تنتشر في بلادنا خلال ليالي رمضان ظاهرة السمر الجماعي الطويل بالمنازل و”أسواق ومتاجر النساء” والساحات العمومية القليلة والشوارع الكبيرة المضيئة و”الفَضَاءَاتِ الزًرْقَاءِ” والمقاهي الشبابية سريعة الانتشار “المدرة لعلامات الاستفهام و الاستفسار”… حتي يًخيل إليك في بعض الأحيان عندما تتجول ببعض أحياء نواكشوط ساعات بعد منتصف الليل أنك في ذروة أوقات “الإِحْتِبَاسِ المُرُورِي” بيوم عملٍ مشهود ومجموع له الناس من كل حدب وصوب.!
والغالب علي “حشود السمر الجماعي” تلك -إلا ما رحم ووفق ربك- هو تبادل الأحاديث والتعاليق وصناعة الأخبار وتحليلها وتشريحها و”تَخْصِيبهَا” و”أكل لحوم الأموات”… بالإضافة إلى ممارسة صنوف الألعاب المُهلكة للوقت بما لا يتناغم غالبا مع مقاصد شهر رمضان الذي هو فرصة زمنية ينبغي أن لا تضيع منها دقيقة واحدة إلا في السعي إلي “إنتاج” القُرُبَاتِ والأعمال الصالحة ابتغاء “بيعها” في “سوقٍ استثنائي” البضاعةُ فيها بعشرة أمثالها.”!
وغير خاف ما لعادات السمر الجماعي الطويل برمضان من مضار منها أن السامرين برمضان لا يداعب الكري جفونهم إلا ساعة أو ساعتين قبل الفجر وهو ما يُفَوِتُ عليهم غالبا فرصة صلاة التهجد وسانحة صلاة الفجر في وقتها وفضيلة أداء أذكار الصباح بل إن البعض من أولائك السامرين وأكثرهم -الشباب والغَاوُونَ من الجنسين- يجعل من كامل نهار رمضان نوما ولِبَاسًا ومن غالب ليله لهوا ولعبا…!
ومن أبشع وأشنع سلبيات السمر الرمضاني الطويل التأثيرُ نَقْصًا وخَصْمًا من الإنتاجية الفنية والإدارية للحرفيين والموظفين برمضان إذ “تُصَفًدُ” في رمضان غالبا كل الورشات الفنية والعملية المهمة بينما المُثْبَتُ علميا والمُجَرًبُ عمليا أن “الصائم المثالي” الذي يَتًبِعُ “الوصفة الرمضانية السليمة” حِمْيَةً ونوما وعبادة يُضيف قوة روحية إلي قوته البدنية فيكون أكثر نشاطا وعطاء وتضحية وإنتاجا…!
واستثناء من مشهد نقص الإنتاجية الإدارية برمضان أسجل هنا مستديم إعجابي بالقاضي بالمحكمة العليا يسلم ولد الديدي المجمع مهنيا ووطنيا علي كفاءته واستقامته وورعه وعبادته حين أجابني هاتفيا قبل أيام لما طلبت منه موعد لقاء بالمكتب قائلا بأنه يداوم بمكتبه من الثامنة صباحا إلي الخامسة مساء و”لسان حال دوامه الرمضاني” قائل بأن “عبادته المثالية برمضان” أمدته قوة إلي قوته فمكنته من أدائه واجبه المهني من غير كَسَلاَنِ ولا نقصان.
وبما أننا في العشر الأواسط و نتهيأ للعشر الأواخر من رمضان و تفاديا لتضييع “الفرصة الرمضانية السنوية” ولأن أغلب الموريتانيين أضحوا “مدمنين” علي “الحشود السمرية” المخصصة لتبادل “الطوارئ” والأخبار” والمراء حول “الفَوَائِتِ والتًارِيخِيًاتِ” فلأكونن أول المناصرين لفقيه مقاصدي مجدد يجد متكأ من الشرع يَرْمِي به حَجَرًا في بُحَيْرَةِ “التراث الرمضاني المحلي” فيعتبر الإمساك عن شهوة اللسان بهذا “القطر البرزخي” طيلة نهار وليل الشهر الفضيل بمنزلة الإمساك عن شهوتي البطن والفرج.!