولة حماية مقدسات المجتمع، وقد أناط القانون بالنيابة العامة تحريك الدعوى العمومية باسمه ولمصلحته، وإذ هي أبلغت بالوقائع وحركت الدعوى العمومية، حماية لمقدسات المجتمع، فهل تبقى ثمة للمبلغ –بكسر اللام- بعد ذلك من صفة كطرف مدني بعد هذه الدعوى؟
-من حيث تكييف التهمة:
حيث تنص المادة 306 من ق ج في فقراتها الثانية والسادسة، على ان: (كل من ارتكب فعلا مخلا بالحياء والقيم الإنسانية أو انتهك حرمة من حرمات الله أو ساعد على ذلك، ولم يكن هذا الفعل داخلا في جرائم الحدود والقصاص أو الدية يعاقب تعزيزا بالحبس من ثلاث أشهر إلى سنتين وبغرامة من 5000 أو قية إلى 60000 أوقية، 
كل مسلم ذكرا كان أو أنثى ارتد عن الإسلام صراحة، أو قال أو فعل ما يقتضي أو يتضمن ذلك، أو أنكر ما علم من الدين ضرورة، أو أستهزء بالله أو ملائكته أو كتبه أو أنبيائه يحبس ثلاثة أيام، يستتاب أثناءها، فإن لم يتب حكم عليه بالقتل كفرا وآل ماله إلى بيت مال المسلمين، وإن تاب قبل تنفيذ الحكم عليه رفعت قضيته بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا.، وبتحقق هذه الأخيرة من صدق التوبة تقرر بواسطة قرار سقوط الحد عنه وإعادة ماله إليه.،
 وفي جميع الحالات التي يدرأ فيه الحد عن المتهم بالردة يمكن الحكم عليه بالعقوبات التعزيرية، المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة.، 
كل شخص يظهر الاسلام ويسر الكفر يعتبر زنديقا يعاقب بالقتل متى عثر عليه بدون استتابة ولاتقبل توبته إلا إذا أعلنها قبل الاطلاع على زندقته)

وحيث عرفت هذه المادة الزندقة بشكل لا لبس فيه بأنها إظهار الاسلام واسرار الكفر، أما الردة فقد عرفتها بأنها ارتداد المسلم عن الاسلام صراحة، مع تعداد مسائل أخرى اعتبرتها في حكمها من حيث قبول التوبة والعقوبة
وحيث إن الجريمتين تتحدان في كون المعاقب فيهما هو الكفر، وتختلفان في أن شخص المعاقب في الزندقة هو شخص غير مسلم يظهر اسلاما مزيفا، أما الشخص المعاقب في الردة فهو مسلم أعلن بمحض ارادته رجوعه عن الاسلام، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الفعل الجرمي في الزندقة، متستر عليه لممارسته خفاء، ولا يمكن أن يكون إلا بهذه الصفة، أما في الردة فلا يكون إلا بالتصريح به علنا، ومن ثم فالزندقة بهذا الوصف يفترض أن تكون إضطرادا تلبسية ويشهد لذلك قول المشرع: (متى عثر عليه)، ومن ثم يكون القرار قد قصر في تنزيل هذه الأوصاف القانونية على الوقائع ليتبين ما إذا كانت علنية، أو متسترا عليها
وحيث قصر كذلك في تسبيبه للوقائع بأنها ردة قبل أن يعرف المصطلحات القانونية وتحديدا مصطلح (استهزأ) بالانبياء، الوارد في المادة 306 المذكورة، ليبين ما إن كان منطبقا انطباقا جامعا مانعا، على كل قول أو تلميح ذي طابع تنقيصي، أم هو ليس كذلك، وهذا يتطلب إعمال التعريف اللغوي للكلمة، ومرد ذلك أن ثمة –بالنظر الى أن مرجعية النص القانوني الذي ورد فيه مستقاة أساسا من الفقه الإسلامي- مصطلحا آخر ألا وهو (الإيذاء) الذي يحيل في بعض معانيه إلى السب، فلإن كانت قد وردت في القرآن الكريم (“إنا كفيناك المستهزئين” ، “قل أبالله وآياته ورسله كنتم تستهزئون”)، فقد وردت فيه كذلك(” ومنهم الذين يوذون النبي”، ” والذين يوذون رسول الله لهم عذاب اليم”)، ما يتطلب الرجوع إلى تفسير الآيات القرآنية لتنجلي دلالة المصطلحات
فإن تبين للمحكمة لدى استنطاق الوقائع الانطباق الجامع المانع لمصطلح “الاستهزاء” على كل قول أو فعل تنقيصي، أو شموله بغض النظر عن ذلك للأقوال المنسوبة للمتهم في المقال المعترف بكتابته، طبقت المادة 306 في فقرتها الثانية على النحو المبين فيها بشأن الردة توبة وعقوبة، وإلا خلصت إلى تكييف آخر بما في ذلك الرجوع –إن كان لذلك داع- إلى نص المادة 449، من القانون الجنائي، التي تنص كما بين سابقا إلى الرجوع إلى مقتضيات الشريعة الاسلامية فيما لم ينص عليه في هذا القانون
وبالنظر للمرجعية الفقهية الاسلامية للنصوص يجدر بسط بعض القول بخصوص بعض الآراء الفقهية المرتبطة بالنازلة، ما يقتضي التطرق على وجه الخصوص بالردة والسب، وما يتعلق بهما من أحكام يتعين على محكمة الإحالة البت على أساسها، إن اقتضى الأمر منها الرجوع إلى مقتضيات الشريعة الإسلامية حين لاتسعفها النصوص القانونية المدونة، وخصوصا المادة 306 المشار اليها آنفا
وحيث إن الردة حسب المشهور في تعريفها فقها هي: كفر بعد اسلام تقرر، وهي تشمل كل قول صريح أو ملوح به، أو عمل يفيد التكذيب بكل أو بعض ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرع
وحيث اختلفت المذاهب الأربعة بخصوص حكم استتابة المرتد، بين قائل باستحبابها، وقائل بوجوبها، واستند القائلون باستحبابها إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المروي عنه من بدل دينه فاقتلوه، ولم يذكر الاستتابة، واستند القائلون بوجوب الاستتابة، لما رواه الدارقطني من أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن امرأة تدعى أم مروان قد ارتدت عن الاسلام، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستتاب، وأن تقتل إن لم تتب.
كما استدلوا بما ورد في الموطأ من حديث عبد القارئ عن أبيه، أن رجلا قدم على عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، فقال هل من خبر، قال نعم، قال رجل كفر بعد إسلامه، فقال مافعلتم به، قال قربناه فضربنا عنقه، فقال عمر رضي الله عنه: هلا حبستموه ثلاثا، فأطعمتموه كل يوم رغيفا، واستتبتموه لعله ينوب أو يراجع أمر الله، اللهم إني لم أحضر، ولم آمر، ولم أرض إذ بلغني
حيث إنه وإن كان الراجح والمشهور هو وجوب استتابة المرتد، إلا أن الخلاف ظهر –إستثناء من هذا الحكم العام- بشأن استتابة ساب الرسول صلى الله عليه وسلم، بل والرسل جميعا، فقالت طائفة من الفقهاء بأنه يقتل بلا استتابة ردة، وإن تاب فإن توبته تكون بينه وبين الله، ولاتمنعه من الحكم عليه بالقتل حدا، فحد سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل، كما أن للقتل والزنى حدا، وبهذا قال المالكية والحنابلة على المشهور من مذهبيهما، ومما استدلوا به مارواه جابر رضي الله عنه من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال من لي بكعب ابن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله، فقام محمد ابن مسلمة، فقال يارسول الله أتحب أن أقتله؟ قال نعم…. الى آخر الحديث.
وقال طائفة ثانية بأن المسلم الساب لله أو رسله إن تاب لم يقتل وإنما يعزر بما يراه الإمام وإن لم ينب قتل، وهذا القول هو المشهور عند الشافعية، والمعتمد عند أبي حنيفة والأحناف، وفي رواية عن مالك وأحمد، وينقل مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما  قوله: أيما مسلم سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو سب أحدا من الانبياء فقد كذب برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي ردة، يستتاب فإن رجع، وإلا قتل.
ويورد ابن القيم الجوزية في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد، أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لأبي برزة الأسلمي وقد أراد قتل من سب الرسول صلى الله عليه وسلم: ليس هذا لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويستطرد في نفس الكتاب كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك من قدح في عدله بقوله: إعدل فإنك لم تعدل، وفي حكمه بقوله: أأن كان ابن عمتك ، وفي قصده بقوله: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وفي خلوته بقوله: يقولون إنك تنهى عن الغي وتستخلي به، وغير ذلك، فذلك أن الحق له، فله أن يستوفيه، وله أن يتركه، وليس لأمته استيفاء حقه
وأيضا فإنه كان صلى الله عليه وسلم يعفو عن حقه لمصلحة التأليف وجمع الكلمة، ولئلا يتحدث بأنه يقتل أصحابه، وكل هذا يختص بحياته.
وحيث غلب العلامة محمد الأمين الجكني الشنقيطي الملقب آبه ولد أخطور القول القائل باستتابة الزنديق في كتابه دفع الاضطراب عن آي الكتاب، مستندا في ذلك على أن أحكام الدنيا على الظاهر، والله يتولى السرائر، حين يقول:(والذي يظهر أن أدلة القائلين بأدلته أظهر وأقوى، لقوله صلى الله عليه وسلم لأسامة رضي الله عنه “هلا شققت عن قلبه”، وقوله للذي ساره في قتل رجل قال: أليس يصلي؟ قال بلى، قال أولائك الذين نهيت عن قتلهم، “وقوله لخالد رضي الله عنه لما استأذنه في قتل الذي أنكر القسمة: إني لم أومر بأن أنقب عن قلوب الناس” وهذه الأحاديث في الصحيح، ويدل لذلك إجماعهم على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر)، وفي نفس السياق يستطرد ليورد وفي نفس الكتب مسألة قبول توبة أحد المسيئين لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: إن مخشن ابن حمير رضي الله عنه كان من المنافقين الذين أنزل الله تعالى فيهم قوله: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)، فتاب إلى الله بإخلاص، فتاب الله عليه، وأنزل الله فيه: (إن يعف عن طائفة منكم تعذب طائفة)، وقد ذكر غير واحد من المفسرين قبول توبته، ومنهم العلامة محمد اليدالي في تفسيره لهذه الآية في كتابه (الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز)،
 وينقل الصابوني في كتابه صفوة التفاسير تفسير الطبري لهذه الآية إذ يقول ما نصه: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في غزوته إلى تبوك وبين يديه ناس من المنافقين، فقالوا إنظروا إلى هذا الرجل يريد أن يفتح قصور الشام وحصونها، هيهات هيهات !! فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قلتم كذا وكذا، فقالوا يانبي الله إنما كنا نخوض ونلعب، فنزلت: ” قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون”، أي قل لهؤلاء المنافقين: أتستهزؤون بدين الله وشرعه وكتابه ورسوله؟ والاستفهام للتوبيخ، ثم كشف الله تعالى أمرهم، وفضح حالهم، فقال: (لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)، أي لا تعتذروا بتلك الأيمان الكاذبة فإنها لا تنفعكم بعد ظهور أمركم، فقد أظهرتم الكفر بإيذاء الرسول بعد إظهاركم الإيمان (إن يعف عن طائفة منكم)، أي إن نعف عن فريق منكم لتوبتهم وإخلاصهم (نعذب طائفة منكم بأنهم كانوا مجرمين ) ، أي نعذب فريقا آخر لأنهم أصروا على النفاق
وحيث يستظهر القائلون بهذه الحادثة المبينة بهذه الآيات تدليلا على قبول توبة بعض أولائك الذين استهزأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم دنيا وأخرى حين أخلصوا لله، بل ويقولون بأن أولائك الذين لم يخلصوا التوبة لم يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل أي واحد منهم، رغم أن القرءان كشف زيف أيمانهم، وأنهم بذلك القول كفروا بعد إيمانهم، وزيادة في التدليل يوردون أن الرسول صلى الله عليه وسلم وبمناسبة أخرى لم يقتل ابن سلول رغم قوله: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)
وممن قال من المالكية بعدم قبول توبة الساب خليل ابن اسحاق في مختصره بقوله: (وإن سب نبيا..إلى أن يقول: قتل ولم يستتب)، والقاضي عياض في كتابه الشفا وغيرهما، بينما نقل بعض فقهاء المذهب قولا آخر عن مالك بقبول توبته –يساوي الدرديري في كتابه أقرب المسالك في فقه مالك بين سب الأنبياء عليهم السلام وغيره من موجبات الردة من حيث قبول التوبة بقوله (الردة كفر مسلم بصريح أو قول يقتضيه أو فعل يتضمنه كإلقاء مصحف….. إلى أن يقول: أو جوز اكتساب نبوة أو سب نبيا أو عرض أو الحق به نقصا، إن ببدنه أو فور علمه أو زهده وفصلت الشهادة فيه يستتاب ثلاثة أيام من يوم الحكم بلا جوع وعطش ومعاقبة، فإن تاب وإلا قتل)
-يقول الإمام ابن جزيء في كتابه القوانين الفقهية: (وأما من سب الله تعالى أو أحدا من الملائكة أو الأنبياء عليهم السلام، فإن كان مسلما قتل إتفاقا، وأختلف هل يستتاب، فعلى القول بالاستتابة تسقط عنه العقوبة إذا تاب وفاقا لهما، وعلى عدم الاستتابة وهو المشهور لاتسقط عنه بالتوبة كالحدود.. انتهى كلامه)
والمراد بقوله: (اختلف هل يستتاب) يعني اختلف في المذهب المالكي لأن ذلك هو مراده باختلف في مصطلحه، وقوله (فعلى القول بالاستتابة) يعني القول بما في المذهب المالكي تسقط عنه العقوبة إذا تاب، أما قوله (وفاقا لهما) فيعني أباحنيفة والشافعي لأنهما مراده بضمير الإثنين في مصطلحه، ويعني بقوله (وهو المشهور) المذهب المالكي
ومقابل هذا المشهور قال فيه القاضي عياض في كتابه الشفا ما نصه: (وقد روى الوليد ابن مسلم عن مالك والاوزاعي أنها ردة فإن تاب نكل به، ولمالك في العتبية وكتاب محمد-يعني ابن المواز- من رواية أشهب: إذا تاب المرتد- يعني بالسب- فلاعقوبة عليه)
ويقول العلامة الملا علي القاري الحنفي في شرحه لكتاب عياض المسمى بالشفا معلقا على قول مالك في العتبية وقوله في كتاب محمد ابن مواز مانصه: (وهو الموافق لقول السلف والخلف لقوله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف)، ثم قال العلامة الملا علي القاري كذلك معلقا على قول عياض: (لأنه حد وجب لاتسقطه التوبة كسائر الحدود)، مانصه : (من الزنا وقتل النفس اتفاقا، وفيه أنه قياس مع الفارق لأن هذه الحدود عامة ثابتة بالكتاب والسنة، وأما إن كفقر بسبب سب ثم تاب، فلا يعرف له حد في هذا الكتاب إذ كثير ممن ارتد عن الاسلام بهجائه عليه الصلاة والسلام، ثم تاب قبلت منه توبته، ورفعت عنه ردته، هذا وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أن الاسلام يجب ما قبله، وهو يشمل السابق اللاحق)
وورد في حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل مالفظه: (وقد كتب العلامة الثقة الحافظ أبو العباس علي قول المصنف هنا: (قتل ولم يستتب) ما نصه: إذا أردت تحرير هذا الفرع فعليك بأواخر تأليف الإمام ابن حجر الهيثمي المسمى الإعلام بقواطع الإسلام، فقد نقل حجج المالكية في عدم قبول توبة الساب فاعترضها كلها، ورجح مذهب الشافعية بقبول توبته قائلا: ومانسبه صاحب الشفا للشافعية مما يخالف ذلك غلط، إنما هي قولة مرجوحة فيمن سبه بصيغة القذف، وأردف الرهوني قائلا: وفيه دليل على أنه-يعني أبا العباس-ارتضى كلام ابن حجر والله أعلم)، ويؤخذ من هذا أن ابا العباس الملوي المالكي، والعلامة الرهوني فضلا ترجيح ما رجحه ابن حجر الهيثمي
أورد العلامة محمد سالم بن عبد الودود في كتابه الناظم والشارح لمختصر خليل (التسهيل والتكميل) بعد أن أتى على ذكر المشهور من المذهب المالكي بخصوص السب، قولين لكل من المخزومي وابن أبي حازم، بعدم قتل المسلم بالسب حتى يستتاب
وحيث إن هذا الخلاف البين بين المذاهب الأربعة، بل والخلاف بين فقهاء المذهب الواحد على النحو المبين في المذهب المالكي يكشف عن عدم وجود إجماع أو مايقرب منه بشأنه قبول توبة الساب، فإذا كان القاضي عياض المالكي يرى بأن القول القائل بعدم قبول التوبة هو رأي الجمهور، فإن الملا علي القاري الحنفي يرى خلافا لذلك أن الجمهور على الرأي الآخر القائل بقبول التوبة
وحيث إنه يتعين على محكمة الإحالة –إذا لم يكن لتطبيق المادة 306 من ق ج من سبيل واستندت على المادة 449 من نفس القانون الآنف ذكرها- أن تقوم بالآتي:
-مقارنة الأدلة الفقهية المستقاة من الكتاب والسنة، وللإشادة يرى جمع من العلماء تقديم الراجح على المشهور إن عارضه ومنهم العلامة محمد مولود بن احمد فال الموسوي اليعقوبي بقوله في كتابة الكفاف:
إن عارض المشهور راجح وجب     بالراجح العمل وفق مانسب
لمقتضى أئمة الفقه الغرر     وعلما الأصول في نور البصر
-النظر فيما إن كان لإعمال قاعدة تحقيق المناط بفقه الواقع محل، ويعرف الشيخ عبد الله ابن بية في كتابه تنبيه المراجع على فقه الواقع هذه القاعدة بأنها: (تجديد أو تحديث أو تحيين للفقه والتحيين يعني مراجعة العديد من الأحكام على مر التاريخ لتلائم الزمان)، وفي هذا السياق يسوق مثلا بأن المالكية جددوا تحت قاعدة (جريان العمل) مئات المسائل فعدلوا عن المشهور والراجح إلى القول الضعيف بناء على مصلحة زمنية وتغييرات في الزمان والمكان
ويذكر ابن بية أن الرسول صلى الله عليه وسلم طبق هذه القاعدة حين منع قتل من طعن في عدالته بقوله: (لايتحدث أن محمدا يقتل أصحابه)، ثم يستطرد ابن بية مبينا العلة بقوله في نفس الكتاب (قلت: ذلك أن قتلهم منفر من الدين ومؤثر في الجماعة…انتهى كلامه)
 
حول السبب المأخوذ من مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه طبقا للبند السابع من المادة 545 من ق ا ج
حيث أحالت مصدرة القرار المطعون فيه –بعد أن أدانت المتهم بجريمة الردة وقتله كفرا- بواسطة النيابة العامة إلى المحكمة العليا كي تقرر بشأن قبول توبته كل ذلك تطبيقا لنص المادة 306 من ق ج حسب قرارها
حيث إن المحكمة بإحالة النظر بشأن التوبة إلى المحكمة العليا تأسيسا على المادة 306 من ق ج ، قد أخطأت لذلك في تطبيق هذه المادة، ذلك أن الإحالة بشأن التوبة لاتدخل في سلطتها، وإنما تكون للنيابة العامة وحدها، في حالة توبة مدان بالردة، بموجب حكم نهائي لم يبق من مجال للطعن فيه، إذ على النيابة العامة إن هو تاب في هذه المرحلة قبل تنفيذ الحكم، أن تطلب من المحكمة العليا التحقق من صدق توبته إذ هي مظنة الكذب لأن المتهم لم يتب إلا في مرحلة متأخرة لم تعد القضية فيها منشورة أمام أي محكمة
ويؤكد ذلك أن المحكمة العليا ستتصدى للأصل (خلافا لإختصاصها الأصيل كمحكمة قانون)، إذ عليها طبقا للمادة 306 أن تصدر –إن هي تحققت من صدق التوبة- قرارا بسقوط الحد عن المحكوم عليه وإعادة ماله إليه، كما لها أن تحكم عليه بعقوبة تعزيرية وهذه المسائل من جملة اختصاص محاكم الموضوع عادة
وحيث يكون القرار لهذا كله حريا بالنقض مايقتضي الغائه وإحالة القضية على تشكلة مغايرة لتحكم طبقا للتوجيهات المبينة آنفا
لهذه الأسباب
وعملا بقوله تعالى: (ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة)
وعملا بالمادتين 306، 449 من القانون الجنائي، والمادة 545 من قانون الإجراءات الجنائية
منطوق القرار
 
قررت الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا نقض القرار رقم 34/2016 بتاريخ 21/04/2016 الصادر عن الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف بنواذيبو، في تشكيلتها الجنائية، وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف في تشكلتها الجنائية، مشكلة تشكيلة مغايرة، لتلافي ما أخلت به سالفتها، والله الموفق
الرئيس                              المقرر                         كاتب الضبط الأول